213 قتيلاً بـ «تفجير الكرادة»... والحكومة تعدم إرهابيين

● سحب أجهزة كشف عن المتفجرات يعتقد أنها مغشوشة
●العبادي يوافق على إشراك متطوعين في حماية مناطقهم

نشر في 05-07-2016
آخر تحديث 05-07-2016 | 00:05
لا يزال العراق تحت تأثير الصدمة مع ارتفاع عدد قتلى تفجير الكرادة إلى 213، في وقت أعلنت الحكومة نيتها تنفيذ حكم الإعدام بحق إرهابيين محكومين به، رداً على الهجوم الدموي الأقوى منذ سنوات. يأتي ذلك في وقت أعلن رئيس الحكومة إجراءات فورية تضمنت سحب أجهزة للكشف عن المتفجرات يعتقد أنها مغشوشة، إضافة إلى الموافقة على نوع من الأمن الذاتي.
ارتفعت حصيلة التفجير الإرهابي، الذي تبناه "داعش" واستهدف شارعاً مكتظاً في منطقة الكرادة وسط بغداد، إلى 213 قتيلا، وأكثر من 300 مصاب، بينهم حالات حرجة.

ودخل العراق، أمس، في حداد وطني يستمر ثلاثة أيام على أرواح ضحايا التفجير الإرهابي، الذي يعد من أكثر الاعتداءات الدموية في البلاد منذ عام 2006، والذي جاء بعد اسبوع على استعادة القوات العراقية السيطرة على كامل مدينة الفلوجة، والتي كان يعتقد أن الانتحاريين الذين يستهدفون بغداد يأتون منها لقربها منها رغم وقوعها إدرايا في محافظة الأنبار الغربية الشاسعة.

إعدام محكومين ورشق بالحجارة

وفي رد فعل أولي على الهجوم، أمر رئيس الوزراء حيدر العبادي وزارة العدل بإعدام الإرهابيين المحكومين بالإعدام فورا، وأعلنت وزارة العدل أنها بصدد اتخاذ الاجراءات لتنفيذ أمر العبادي بأسرع وقت.

وتعليقاً على رشق موكبه بالحجارة أمس الأول لدى زيارته موقع الهجوم من قبل سكان الكرادة الغاضبين، قال العبادي: "أتفهم مشاعر الانفعال والتصرف الذي صدر في لحظة حزن وغضب من بعض أبنائي الأعزاء، وهو ما رافق زيارتي لمنطقة الكرادة".

وفي موافقة على نوع من "الأمن الذاتي" في الأحياء البغدادية، ذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للعبادي، أن "رئيس الوزراء أمر بالاستجابة لمطالب وفد من شباب منطقة الكرادة المتظاهرين الذين التقوا مدير مكتبه، وأكد محاسبة المسؤولين الأمنيين المقصرين في الكرادة على الخرق الأمني الذي تسبب في العمل الإرهابي الجبان".

وأوضح البيان أن "العبادي وافق على مشاركة متطوعين من أهالي الكرادة في حماية منطقتهم، وتعاون الأهالي مع الأجهزة الأمنية في المعلومات، والإبلاغ عن أي اشتباه، إضافة إلى أن تكون نقاط التفتيش في منطقة الكرادة وبقية المناطق وفق استراتيجية أمنية جديدة".

حزمة قرارات

وأصدر العبادي، القائد العام للقوات المسلحة، حزمة أوامر من اجل تعزيز الامن في بغداد والمحافظات، تضمنت: أولاً، سحب أجهزة كشف المتفجرات المحمولة يدوياً (اي دي أي)، وتقوم وزارة الداخلية بإعادة فتح التحقيق في صفقات الفساد لهذه الأجهزة، وملاحقة جميع الجهات التي ساهمت فيها.

ثانيا: إسراع وزارة الداخلية في نصب أجهزة "رابسكان" لكشف العربات على جميع مداخل بغداد وتأمين مداخل المحافظات.

ثالثاً: اسراع قيادة عمليات بغداد في استكمال وانجاز حزام بغداد الامني بالاستفادة من امكانات وزارة الدفاع والوزارات الاخرى وامانة ومحافظة بغداد. رابعاً: تكثيف الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري فوق العاصمة والمناطق المحيطة لكشف حواضن الارهاب من قبل قيادة العمليات المشتركة. خامسا: منع استخدام جهاز الهاتف النقال من قبل الاجهزة الامنية عند الحواجز وتقوم الاجهزة الامنية الرقابية بمتابعة ذلك. سادسا: إعادة تنظيم السيطرات والحواجز الامنية بما يخفف على المواطنين والاستعانة بقوات ردع مسنودة بجهد استخباري. سابعا: توزيع مسؤولية القواطع الامنية بالتنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية وجهاز الامن الوطني والمخابرات واللجان الامنية في المحافظات لايجاد حالة من التكامل بينها بعيدا عن التنازعات.

يذكر أنه احترق على الأقل مبنيان كبيران يشكلان مركزاً للتسوق، الى جانب عشرات المحال التجارية الأخرى والمساكن المجاورة في تفجير الكرادة، كما حاصرت النيران عشرات الشبان داخل المحال التجارية، ونجا قسم منهم، في حين قتل آخرون بحسب مصادر أمنية بسبب صعوبة الوصول الى الضحايا. وقال أحد عناصر الدفاع المدني إن انتشال جثث الضحايا "سيستغرق عدة أيام". واستهدف التفجير بسيارة مفخخة حي الكرادة الذي كان يعج بالمتسوقين قبيل عيد الفطر بعد الافطار، وأثار غضبا لدى العراقيين إزاء عدم تمكن الحكومة من الحفاظ على الأمن.

