شقيقا «جودر» يبيعانه لرئيس «بحر السويس»

نشر في 05-07-2016
آخر تحديث 05-07-2016 | 00:04
تنهي شهرزاد في الحلقة الثلاثين حكاية جودر بن عمر، الذي كان شقيقاً ثالثاً لاثنين من الأشقياء، ترك لهم والدهم أموالاً كثيرة تبددت في صراعات اتبعها سالم وسليم، وبينما كان يعمل هو صياداً، كانا يعيشان عالة عليه، إلى أن استطاع فك الرصد مع صديقه المغربي الشيخ عبدالصمد، في مدينة فاس المغربية وعاد من هناك حاملاً خُرجاً مسحوراً ومارداً يجيب له طلباته.
الشقيقان كالعادة عرفا حكاية الخُرج، وأرادا بطمعهما أن يستوليا عليه ليطلبا منه ألوانا وصنوفاً من الطعام.
لما كانت الليلة الخامسة بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد:  بلغني أيها الملك السعيد أن المغربي لما وضع صحون الطعام قال لجودر: كُل ولا تؤاخذنا، نحن لا نعرف أي شيء تشتهي من الأطعمة كي نحضره إليك من غير تأخير. فقال له: والله يا سيدي إني أحب سائر الأطعمة ولا أكره شيئاً، فلا تسألني عن شيء، وهات جميع ما يخطر ببالك وأنا ما عليّ إلا الأكل. ثم أقام عنده عشرين يوماً، وهو يلبسه كل يوم حلة، والأكل كله من الخرج. وفي اليوم الحادي والعشرين قال لجودر: قُم بنا فإن هذا هو اليوم الموعود لفتح كنز الشمردل. فقام معه ومشيا إلى آخر المدينة، ثم خرجا منها فركبا بغلتين، ولم يزالا مسافرين إلى وقت الظهر، فوصلا إلى نهر به ماء جار.

وجاء عبدان فأخذا البغلتين، وراح كل منهما من طريق، وبعد قليل أقبل أحدهما بخيمة فنصبها، وأقبل الثاني بفراش وفرشه في الخيمة. ووضع في دائرها وسائد ومساند، ثم ذهب واحد منهما وجاء بالحقين اللذين فيهما السمكتان، والثاني جاء بالخرج، فأخرج المغربي منه صحون الطعام. وبعد أن تغديا، أخذ الحقين وعزم عليهما، فصاح من فيهما من العفاريت: لبيك يا كهين الدنيا، ارحمنا من هذه النار. وما زال يعزم على الحقين حتى تمزقا وظهر منهما عفريتان مقيدان يصيحان: الأمان يا كهين الدنيا، أي شيء تريد منا؟ فقال: مرادي أن أحرقكما أو تعاهداني على فتح كنز الشمردل. فقالا: نعاهدك ونفتح لك الكنز، بشرط أن تحضر جودر الصياد فإن الكنز لا يفتح إلا على يده ولا يقدر أحد غيره أن يدخل فيه..

فقال لهما: قد جئت به وهو ها هنا يسمعكما وينظركما، فعاهداه على فتح الكنز، وأطلقهما. ثم أخرج قصبة وألواحاً من العقيق الأحمر جعلها على القصبة، وأخذ مجمرة ووضع فيها فحماً ونفخ نفخة فأوقد فيها النار وأحضر البخور، وقال: يا جودر أنا أتلو العزيمة وألقي البخور، فإذا ابتدأت بالعزيمة لا أقدر أن أتكلم فتبطل العزيمة، ومرادي أن أعلمك كيف تصنع حتى تبلغ مرادك. اعلم أني متى عزمت وألقيت البخور زحف الماء من النهر، وبان لك باب من الذهب قدر باب المدينة، بحلقتين من المعدن، فانزل إلى الباب واطرقه طرقة خفيفة، ثم اصبر قليلاً واطرقه طرقة أشد من الأولى.

