بذكاء نادر، استطاع كمال الشناوي من خلال اختياراته أن يتربع على عرش نجومية السينما المصرية، فلم يترك تيمة أو دورا إلا وقدمه، سواء على شاشة السينما، أو التلفزيون، ليقدم عبر رحلته الممتدة لأكثر من نصف قرن، توليفة فنية نادرة، ربط خلالها بين الخير والشر، الخوف والبلطجة، والطيبة والشراسة، الحب والغيرة، والأهم من ذلك أنه قدم هذه المشاعر من خلال قضايا حقيقية، الأمر الذي جعله يمضي خلال رحلته ببراعة، ويثبت جدارته باقتدار، حيث تميز بصدق المشاعر في أدائه، غير أنه في الوقت نفسه لم يتخل يوما عن غروره، كما رآه الكثيرون، وكبريائه ورغم ذلك استطاع بلباقة إجادة التعامل مع المرأة، بل استطاع أن يفهم ما تريده بعينيه الساحرتين اللتين كانتا دائما ما تجذبان الجميلات، فضلا عن صوته المميز الذي لا تخطئه الأذن، فاستطاع‏ أن ينفذ إلى قلوب الجميع ويصبح رمزا من رموز الحب‏، كل ذلك وغيره صنع اسم وصورة دنجوان الفن كمال الشناوي، وجعله يتربع على عرش النجومية، حتى بعد أن تخطى السبعين بعدة سنوات، ما جعله مطلوبا طوال الوقت من المنتجين والموزعين.

في مطلع عام 1993 رشحه المخرج نادر جلال والفنان نور الشريف، للمشاركة معهما في فيلم "131 أشغال" الذي جسد فيه دور بائع متجول من بورسعيد يتهم ظلما بقتل صديق له يحاول إثبات براءته، قصة وسيناريو وحوار صلاح فؤاد، إخراج نادر جلال، أمام صابرين، نجاح الموجي، ماجدة زكي، وعادل هاشم، ثم قدم بعده في العام نفسه مسلسل "الوجه الآخر للقمر"، تأليف عمر الدكروري، إخراج مدحت السباعي، أمام نرمين الفقي، تيسير فهمي، سعاد نصر، هشام عبدالحميد، محمود الجندي، والذي دار حول فتاة تحب ابن عمها وخطيبها الطبيب المبتدئ، ولكن طموحها الزائد يجعلها تفسخ خطبتها وتتزوج من والد زميلتها الثرى، وتنجب منه ولدا وتمر السنوات ويموت الزوج الثري، وتحاول أن تعود لحبيبها، لكنه يرفض.

Ad

في مطلع التسعينيات، برز نجم الراقصة فيفي عبده، وقررت فجأة أن تكون نجمة سينمائية على غرار "نادية الجندي ونبيلة عبيد"، بل وتدخل معهما في منافسة، سواء من ناحية الموضوعات التي تتناولها، أو الشخصيات التي تجسدها، بل والأبطال الذين يشاركونهما، وهو ما جعلها تصر على أن تستعين بكمال الشناوي، كلما قدم فيلما أمام نبيلة عبيد أو نادية الجندي، سارعت للاستعانة به في فيلم لها، فبعد أن قدم معها فيلم "الثعالب" أصرت على أن يلعب أمامها دور البطولة في فيلم "الصاغة" تأليف محسن الجلاد، إخراج أحمد السبعاوي، أمام محمد رضا، ولاعب الكرة جمال عبدالحميد، صلاح عبدالله، وداد حمدي، والذي جسد خلاله دور الصائغ الداهية "الحوت" الذي يسيطر على شارع "الصاغة"، ليتحكم في أسعار الذهب والمجوهرات، والنساء أيضا، وهي واحدة من القضايا المهمة التي تشغل الكثيرين، وهو ما يسعى إليه الشناوي في اختياراته دائما، وهو ما جعله أيضا يصر على قبول دور عرضته عليه المخرجة إيناس الدغيدي، رغم اعتراض كل من حوله، وفي مقدمتهم زوجته، لكنه أصر على تقديم فيلم "لحم رخيص"، تأليف صلاح فؤاد، إخراج إيناس الدغيدي، أمام إلهام شاهين، وفاء مكي، ومحمد هنيدي، حيث يدور الفيلم عن تجارة "الجسد"، وجسد فيه كمال دور "سمسار نساء" يبحث عن الفتيات الجميلات الفقيرات في الريف، ممن تحتاج أسرهن إلى المال، ويقوم بتزويجهن لكبار السن من بعض الدول العربية، ممن يريدون الزواج بفتيات صغيرات.

