اليوان الصيني يتعرض لأكبر موجة هبوط أمام الدولار
انفصال بريطانيا يعزز إضفاء الطابع الدولي على العملة الصينية
على مدى السنوات الخمس الأخيرة، أسست البنوك الصينية الكبرى بنية تحتية واسعة لتداول اليوان وتسوية معاملاته في لندن.
سجل اليوان أدنى مستوى في خمس سنوات ونصف السنة أمام الدولار الأميركي في تعاملات الأربعاء، بعد أن حدد البنك المركزي الصيني المتوسط الرسمي لسعر العملة عند أدنى مستوى منذ نوفمبر 2010.ووفقاً لبيانات من نظام تداول العملات الأجنبية الصيني، هبط اليوان إلى 6.6940 مقابل الدولار من 6.6818 عند الإغلاق أمس الأول.وحدد بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" متوسط سعر العملة أمس، عند 6.6857 يوان مقابل الدولار الأميركي، قبيل فتح السوق بعد هبوط حاد لليوان في أواخر التعاملات أمس الأول.
ومتوسط سعر العملة الذي حدده البنك المركزي، أمس، منخفض 0.4 في المئة عن المتوسط السابق البالغ 6.6594 يوان، لكنه غير بعيد عن مستوى الإغلاق في التعاملات الفورية الليلة الماضية والبالغ6.6816 يوان.وصعد مؤشر الدولار - الذي يقيس قيمة العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية - أكثر من 0.5 في المئة الثلاثاء، بينما هبط الإسترليني في التعاملات المبكرة أمس، إلى مستويات منخفضة جديدة في 31 عاماً، بفعل القلق بشأن تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
معاملات خارجية
على صعيد آخر، من المرجح أن ينجو دور لندن باعتبارها مركزاً للمعاملات الخارجية (أوفشور) لليوان من تداعيات تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن التصويت قد يساهم في تعزيز إضفاء الطابع الدولي على العملة الصينية، من خلال التشجيع على إقامة عدة مراكز لمعاملاتها في الاتحاد.وفي أعقاب الاستفتاء، أثار مراقبو السوق ووسائل الإعلام الصينية مخاوف من انحسار دور لندن الريادي باعتبارها مركزاً للمعاملات الخارجية لليوان، بما قد يعرقل جهود بكين الرامية إلى إضفاء الطابع الدولي على عملتها.مبالغة في التشاؤم
لكن مع بدء استقرار الأمور، يرى بعض المصرفيين والمحللين أن حالة التشاؤم كان مبالغاً فيها، ولا يعني ذلك أنه لن يكون هناك تأثير، لكن تلك الخطوة قد تشجع الصين على تعزيز تداول اليوان في مدن البر الرئيسي الأوروبي، ثم توسيع النطاق العالمي لتداول العملة.وقال أندرو فونغ رئيس الأنشطة المصرفية العالمية والأسواق في بنك هانغ سنغ: "نتوقع أن تحتفظ لندن بمنزلتها كأكبر مركز للصرف الأجنبي في العالم، وإن كانت بعض الخدمات المالية الأخرى في المدينة معرضة لخطر الانتقال إلى دول أخرى عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً أن تداول العملات الأجنبية يمثل حالياً أهم جزء في عملية إضفاء الطابع الدولي على اليوان.ويأتي خروج بريطانيا في وقت صعب تسعى فيه الصين إلى تعزيز الاستخدام العالمي لليوان، قبل إدراجه في سلة حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي في أكتوبر، بينما تحاول أيضاً الحد من نزوح رؤوس الأموال.الرينمنبي
ولعبت لندن دوراً مهماً في إضفاء الطابع الدولي على اليوان، الذي يعرف أيضا باسم الرينمنبي. وكانت العاصمة البريطانية ثاني أكبر مركز لتسوية المعاملات الخارجية باليوان في العالم في مارس، وفقاً لما قالته جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت).وعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، أسست البنوك الصينية الكبرى بنية تحتية واسعة لتداول اليوان وتسوية معاملاته في لندن، كما شهدت العاصمة البريطانية في يونيو إدراج أول سندات سيادية صينية باليوان تصدر خارج الصين.وفي عام 2016 وحده تم إدراج أكثر من 50 سنداً مقوماً باليوان في لندن، مما يزيد على أي مركز مالي آخر خارج الصين العظمى، وفقاً لمجموعة بورصة لندن.بواعث القلق
وقال أندرو ماكغينتي الشريك في هوغان لوفيلز في شنغهاي، إن أحد بواعث القلق يتمثل في أن بريطانيا قد تفقد حقوق جوازات السفر المهمة الخاصة بالخدمات المالية، التي تسمح للشركات المرخصة في المملكة المتحدة بتوزيع منتجاتها وخدماتها المالية في الاتحاد الأوروبي.وأضاف: "إذا فقدت المؤسسات المالية في المملكة المتحدة حقوق جوازات السفر المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وصار بيع المنتجات المقومة بالرينمنبي عبر الحدود في الاتحاد الأوروبي غير ممكن بدون الحصول على موافقات جديدة، فهل سيؤثر ذلك على استعداد الصين للاستمرار في اتخاذ المملكة المتحدة مركزاً مالياً عالمياً رائداً للمعاملات الخارجية للرينمنبي؟"ويقول الكثير من كبار رجال الأعمال، إن من المستبعد أن تفقد بريطانيا هذه الحقوق كلية.المفاوضات
وقال بريان شويغر رئيس قسم الأسهم بمجموعة بورصة لندن لـ"رويترز" الأسبوع الماضي، إن قاعدة المستثمرين الدوليين في بريطانيا، التي تجعل لندن مركزاً جذاباً للمعاملات الخارجية الصينية ستلعب دوراً محورياً في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.وأضاف: "العلاقة الوثيقة بين لندن والصين أحد الشواهد الرئيسية التي توضح سبب الأهمية الشديدة للعمل كمركز مالي بالنسبة لاقتصاد المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".ويقول محللون، إن خروج بريطانيا قد يدفع بكين للتحوط في مراهناتها ويشجعها على إقامة المزيد من المراكز للمعاملات الخارجية لليوان في الاتحاد الأوروبي.وقال نجان كيم مان نائب رئيس الخزانة بفرع بنك تشاينا إيفربرايت في هونغ كونغ: "فرانكفورت وباريس وزوريخ هي جميعاً (مدن) نشطة جداً في المعاملات الخارجية لليوان".
خروج بريطانيا قد يدفع بكين للتحوط في مراهناتها ويشجعها على إقامة المزيد من المراكز للمعاملات الخارجية لليوان في الاتحاد الأوروبي