في السياق، أدانت الولايات المتحدة الأميركية، أمس، التفجير. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي إن "شراكتنا مع العراق وشعبه الذي يقاتل على الجبهات الأمامية في هذه المعركة العالمية تبقى ثابتة ولا تتزعزع"، مؤكدا "التزام الولايات المتحدة بدعم القوات الأمنية العراقية في الوقت الذي تقوم فيه هذه القوات بنقل المعركة الى معاقل داعش وتقديم جميع المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة الى العدالة".

من جانبه، قال المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني الأميركي ند برايس إن "هذه الهجمات تقوي عزمنا لدعم القوات الأمنية العراقية التي تواصل استعادة الأراضي من تنظيم داعش"، لافتا الى أن "الولايات المتحدة مستمرة في تكثيف جهودها الرامية لاستئصال شبكة داعش الإرهابية وقياداتها".

«دولة الإمام الحسين»... في الفلوجة
يحمل طريق سريع يمر وسط الفلوجة دلائل على هوية أحدث المنتصرين في المدينة التي أعدم فيها تنظيم «داعش» جندياً عراقياً بعد أسره العام الماضي، منها شعار كتب باللون الأخضر يقول إن «دولة الإمام الحسين باقية».

وهذه العبارة التي تشير صراحة إلى الطائفة الشيعة وتحاكي على الأرجح شعار تنظيم «داعش» «الدولة الإسلامية باقية وتتمدد»، كتبها قبل أسبوع أحد أفراد «الحشد الشعبي» الشيعي الذي شارك في طرد التنظيم المتشدد من المدينة السنية التي استولى عليها في يناير 2014.

ورغم انتهاء القتال لا تزال قوات «الحشد الشعبي» الشيعية موجودة وتتلاقى بحذر مع قوات الجيش والشرطة وفرق مكافحة الإرهاب، حيث إن كلا منها مكلف بحماية مواقع في أنحاء الفلوجة التي تضررت بشدة جراء القتال وأصبحت الآن شبه خاوية.

والوجود المستمر لـ«الحشد» في الفلوجة وتعهداته بالبقاء لفترة غير محددة من الوقت يثير الاحتمال بأن النازحين السنة وعددهم نحو 300 ألف قد لا يشعرون بأنهم سيكونون في مأمن إذا عادوا إلى ديارهم في أي وقت في القريب العاجل.

ويقول ساسة سنة إن ما حدث في الفلوجة من انتهاكات يوضح ضرورة منع «الحشد الشعبي» من أي هجوم منظم على الموصل.

وقال مصدران من فرقة مكافحة الإرهاب إن عمليات النهب والحرق في الفلوجة جاءت في أعقاب انتهاء القتال. وأنحى أحد المصدرين باللائمة على قوات «الحشد الشعبي» وقدم لـ «رويترز» ثلاثة منهم ضبطوا متلبسين. وكانت شاحنتان على الأقل داخل الفلوجة، يوم الخميس الماضي، تنقلان ما بدا أنها غسالات أوتوماتيكية وأجهزة منزلية أخرى مغطاة ببطاطين، لكن «رويترز» لم تستطع التحقق إن كانت هذه الأجهزة مسروقة.

وتم إغلاق الكثير من الطرق في المنطقة التي تسيطر عليها فرقة مكافحة الإرهاب بالحطام والسيارات المحترقة.

وقال المصدر الثاني إن الهدف من الحواجز التي أقيمت بعد دحر «داعش» هو إعاقة القوات العراقية الأخرى.

وأضاف: «نفعل ذلك لمنع أي عمليات نهب أو انتهاكات في منطقة عملياتنا». وتعهد أبو مهدي المهندس أحد زعماء الحشد الشعبي وقائد «كتائب حزب الله» بألا يبرح مقاتلوه مواقعهم داخل الفلوجة. وقال في حديث نشر على الانترنت في 26 يونيو إن «الحشد» لن يغير موقفه في كل منطقة. ولا تزال قوات «الحشد» موجودة في الكثير من المناطق الأخرى التي تم استعادتها من «داعش» بما في ذلك مدن أغلب سكانها من السنة مثل تكريت وسامراء.

وبالنظر إلى سجل الفلوجة من التشدد فإن الخطر من محاولة «داعش» العودة مرة أخرى أمر واقعي، ولكن الوجود طويل الأمد للقوات الشيعية قد يؤدي إلى عدم الاستقرار.

وقال متحدث إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة درّب نحو ست كتائب من الشرطة وعدة آلاف من مقاتلي العشائر لحفظ الأمن بالمدينة في نهاية الأمر. لكن اثنين من الشرطة قالا لـ «رويترز» الأسبوع الماضي إنه لم يتم إرسال إلا نحو 700 شرطي فقط حتى الآن إلى الفلوجة.

تساؤلات عن المكان الذي يأتي منه الانتحاريون بعد تطهير الفلوجة
back to top