وبعد قليل اطرقه ثلاث طرقات متتابعات، وحينئذ تسمع قائلا يسأل: من يطرق باب الكنوز وهو لا يعرف حل الرموز؟ فقل: أنا جودر بن عمر. فيفتح لك الباب ويخرج لك شخص بيده سيف ويقول لك: إن كنت ذلك الرجل فمد عنقك حتى أرمي رأسك. فلا تخف ومد عنقك فإنه متى رفع يده بالسيف وضربك وقع بين يديك شخص من غير روح، ومتى أبطلت رصده بالامتثال فادخل حتى ترى باباً آخر، فاطرقه يخرج لك فارس على كتفه رمح، ويسألك: أي شيء أوصلك إلى هذا المكان الذي لا يدخله أحد من الإنس ولا من الجان؟ ثم يهز الرمح، فافتح له صدرك وبذلك يقع أمامك جسم من غير روح. ثم ادخل الباب الثالث يخرج لك آدمي في يديه قوس يحاول أن يرميك به، فافتح له صدرك فيقع كذلك جسم من غير روح.

 

طرد جودر

لما كانت الليلة السادسة بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد:  بلغني أيها الملك السعيد، أن المغربي قال لجودر: ثم ادخل الباب الرابع وأطرقه يفتح لك، ويخرج لك سبع عظيم الخلقة يهجم عليك ويفتح فمه يريد أكلك، فلا تخف منه وأعطه يدك فإنه يقع ولا يصيبك شيء. ثم ادخل الباب الخامس يخرج لك عبد أسود ويسألك: من أنت؟ فأجبه: أنا جودر، فيقول لك: إن كنت ذلك الرجل فافتح الباب السادس. فتقدم إلى الباب وقل: يا عيسى قل لموسى يفتح الباب. فيفتح الباب وتجد هناك ثعبانين: أحدهما على الشمال، والآخر على اليمين كل منهما يفتح فاه ويهجم عليك، فادخل يديك في فميهما ولا تخف فيبطل عملهما. بعد ذلك، ادخل إلى الباب السابع وأطرقه تخرج لك أمك وتقول لك: مرحباً يا بني. وتهم باحتضانك، فقل لها: ابعدي عني واخلعي ثيابك. فتقول لك: أنا أمك ولي عليك حق الرضاعة والتربية، فكيف تعريني؟ فقل لها: إن لم تخلعي ثيابك قتلتك.

وانظر إلى يمينك تجد خنجراً معلقاً في الحائط، فخذه وارفعه عليها إلى أن تخلع جميع ما عليها وتسقط. حينئذ، تكون قد حللت الرموز وأبطلت الأرصاد كلها وأمنت على نفسك، فادخل تجد الذهب أكواماً داخل الكنز. فلا تعتن بشيء منه، وانظر تجد مقصورة في صدر الكنز عليها ستارة، فاكشف الستارة ترى الكهين راقداً على سرير من الذهب، وعلى رأسه تاج يلمع مثل القمر، وهذا التاج هو دائرة الفلك وتجده مقلداً بالسيف، وفي أصبعه خاتم، وفي رقبته سلسلة فيها مكحلة. فهات هذه الذخائر الأربع كلها، وإياك أن تنسى شيئاً مما أخبرتك به أو تخاف فتلقي بنفسك في الهلاك، ولا تستطيع أن تواجه تلك الأرصاد التي ذكرتها لك، مع أنها أشباح من غير أرواح.

فقال له جودر: توكلت على الله. ثم أخذ المغربي عبد الصمد يلقي البخور ويتلو العزائم حتى جفّ الماء في النهر وبانت أرضه وظهر باب الكنز، فنزل جودر إلى الباب وطرقه بتلك الطريقة، فسمع قائلاً يقول: من يطرق أبواب الكنوز ولا يعرف أن يحل الرموز؟ فقال: أنا جودر بن عمر. فانفتح الباب وخرج له حارسه المرصود شاهراً السيف وقال له: مد عنقك. مدّ عنقه غير خائف، ووقع الحارس جسداً بغير روح.

ثم فعل كذلك حتى انتهى من الأبواب السبعة فوجد أمه أمامه، تهمّ باحتضانه، فقال لها: ابتعدي واخلعي ثيابك. فقالت له: أنت ولدي فكيف تعريني؟ مدّ يده وأخذ الخنجر وشهره عليها وقال: إنْ لم تخلعي قتلتك. ولما أكثر عليها التهديد، خلعت بعض ملابسها، ثم كفت عن الخلع وقالت له: هل أنت حجر حتى تريد كشف عورة أمك التي حملتك وأرضعتك، وهل هذا حلال أم حرام؟ لما سمع كلامها تأثر ودمعت عيناه وقال لها: نعم هذا حرام. وما نطق بهذه الكلمة حتى صاحت وقالت: قد غلط فاضربوه. ونزل الضرب عليه مثل المطر من خدام الكنز، ثم دفعوه خارج الباب، وانغلقت أبواب الكنز كما كانت، وعاد الماء إلى النهر.

