كل عام وأنا بخير!

نشر في 07-07-2016
آخر تحديث 07-07-2016 | 00:01
 مسفر الدوسري يُمطرني العيد بهدايا غامرة أكثر من أن تحملها زوّادة قلبي، وأثقل من أن يحملها جناحا فرحي، وأغلى من أن أخبئها في خزانة روحي، هدايا مازال العيد يعيد إهداءها لي منذ سنوات، لم يمل هو ولا أنا شعرت بالضجر، في كل مرة أنتظر هداياه تلك بشغف طفل وصبر أيوب، إلا أن المبهج والجميل في تلك الهدايا على تعددها هو أن كلّها: أنتِ!

يهديني العيد "وجودك في حياتي" في كل مرة يزور قلبي فيها، فما أن يحلّ العيد في ساحة صدري حتى يزيح الستائر ويفتح الشبابيك كي أرى وجهك كلوحة متقنة الجمال رسمت بحرفية عالية وإبداع مذهل، وفي كل مرة تأخذني الدهشة والانبهار وكأني أراك للمرة الأولى، وأفرح كما لو لم أفرح بوجودك من قبل، وأتأملك كما لو كنت لم أحفظ ملامحك عن ظهر حب، ولم أقرأ من قبل رسائل عينيك المخطوطة من ذهب أقمار الليل وفضة الأهلّة، ولم أستنر ببروق تلمع بين شفتيك حين تبتسمين، ولم أرتو قط من غيث قلبك حتى أصبحت ربيعاً عصيّا على الجفاف، ولم أتحسس راحة يدك ليزهر اللوز في راحتيّ، ولم أتتبع خطوط كفيك لأعرف مساري الصحيح تماماً كما يفعل الحمام وعصافير الدوري حين تضل عن وجهتها، وكأني لم أسرّح شعرك من قبل لتتساقط النجمات في حضني، ولم أصغ لأنفاسك وهي تعزف أنغامها السحرية في خلايا جسدي وتنفث تعاويذها المباركة فيها.

يحصل ذلك معي في كل عيد، إذ لم يمر عيد منذ أن عرفتك إلا وحسبته "عيد شكر" لوجودك في حياتي، ومناسبة لتذكر كم أنت حبيبة رائعة، تمسحين بحرير عطفك كل يوم ما علق على زجاج روحي من غبار، وتشعلين مصابيح الشمس حين انطفأت في سمائها، وتأخذين بيدي كالأطفال لأعبر الطريق بأمان كلما بدوت خائفاً مرعوباً من فعل ذلك لوحدي، تمنحين رغباتي العزيمة والإصرار لتصبح حقيقة يقطر سكّرها في فم واقعي فيحيل مرارته إلى شهد مصفى، تأخذين غضبي المفاجئ ولأسباب سخيفة كما يبدو لك -وقد يكون كذلك بالفعل- بحضن مفاجئ، تأخذين شجاراتنا دائماً إلى حيث ظل شجرة المحبة، تشاركيني في ابتكار أبجدية للغة الفهم والتفاهم بيننا لنتمكن من البقاء معاً، تعبّئين جيوب ثوبي الذي سأرتديه في صباح كل يوم بالدعوات والأغاني التي أحب، تتأمليني بابتسامة شهية ملؤها الرضا عندما أضحك من قلبي ضحكة عالية لا تكاد تنقطع وتعلقين في أكثر من مناسبة قائلة: "كم أعشق ضحكتك هذه"، تحرصين بقلب أم رحيم وقلق شيطان رجيم على ألا أفوت موعداً لدواء أو أتناساه قصداً، تتعاملين مع شغب الطفل الذي لم ينضج بعد بداخلي بكثير من التروي والحنوّ.

أنتظر العيد في كل مرة ليضعك أمام باب قلبي، ولأنتهز المناسبة بفرح يملأ الشرايين لأقول: كل عام وأنا بخير بوجودك في حياتي!

back to top