يعود كمال للوقوف مجددا أمام فيفي عبده، من خلال فيلم "ضربة جزاء"، تأليف سمير الجمل، إخراج أشرف فهمي، أمام فيفي عبده، وحيد سيف، محمود قابيل، ناهد جبر، ويجسد في الفيلم دور "سيد العتر" الذي يتحول بسرعة مذهلة من مدرس إلزامي إلى عضو فاسد بالبرلمان، يمارس كل أنواع الفساد.

ولأنه دائم التنوع والبحث عن كل ما هو جديد، يقدم كمال تجربة كوميدية جديدة، رشحته فيها جالا فهمي، لزوجها المخرج والمنتج شريف شعبان، فقدما معا فيلم "طأطأ وريكا وكاظم بيه"، المأخوذ عن الفيلم الأميركي "حكاية منتصف الليل"، كتب له السيناريو والحوار نهاد محرم، وشاركهما في البطولة نجاح الموجي، حيث جسد كمال دور "كاظم بك" الذي يتخذ من النصب والاحتيال على السيدات الثريات موردا للزرق، تجمعه المصادفة بالنصاب الظريف "طأطأ"، وحتى لا تتعارض مصالحهما، يقرران التعاون للعمل معا رغم العداء الداخلي، فينصبان شباكهما حول فتاة يظنان أنها من الأثرياء، غير أنها تقوم هي بالنصب عليهما وتجريدهما من كل ما جمعاه من النصب.

نجم النجوم

بمناسبة مرور 100 عام على إنشاء السينما المصرية التي بدأت لأول مرة في مصر في عام 1896، قرر الكاتب سعد الدين وهبة، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في عام 1996، إجراء استفتاء بين النقاد والمبدعين المصريين، لاختيار أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، فكانت النتيجة حصول فاتن حمامة على المركز الأول لمشاركتها في ثمانية أفلام من المئة فيلم، وجاء في المركز الثاني شكري سرحان لمشاركته بسبعة أفلام، فيما جاء كمال الشناوي في المركز الثالث بستة أفلام من مئة فيلم في تاريخ السينما، هي: "اللص والكلاب، الكرنك، المذنبون، الرجل الذي فقد ظله، المستحيل، أمير الانتقام".

قرر القائمون على صناعة الدراما التلفزيونية، زيادة عدد المسلسلات التي يتم إنتاجها كل عام، فبعد أن كان يتم إنتاج ما يكفي للعرض على القناتين المصريتين "الأولى والثانية" وما يكفي للعرض على بعض القنوات العربية الأرضية، لتدخل مصر عصر الفضائيات بانطلاق الفضائية المصرية عام 1990، تلتها "إم بي سي" عام 1991، ثم تبعها شبكة قنوات متخصصة لرجل الأعمال السعودي صالح كامل "إيه آر تي" ليمتلئ الفضاء العربي بعدد كبير من القنوات الفضائية العربية، فضلا عن الأرضية، ليصبح إنتاج عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية ضرورة ملحة، فقرر كمال الشناوي التركيز من خلال الدراما التلفزيونية، ليقدم عددا كبيرا من المسلسلات المتتالية منها: مسلسل "أولاد حضرة الناظر"، تأليف محمد عبدالقوى الغلبان، إخراج محمد السيد عيسى، أمام شويكار، ليلى طاهر، ناصر سيف، دينا عبدالله، والصحافي سعيد ياسين، ثم مسلسل "اعترافاتي"، تأليف عبدالحميد أبوزيد، إخراج أنعام الجريتلي، أمام ليلى فوزي، منال سلامة، محمد رياض، رياض الخولي، وناهد رشدي، خليل مرسي، ياسر جلال، قدم بعده مسلسل "الأب" تأليف عاطف بشاي، إخراج حسن بشير، أمام ممدوح عبدالعليم، دلال عبدالعزيز، ثم مسلسل "حكيم روحاني حضرتك"، تأليف السيد راضي، إخراج شريف يحيى، أمام سعاد نصر، ندى بسيوني، أحمد راتب، السيد راضي، هالة صدقي، حنان سليمان، هاني رمزي، حيث لفت الأخير نظر كمال الشناوي كممثل، فنظر إليه قائلا:

* أنت يا واد أنت عندك حضور هايل... وده هايخليك ممثل متميز ولك مستقبل كويس.