باب النصر

 

لما كانت الليلة السابعة بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الصمد المغربي لما رأى ما حدث، انتشل جودر من الماء حتى لا يغرق، وعالجه حتى أفاق وصحا من سكرته، فقال له: أي شيء عملت يا مسكين؟ فقال له: أبطلت الموانع كلها حتى وصلت إلى أمي وخلعت ثيابها حتى لم يبق عليها إلا السراويل، فقالت لي: كيف تكشف عورة أمك وهل هذا حلال أم حرام؟ فلما قلت إن هذا حرام، صاحت وقالت: قد غلط فاضربوه، وضربوني علقة حتى أشرفت على الموت ولم أدر بعد ذلك ما جرى لي.

فقال له: أما قلت لك لا تخالف؟ إنك أسأت إلى نفسك وإليَّ، ولم يبق إلا أن تقيم عندي إلى العام القادم لمثل هذا اليوم. ثم نادى العبدين فحلا الخيمة وحملاها وصحبه جودر إلى مدينة فاس فأقام عنده في أكل طيب وشرب طيب وكل يوم يلبسه حلة فاخرة، إلى أن فرغت السنة.

لما حان الموعد قال له المغربي: هيا نمض إلى خارج المدينة، وجاء العبدان لهما بالبغلتين فركبا وسارا حتى وصلا إلى النهر، فنصب العبدان الخيمة وفرشاها، وأخرج المغربي السفرة فتغدَّيا، وبعد ذلك أخرج القصبة والألواح، وأوقد النار وأحضر البخور، وقال لجودر: مرادي أن أوصِّيك. فقال له: يا سيدي أنا ما نسيت الذي وقع في العام الماضي. فقال له: إذن اعمل بالوصية لتحفظ روحك، ولا تظن أن المرأة أمك فإنما هي رصد في صورتها، وإن كنت قد نجوت أول مرة، فما كل مرة تسلم الجَرَّة.

وضع المغربي البخور وعزَّم حتى جف النهر، فتقدم جودر إلى الباب وطرقه ثم دخل وأبطل الأرصاد السبعة إلى أن وصل إلى أمه فقالت له: مرحبا يا ولدي. فردّ: لست ولدك يا ملعونة. ثم شهر الخنجر في وجهها ولم يتركها حتى خلعت ثيابها وصارت شبحاً بلا روح، فدخل ورأى الذهب أكواماً، فلم يمسه ومضى إلى المقصورة حيث وجد الشمردل راقداً متلقداً بالسيف والخاتم في أصبعه، والمكحلة على صدره، ورأى دائرة الفلك فوق رأسه. فتقدَّم وأخذ الذخائر كلها، بينما صاح جميع الجن الموجودين قائلين له: هنيت بما أعطيت يا جودر. ثم خرج من الكنز فاستقبله المغربي مسروراً، وأخذ منه الذخائر الأربع، ثم صاح بالعبدين فأخذا الخيمة ورداها ورجعا إليهما بالبغلتين فركباهما إلى مدينة فاس.

وبعد أيام، قال المغربي عبد الصمد لجودر، أنت فارقت أرضك وبلادك لأجلنا وقضيت حاجتنا، فتمن ما شئت ولا تستح فإنك تستحق. فقال له: يا سيدي تمنيت على الله ثم عليك أن تعطيني ذلك الخرج، فقال له: خذه فإنه حقك، ولو كنت تمنيت غيره لأعطيناك إياه. ولكن الخرج ما يفيدك غير الأكل، وأنت تعبت معنا ولا بد من أن نرجعك إلى بلادك مجبور الخاطر ونعطيك خرجاً آخر من الذهب والجواهر ونوصلك إلى بلادك.

ثم أحضر عبداً ومعه بغلة، وملأ له خرجاً آخر بالذهب والجواهر والمعادن، وقال لجودر: اركب هذه البغلة والعبد يمشي قدامك إلى باب دارك، فإذا وصلت فخذ الخرجين وأعطه البغلة ليرجع بها، ولا تظهر أحداً على سرك. فقال له: أكثر الله خيرك. وحط الخرجين على ظهر البغلة وركب، فسارت به تتبع العبد طول الليل، وفي الصباح دخل مصر من باب النصر، وهناك وجد أمه قاعدة تطلب شيئاً لله. فطار عقله ونزل عن البغلة ورمى نفسه عليها، ثم أركبها على البغلة ومشى في ركابها إلى أن وصل إلى البيت فأنزلها، وأخذ الخرجين وترك البغلة للعبد فأخذها ورجع بها لسيده.

