المونتاج ... جنود مجهولون خلف الكاميرا
على مدار أكثر من 110 أعوام هي عمر السينما المصرية، شاهدنا آلاف الأفلام التي شارك مئات النجوم في صناعتها، خلف الكاميرا أو أمامها، جميعهم اجتهدوا لتقديم أفضل ما لديهم من خلال تجارب فنية تعيش في ذاكرتنا ووجداننا.
{الجريدة} استطلعت آراء أبرز النقاد السينمائيين للوقوف على الأفضل في تاريخ السينما المصرية، وهل شهدت تغيراً في الخيارات عبر تخصصات عدة. وفيما يلي التفاصيل:
{الجريدة} استطلعت آراء أبرز النقاد السينمائيين للوقوف على الأفضل في تاريخ السينما المصرية، وهل شهدت تغيراً في الخيارات عبر تخصصات عدة. وفيما يلي التفاصيل:
رغم أن كثراً يجهلون أسماء أبرز محترفي المونتاج بالسينما المصرية، فإن المهنة التي دخل من خلالها كبار المخرجين إلى السينما ليست سهلة أو هامشية كما يعتقد البعض، فهي إحدى أهم الوظائف التي يقوم بها جنود مجهولون خلف الكاميرا.في بدايته، اعتمد المونتاج على ربط اللقطات التي تم تصويرها على شرائح فيلمية، تباعاً، لتكوّن المشهد الذي يشاهده الجمهور، كما تربط المشاهد ببعضها لتكوّن العمل الفني ككل، وتكون مهمته أصعب باللقطات الطويلة التي يتم التنقل فيها من زاوية إلى أخرى، وهو ما يميز المونتير الناجح عن غيره، فإذا شعر المتلقي بأن الفيلم كتلة فنية واحدة ليس فيها أي قطع يكون المونتير نجح في مهمته.تأثر المونتاج بالتكنولوجيا التي دخلت السينما تباعاً، فتحول إلى العصر الرقمي واستخدم المونتيرون أجهزة الكمبيوتر التي وفرت للأجيال الجديدة طرقاً لتنفيذ مونتاج الأفلام، فالتطور الهائل في التكنولوجيا ساعدهم على إنجاز المونتاج بشكل أسرع، مع إجراء تعديلات أو تراجع عن حذف لقطات من الأعمال بسهولة ويسر، لتبقى وجهة نظر المونتير وطريقته في التعامل يميزان أي تجربة سينمائية جديدة.
تاريخياً، عرفت السينما المصرية المونتاج على يد الأجانب، لكن أدرك الجيل الأول من المونتيرين: صلاح أبو سيف، كمال الشيخ، ونيازي مصطفى، أن المونتاج سيكون طريقهم إلى الإخراج السينمائي، وكانت لهم بصمتهم الخاصة في تمصير مهنة المونتير، وجذبوا إليها أجيالا جديدة من الشباب، فكان سعيد الشيخ، كمال أبو العلا، ألبير نجيب، فتحي قاسم وعبد العزيز فخري، وشارك بعض المونتيرين سوياً في عمل واحد في محاولة للخروج بأفضل صورة سينمائية.