= أستاذ كمال ماتعرفش شهادتك دي عملت فيا إيه... أنا لو أطول أكتب الكلام ده وأعلقه على صدري يبقى وسام قدام كل الناس.

* دي حقيقة يا هاني... أنت ممثل كويس وكمان ملتزم وبتقدر اللي أكبر منك... ودي حاجة مش سهلة ولها تمن.

بعد عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية، قرر عادل إمام أن يعيد الشناوي مجددا للسينما، باختياره له ليجسد دور "الوزير" مرة أخرى أمامه في فيلم "الواد محروس بتاع الوزير" تأليف يوسف معاطي، إخراج نادر جلال، وشاركهما البطولة وفاء عامر، ألفت إمام، سعيد صالح، عايدة عبدالعزيز، نظيم شعراوي.

سابقة فريدة

نجح كمال الشناوي في تقديم صورة "كاريكاتورية" للوزير من خلال الفيلم، ما لفت الأنظار إليه مجددا، وأنه لايزال قادرا على العطاء المتجدد، فتنبهت الدولة أخيرا، وبعد أكثر من خمسة عشر عاما من حكم الرئيس مبارك، أن هناك قوة ناعمة اسمها "الفن" لها دور مهم، وتستطيع أن تؤثر في المجتمع، فقرر الرئيس مبارك تكريم مجموعة من الفنانين على رأسهم النجمان الكبيران فاتن حمامة وكمال الشناوي، من الجيل القديم، ومعهما من جيل الوسط محمود ياسين ونجلاء فتحي، غير أن المفاجأة التي لم يتوقعها أحد، حتى أقرب المقربين له، أن كمال الشناوي رفض هذا التكريم، ما أثار دهشة الجميع، وفي مقدمتهم زوجته:

= إزاي ترفض تكريم رئيس الدولة يا كمال؟

* أولا أنا من حقي أرفض أي جهة تكرمني... حتى لو كان رئيس الجمهورية... بعد إيه جاي يكرمني دلوقت؟

= أيوا ماهو ماكرمش حد قبلك.

* أنا مابقصدش نفسي بس... دلوقت جاي يفكر في الفن والفنانين... علشان يطلع اللي حواليه يقولوا عنه إنه رائد الفن وأنه بيحافظ على الفنانين ويتصور وهو بيدينا درع.

= وحتى لو كان أهمل الفترة اللي فاتت... وافتكر دلوقت ده شيء كويس.

* مش كويس أبدا إهمال الفن والفنانين بالشكل ده... الفن مش صورة ودرع، السينما بتنهار والدولة واقفة تتفرج زي مايكونوا قاصدين كده... وبالمناسبة هو عمره ماحب الفن ولا الفنانين... حتى الفيلم اللي طلع معايا فيه في مشهد "وداع في الفجر" منعه من العرض أول ما بقى رئيس جمهورية... عمر ما هاييجي رئيس يحب الفن والفنانين زي جمال عبدالناصر.

دون إثارة ضجة أو إدلاء بأحاديث تلفزيونية أو صحافية، رفض كمال الشناوي التكريم بحجة إصابته بوعكة صحية، وفي هدوء عاد إلى عمله بعيدا عن الضجيج الإعلامي، فقام ببطولة مسلسلين تلفزيونيين الأول بعنوان "مذكرات ضرة"، قصة نوال مصطفى، سيناريو وحوار محمد الباسوسي، إخراج أحمد النحاس، أمام محمود مرسي، يوسف شعبان، دلال عبدالعزيز، كمال أبورية، عزة بهاء، إيمان، محمود قابيل، إيناس مكي، علا رامي، ثم قدم مع المخرج محمد فاضل مسلسل "العائلة والناس"، تأليف مجدي صابر، أمام فردوس عبدالحميد، يوسف شعبان، عزت أبوعوف، نهال عنبر، سيد عبدالكريم، جمال إسماعيل، محمد الشقنقيري، سعاد حسين، والذي جسد فيه دور كبير العائلة الذي يتسبب في ضياعها، حيث اعتبر النقاد أن المسلسل يدق "ناقوس خطر"، لينبه إلى أن "الدولة" التي تم الرمز لها "بالمركب" في طريقها للغرق، إن لم ينتبه النظام القائم لذلك.

