فرض الهجوم الشامل، الذي بدأه تنظيم داعش منذ نحو 10 أيام، رداً على الضربات القاسية التي يتلقاها في سورية والعراق، إيقاعاً أمنياً مختلفاً في الولايات المتحدة.

من تفجيرات القاع، تلك البلدة المسيحية المنسية في شمال شرق لبنان، إلى هجمات مطار إسطنبول وبعدها بنغلادش وحي الكرادة في بغداد، وصولاً إلى اعتداءات السعودية عشية عيد الفطر، تعاملت أجهزة الأمن الأميركية بحذر كبير من احتمال أن ينجح «داعش» في شن هجوم على الأراضي الأميركية، وأثره الإعلامي الذي قد يتجاوز بكثير نتائجه الجرمية.

Ad

ورغم تمكن الأميركيين من قضاء عطلة عيد الاستقلال دون حادث أمني يذكر، فإن الأوساط السياسية والأمنية تتابع بحذر ما يمكن أن يتركه هجوم كهذا من تأثير على الحملات الانتخابية الرئاسية والعامة في نوفمبر المقبل.

ويعتبر البعض أن خطاب التحريض، الذي يتبناه المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب، قد يزداد شراسة، ما قد يسمح له بتعزيز افتراضاته بضرورة إعلاء شأن الأمن و»محاربة الإرهاب» وسد الطرق أمام القادمين من دوله، على أي شأن آخر.

شعبوية ترامب لم تمنعه من استخدام بعض الشعارات والرموز التي اعتبرت معادية للسامية، ما اعتبر تطوراً طبيعياً في مسيرة الرجل السياسية خلال حملته الانتخابية منذ أكثر من عام حتى اليوم.

ورغم إزالة الشعار الذي هاجم فيه منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، والذي تضمن رسماً لنجمة داوود كانت تستخدم خلال الفترة النازية لتعريف اليهود، فإن الجالية اليهودية قرعت أجراس إنذار عالية، خصوصاً أنه ترافق مع وفاة عميد الناجين من المحرقة اليهودية إيلي ويزل.

وكشفت أوساط أميركية عدة أن كبار الممولين لحملات المرشحين الرئاسيين، بينهم أغنياء ورجال أعمال وأصحاب مؤسسات ضخمة من اليهود، أحجم غالبيتهم عن تقديم أي مساهمة لحملة ترامب حتى الآن.

على العكس، تتوقع تلك الأوساط أن تصب تبرعاتهم في مصلحة حملة كلينتون التي كشفت أخيراً أنها جمعت خلال يونيو الماضي فقط 70 مليون دولار، مقابل 1.3 مليون لترامب.

وتقول تلك الأوساط إن الخوف من عمل إرهابي على الأراضي الأميركية يربك بلا شك السياسيين وخصوصاً أوساط حملة كلينتون، التي تسعى إلى فرض نقاش على «القضايا»، وليس على المخاوف والغرائز.

وتلقفت الأوساط اليهودية الجدال الذي أثاره الشعار الذي أطلقه ترامب، واعتبر معادياً للسامية، بالتحذير من المغالاة في التحريض على الأقليات، قائلة إن الخطر عندها لن يستثني أياً منها وخصوصاً اليهود.

ومع توقع انتهاء صلاحية التحريض على بريد كلينتون الإلكتروني بالنظر إلى ما آلت إليه جلسة الساعات الثلاث والنصف، مثلما انتهت قبلها بنحو أسبوع أيضاً صلاحيات التحريض على قضية هجوم بنغازي، تتوجه الأنظار إلى «الفضيحة» الجديدة التي سيبادر الجمهوريون إلى طرحها كحزب أو مرشحهم المفترض دونالد ترامب منفرداً.

واعتبر مراقبون كثر غضب ترامب من عدم توجيه «إف بي آي» أي اتهام لكلينتون بمنزلة إغلاق لهذا الملف، قائلين إن استعادة الأخيرة برنامج نشاطها الانتخابي، الذي يتوقع أن ينطلق بقوة بعد انتهاء العطلة الأخيرة، سيزيد الضغط على ترامب الذي بات متعطشاً لأي قضية من العيار الثقيل ليستأنف تحريضه السياسي.

وكشفت حملة كلينتون أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن سيرافقان كلينتون في إطلاق حملتها الانتخابية عشية مؤتمر الحزب الديمقراطي نهاية هذا الشهر، ما اعتبر مؤشراً إضافياً على خلو ملف بريدها الإلكتروني من أي جرم قد يعرضها للمساءلة.

ومقابل مراوحة الحزب الجمهوري وتعثره في الاستعداد لعقد مؤتمره بعد أقل من أسبوعين، واستمرار الجدل حول هوية وأسماء الحاضرين، وكيفية اختيار المندوبين، والآلية التي ستعتمد لتسمية ترامب مرشحاً له، وضعف حملته بشرياً ومالياً، تبدو حملة كلينتون أكثر تنظيماً بأشواط في هذا المجال، بينما نجح الحزب الديمقراطي في نشر برنامجه السياسي، الذي سيعقد مؤتمره في جلساته الأولى لإقراره كبرنامج عمل لمرشحته إلى الرئاسة، بعدما نجح عملياً في تبني العديد من شعارات بيرني ساندرز الذي يتوقع أن يعلن قريباً دعمه لكلينتون ليخوض معها معركة إعادة توحيد القاعدة الحزبية التي انقسمت بينهما في الفترة الماضية.

وتقول أوساط حملة كلينتون إن المهمة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للمرشحة الديمقراطية المفترضة ستكون من الآن فصاعدا كيفية استعادتها الثقة من الجمهور الأميركي عموماً، مضيفة أن كلينتون سبق أن تعرضت لهذا النوع من التشكيك في نزاهتها خلال ترشحها لمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك عامي 2000 و2004، ليتبين بعدها أن سجلها في ممارسة الخدمة العامة يختلف عنه خلال تقدمها لتبوؤ هذا المنصب أو ذاك، بحسب تلك الأوساط.

وهذا رهان على كلينتون أن تكسبه بنفسها إذا أرادت أن تكون أول امرأة تفوز بمنصب رئاسة أهم دولة في العالم.