صفاء الليثي
توضح الناقدة صفاء الليثي أن السينما المصرية، على مدى مسيرتها، مر عليها مونتيرون مميزون ساهموا بصناعة أعمال مهمة، خصوصاً أن المونتير يؤدي دوراً لا يقل في الأهمية عن المخرج من الناحية التقنية، ويمكن أن يساهم بإنجاح الفيلم أو يتسبب في فشله، لافتة إلى أن المونتاج في الماضي كان يتم بأسلوب تقني صعب ومعقد، وفي أحيان كثيرة كان المونتير يواجه مشكلات متعلقة بلقطة ما، وقد يضطر إلى الطلب من المخرج إعادة تصويرها أو يكون عليه مواجهة المشكلة والتغلب عليها إذا كان الديكور قد هُدم بالفعل.تشير إلى أن المونتير القوي يعالج أخطاء المخرج الضعيف في الفيلم لكن العكس لا يمكن أن يكون صحيحاً، لافتة إلى أن دور المونتير ليس تركيب المشاهد بشكل متتالٍ فحسب، بل اختيار اللحظة واللقطة التي يجب أن يتوقف عندها وينتقل منها إلى اللقطة التالية. تضيف أن المونتيرة نادية شكري، على سبيل المثال، تعاملت مع المونتاج بإحساسها ومشاعرها فكانت لا تجيد التعبير عما تقوم به في المناقشات، لكنها تبدع في عملها فتؤدي دورها بصورة تجعل المشاهد يتأثر بمصداقية الفيلم السينمائي وبقدرتها على سرد المشاهد بصرياً بصورة شيقة. تتابع أن المونتير أحمد متولي، أحد أبرز صناع المونتاج في مصر، ابتكر بصمة له من خلال أعمال مهمة شارك فيها، كذلك فتحي قاسم وكمال أبو العلا وسعيد الشيخ، فكل منهم مدرسة سينمائية مختلفة، أعدوا أجيالاً جديدة من المونتيرين الشباب.أندرو محسن
يشيد الناقد أندرو محسن بتجربة المونتيرة رشيدة عبد السلام في التعامل مع أجيال سينمائية مختلفة، وقدرتها على التطور والتعامل مع التكنولوجيا حتى الأيام الأخيرة من حياتها، لافتا إلى أن أفلامها حملت بصمة خاصة ميزتها عن باقي المونتيرين، واستفادت من تجاربها مع يوسف شاهين في مونتاج غالبية أفلامه. يضيف أن تجربة رشيدة تعد الأكثر ثراء وتنوعاً بين المونتيرين من ناحية التعامل مع كمّ من المخرجين، وإجادة مهارة الانتقال السلس بين اللقطات المختلفة في أعمالها.يتابع أن المونتير الشاب أحمد حافظ يحمل رؤية جديدة في التعامل مع المونتاج ظهرت في تجاربه الأخيرة من بينها: «هيبتا المحاضرة الأخيرة» و{سكر مر»، تكمن في قدرته على التعامل مع تعدد الشخصيات وانتشارها في الأحداث من دون التنقل بين مراحل حياة الشخصيات بشكل سلبي يؤثر على العمل كله، وهي مهارة لا يمتلكها كثر وتجعل منه مونتيراً مميزاً ستكون له بصمة قوية في السينما المصرية.محمود قاسميرى الناقد محمود قاسم أن المونتيرة نادية شكري صنعت أسلوباً مميزاً في أعمالها جعل لها مكانة خاصة في الأفلام المهمة، ساعدها في ذلك تنوع المخرجين الذين تعاملت معهم من بينهم عاطف الطيب، وحسن الإمام. يضيف أن تعامل نادية شكري مع نوعيات مختلفة من الأعمال السينمائية جعلها مونتيرة من طراز خاص، فعملها مع توفيق صالح في فيلم «يوميات نائب في الأرياف» يختلف عن تجربتها مع حسن الإمام في الفيلم الاستعراضي «خلي بالك من زوزو» ما يؤكد قدرتها على الانتقال بسلاسة والتعامل بروح تناسب كل عمل. يتابع أن ألبير نجيب من أوائل المونتيرين الذين عملوا في المهنة لكنه لم يحصل على حقه بشكل كاف، مشيراً إلى أنه نفذ مونتاج أفلام مميزة في الأربعينيات والخمسينيات، من بينها «جوهرة»، «سفير جهنم»، «القاتل»، «جنة ونار»، «غلطة العمر»، تطور فيها أداؤه بشكل كبير.
الناقد محمود قاسم يرى أن المونتيرة نادية شكري صنعت أسلوباً مميزاً في أعمالها جعل لها مكانة خاصة في الأفلام المهمة