الخُرج المسحور

وسأل جودر أمه: هل أخواي طيبان؟ فقالت: نعم. فقال لها: لأي شيء تسألين في الطريق؟ فقالت: من جوعي. فقال لها: أنا أعطيتك قبل سفري مئة دينار في أول يوم، ثم مئة دينار في اليوم الثاني، وألف دينار يوم سفري. فقالت له: أخواك مكرا بي وأخذا المال كله مني وطرداني فصرت أسأل في الطريق من شدة الجوع. فقال لها: ما عليك بأس بعد أن جئت فلا تحملي هما أبداً، فعندنا خرج ملآن ذهب وجواهر والخير كثير، فقالت له: يا ولدي الله يرضى عنك ويزيدك من فضله وما أريد إلا كسرة من الخبز لأني بتُ من غير عشاء. فضحك وقال لها: مرحباً بك يا أمي، فاطلبي أي شيء وأنا أحضره لك في هذه الساعة ولا أحتاج إلى شرائه من السوق ولا لمن يطبخه..

فقالت له: لكني أرى معك شيئاً. فقال: معي في الخرج جميع الألوان. فقالت: يا ولدي كل شيء حضر يسد. فقال لها: نعم عند الحاجة يقنع الإنسان بأقل الشيء، ولكن ما دام كل شيء حاضراً فإن الإنسان يشتهي أن يأكل الشيء الطيب. فاطلبي ما تشتهين. فقالت له: اشتهي خبزاً وقطعة جبن. فقال، ما هذا من مقامك وهل نسيت اللحم المحمر والفراخ المحمرة والأرز المفلفل؟ وهل نسيت المنبار المحشي والقرع المحشي والخروف المحشي والضلع المحشي، والكنافة والمكسرات والعسل النحل، والقطايف والبقلاوة؟ فظنت أنه يضحك عليها ويسخر منها فقالت له: أي شيء جرى لك؟ هل أنت تحلم أم جننت؟ فقال لها: لا بد من أن أطعمك من جميع ما ذكرت لك في هذه الساعة.

ثم أحضر الخرج المسحور، وصار يخرج منه صحوناً ملآنة بجميع ما ذكره، فقالت له أمه: يا ولدي أن الخرج صغير، وكان فارغاً ليس فيه شيء، فكيف أخرجت منه  هذه الأطعمة، وأين كانت هذه الصحون كلها؟ فقال: أعطاني المغربي هذا الخرج، وهو مرصود له خادم، إذا أردت شيئاً فما عليك ألا أن تقولي: يا خادم هذا الخرج هات لي الشيء الفلاني فيحضره فوراً. فقالت له: هل أمدّ يدي وأطلب منه شيئاً؟ فقال: نعم اطلبي ما شئت. فمدت يدها وقالت: بحق ما عليك من الأسماء يا خادم هذا الخرج، هات صحنا من اللحم.

ما أتمت كلامها حتى كان الصحن أمامها، ثم طلبت كل شيء أرادته من أنواع الطعام فأحضره لها الخادم. وكان أخواه علما من أهل الحارة أنه رجع راكباً بغلة وقدامه عبد، وعليه حلة ليس لها نظير. فقالا: يا ليتنا ما أغضبنا أمنا، لا بد من أنها أخبرته بما عملنا معها. ثم قال واحد منهما: إنه أشفق منها علينا، وإذا اعتذرنا إليه يقبل عذرنا. على هذا، توجّها إليه فلما رأهما رحب بهما وكانا ضعيفين من الجوع، فقدم لهما من الخرج ألواناً من الطعام الشهي وقال لهما: كلا واشبعا، وما بقي فرقاه على الفقراء والمساكين.