علامة رمضانية

أصبح كمال الشناوي من علامات الدراما الرمضانية، حيث اعتاد المشاهد أن يشاهده في رمضان كل عام في عمل جديد، ولأسباب إنتاجية تأخر المخرج محمد فاضل في البدء في تصوير مسلسل "لدواع أمنية"، استعدادا لعرضه خلال شهر رمضان من عام 2002، ما استدعى فريق العمل لأن يعمل لما يقرب من 14 ساعة يوميا، وفي مقدمتهم كمال الشناوي، أمام مجموعة من الممثلين الشباب، هم ماجد المصري، منة شلبي، عزة بهاء، إلى جانب خيرية أحمد ومحمد متولي، ما جعلهم يضجون لاستمرار التصوير يوميا كل هذا الوقت، فيما يعمل كمال في صمت وبامتثال تام لأوامر المخرج، ما جعل اثنين من عمال الاستديو يهمسان لبعضهما:

= سبحان الله يا أخي... الممثلين اللي لسه لا راحوا ولا جم بيشتكوا... وهو اللي داخل على التسعين ماشاء الله بيشتغل 14 ساعة في اليوم ولا فتح بقه ولا اشتكى.

- لا ولو المخرج زود الساعات عن كده مش هايقول لا.

= يا عم الدهن في العتاقي... ده جيل السمنة البلدي... راجل عنده تسعين سنة وأصبى مني ومنك.

سمع كمال الشناوي همس العاملين، فحزن حزنا شديدا، كأنهما ذكراه برحلته الطويلة الممتدة، وكأنهما يريدان له أن يجلس في بيته ينتظر الموت، لكنه يأبى إلا أن يعمل حتى اليوم الأخير من حياته، طالما كان قادرا على ذلك، وبينما هو يفكر في هذا الكلام وهو ينزل السلم، اختلت قدمه فسقط، ليتم نقله على الفور إلى المستشفى، لتؤكد الأشعة حدوث كسر مضاعف في "عظمة الحوض".

ظل كمال ملازما الفراش أكثر من عام يعالج من الكسر، ليتم بعده عمل جلسات علاجي طبيعي ليبدأ في العودة إلى حالته الطبيعية بشكل كبير، في الوقت الذي طالبه الأطباء بعدم العودة إلى التمثيل، لكنه رفض الامتثال لأوامرهم، وقرر العودة مجددا لعشقه الذي غاب عنه أكثر من عامين، لم ينس فيهما المخرجين أو المنتجين، ولا حتى الجمهور الذي يطالبه بالمزيد من الأعمال، غير أنه اشترط قبول الأعمال التي لا تحتاج مجهودا بدنيا، فقدم مسلسل "آخر المشوار"، تأليف عاطف البكري، إخراج نادر جلال، أمام هشام سليم، شرين، زيزي البدراوي، جمال عبدالناصر، منة فضالي، مجدي كامل، أمير فتحي، محمد نجاتي، ثم يقدم بعده مسلسل "لقاء السحاب" تأليف مهدي يوسف، إخراج هاني لاشين، أمام عزت العلايلي، شرين، أشرف زكي، سيد عبدالكريم، محمد متولي، لقاء سويدان، جمال إسماعيل، والذي دارت أحداثه في دار للمسنين يسيطر عليها الهدوء والرتابة، إلى أن يقام بجوارها دار للأطفال الأيتام، فتنقلب حياة المسنين رأسا على عقب.