بحر السويس
لما كانت الليلة الثامنة بعد الثلاثمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن جودر لما جاء المساء، دخل القاعة وأخرج من الخُرج سماطاً من أربعين لوناً، ثم جلس بين أخويه وقال لأمه: هاتي العشاء. وفي آخر الليل أخرج حلويات، وكل ما بقي يفرقه على الفقراء، وقال شقيقه سالم إن هذه أفعال السلاطين، فمن أين يجيء بكل هذه الأطعمة المختلفة، مع أننا لا نراه يشتري شيئاً، ولا يوقد ناراً، وليس له مطبخ ولا طباخ؟

فقال سليم: والله لا أدري، ولكن لا يخبرنا بحقيقة هذا الأمر إلا أمنا. فقالت لهما: إن الطعام يأتي من الخرج الذي جاء به أخوكما. وأخبرتهما بالخبر، وقالت لهما: اكتما السر. فقالا لها: السر مكتوم يا أمنا.

ثم قال سالم لسليم: يا أخي إلى متى ونحن عند جودر كخادمين وناكل صدقته، ألا نعمل حيلة نأخذ بها الخرج ونفوز به؟ فقال: كيف تكون الحيلة؟ قال: نقيم مأدبة لرئيس «بحر السويس» مع اثنين مع جماعته، وآخر الليل أريك ما أصنع. ثم ذهبا إلى رئيس بحر السويس وقالا له: جئناك في حاجة، وهي أننا أخوان لنا أخ ثالث لا خير فيه، وقد مات أبونا وخلف لنا جانباً من المال، فأخذ نصيبه منه فصرفه في الفسق والفساد، ولما افتقر تسلط علينا وصار يشكونا إلى الظلمة، حتى خسرنا كل ما ورثناه، ولم يرجع عنا، والمراد أنك تشتريه منا. فقال لهما: هل تقدران أن تحتالا عليه وتأتياني به إلى هنا وأنا أرسله سريعاً إلى البحر؟ فقالا له بل تأتي أنت إلينا..

وبعد العشاء في تلك الليلة، تقدم سالم وقبّل يد جودر، وقال له: إن لي صاحباً عزمني مرات عدة في بيته في غيابك، وله عليّ ألف جميل ودائماً يكرمني وأخي، وقد قابلنا اليوم وعزمنا عنده، فقلنا له: ما نقدر أن نفارق أخانا، فقال: يحضر معكما. فقلنا له: بل تحضر عندنا أنت وأخواك أولاً، وكان أخواه جالسين عنده، فقبل الثلاثة عزومتنا، وهم الآن في انتظارنا على باب الزاوية لنجيء بهم إذا وافقت على أن تضيفهم هذه الليلة.

فقال جودر: مرحبا بهم. فخرج من البيت ثم رجع بعد قليل ومعه الرجال الثلاثة، فلما رأهم جودر قال لهم: مرحبا بكم. وأجلسهم معه، ثم طلب إلى أمه إحضار الطعام لهم، فقدمت لهم أربعين لوناً من الخرج، فأكلوا حتى اكتفوا، وهم يظنون أن هذا الإكرام من سالم وسليم. ثم صبروا حتى نام جودر، فقاموا وتعاونوا على وضع العقلة في فمه، وحملوه وخرجوا به من القصر تحت ستار الليل.

ثم نجا جودر من محاولات شقيقيه للإيقاع به، وعفا عنهما مثل كل مرة، إلى أن تزوج ابنة الملك «شمس الدولة»، حاكم مصر، ثم مات الملك وطلب الوزير والجُند إلى جودر أن يخلفه على العرش. ولم يزالوا يرغبونه حتى رضي، فجعلوه سلطاناً، وأمر ببناء جامع على قبر الملك «شمس الدولة»، ورتَّب له الأوقاف، وهو في خط البندقانيين، وكان بيت جودر في الحارة اليمانية، فلما تسلطن بنى أبنيةً وجامعاً وقد سُميت الحارةُ باسمهِ، وصار اسمها «الجودرية»، كما أنه جعل أخويه وزيرين...

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

عبدالصمد المغربي ينقذ جودر من الغرق بعد أن أغمي عليه

الصياد الفقير ينتقل بالخرج والمارد إلى حياة القصور ويتزوج ابنة الملك «شمس الدولة»

جودر يخرج المجوهرات والحُلي وأصناف الطعام والمكسرات من الخرج المسحور

عبدالصمد يجزل العطاء ويكافئ جودر بالمجوهرات والذهب والخرج المسحور

أصبح حاكم مصر خلفاً لشمس الدولة بعد ضغوط شعبية وعين شقيقيه وزيرين
back to top