مع نهاية الألفية الثانية، ورغم ما تعانيه السينما المصرية من مشاكل، لمع أسماء عدد كبير من نجوم الكوميديا الشباب، منهم علاء ولي الدين، محمد هنيدي، محمد سعد، كريم عبدالعزيز، وآخرون، ليقفز من بينهم اسم هاني رمزي، الذي حقق ما تنبأه له كمال الشناوي، ويلمع اسمه ويحقق نجومية كبيرة، وعندما عرض عليه فيلم "ظاظا" في عام 2006، كان أول من فكر فيه كمال الشناوي، ليطلب مشاركته له بطولة الفيلم، بل ويصر هاني أن يتقدم اسم الشناوي تتر الفيلم، ويأتي هو بعده، وشاركهما البطولة أميرة فتحي، أميرة عبدالعظيم، زينة، تأليف طارق عبدالجليل، إخراج علي عبدالخالق، وجسد فيه كمال دور رئيس الجمهورية المسن، الذي يرفض التنازل عن منصبه رغم كبر سنه، ليخوض الانتخابات أمام شاب ويخسر، ليقرر كمال بعدها اعتزال الفن نهائيا، رغم أنه لايزال قادرا على العطاء والتمثيل، لكنه فضل أن يقضي ما تبقى له من حياته بين أولاده وأحفاده، لا يعاني من أي أمراض سوى مشاكل الشيخوخة، مستمتعا بممارسة عشقيه الأولين "الرسم والموسيقى"، وقرر نجله الأصغر المهندس علاء أن يصحبه في العام المقبل 2010، إلى حج بيت الله الحرام مرة أخرى، وبينما يستعد لذلك وخلال شهر رمضان من هذا العام، وقبيل موعد الحج بثلاثة أشهر، كانت الكارثة التي كادت تقضي عليه، حيث رحل فجأة ابنه المهندس علاء!

أمنية أخيرة

أصيب كمال بحالة حزن واكتئاب شديدتين، وتدهورت صحته فجأة وبشكل متلاحق، لم يخرجه قليلا من حزنه إلا الأوضاع السياسية التي لم تشهدها مصر منذ عقود طويلة، عندما انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011، جحافل الشباب المصري، إلى ميدان التحرير، مطالبين بالتغيير، بعد دعوتهم عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر" إلى النزول احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، وتزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2010، ونية الرئيس توريث ابنه الحكم، فضلا عن الظلم والانتهاك لحقوق الإنسان، والتراجع الملحوظ في مستوى التعليم والصحة وارتفاع معدلات البطالة وانتشار الجرائم في البلاد، في الوقت الذي حذرت فيه جماعة "الإخوان المسلمين" من النزول إلى الشارع، وتبرأت من الثورة قبل أن تبدأ.

سعد كمال الشناوي جدا بالثورة، وتمنى لو أنه كان قادرا على النزول والمشاركة، لكنه طلب من نجله محمد أن ينزل إلى ميدان التحرير للمشاركة بها، مع الملايين التي ملأت ميادين مصر، لمدة ثمانية عشرة يوما، اضطر بعدها الرئيس حسني مبارك إلى التنحي عن الحكم في السادسة من يوم الجمعة 11 فبراير 2011، عندما أعلن نائبه الفريق عمر سليمان في بيان رسمي، تخلي الرئيس عن منصبه، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إدارة شؤون البلاد.

عاودت صحة كمال الشناوي التدهور من جديد، حيث أصيب بعدة جلطات متتالية في المخ، لكنه رفض أن ينزل ويذهب إلى المستشفى، وأمام هذا الرفض اضطرت أسرته لأن تحول البيت إلى مستشفى، يجرى فيه له الأشعة والتحاليل وتلقي العلاج:

= يابابا لازم حضرتك تروح المستشفى.

* يعني هايعملوا إيه في المستشفى أكتر من كده؟

= مهما كان العلاج في البيت مش كامل.

* أنا مش عايز أنزل والناس تشوفني وأنا قاعد على كرسي بعجل... مش عايز أشوف نظرات شفقة في عنين حد.

= أي حد ممكن يمرض... وربنا يشفيه بعد كده.

* بس أنا مش عايز الصورة اللي الناس فضلت تشوفها لكمال الشناوي تتهز... عايز أسيبلهم الصورة اللي شافوها وحبوها طول عمرهم... وبعدين أنا لو مكتوبلي أموت أحب أموت في بيتي وعلى سريري.

بعد تناوله سحور ليلة 23 رمضان عام 1432، الموافق 22 أغسطس، عام 2011، ونوى الصيام، وبعد أداء صلاة الفجر جالسا، خلد إلى النوم، ومع مطلع شمس اليوم الجديد، فاضت روحه إلى بارئها في هدوء، بعد حياة حافلة من الحب والعطاء، ورحلة فنية امتدت لما يقرب من سبعين عاما، قدم خلالها ما يقرب من مائتين وخمسين عملا بين السينما والتلفزيون.

النهاية