«شهيدة العشق الإلهي»
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
فيلم {رابعة العدوية} واحد من الأفلام الدينية التي أثارت الكثير من الجدل في أعقاب عرضه، بعدما اتهم بأنه جنح إلى الخيال بأكثر مما سرد السيرة الذاتية للعابدة الزاهدة رابعة بنت إسماعيل العدوي (100هـ / 717م - 180هـ / 796م)، إحدى الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، ومؤسسة مذهب الحب الإلهي أحد مذاهب التصوف الإسلامي. وألقي باللائمة وقتها على كاتبة القصة والحوار سنية قراعة، التي استقته من كتابها {عروس الزهد}، وهي كاتبة معروفة في حقبة الستينيات كتبت فيلم {العلمين} (1965)، الذي أخرجه الممثل القدير عبد العليم خطاب، بالإضافة إلى عدد من المسلسلات الدرامية مثل: {حدود الله} و{مارد الجبل}. لكن الفيلم، الذي أنتج في العام 1963 وأخرجه نيازي مصطفى، الذي شارك في كتابة السيناريو، كان صاحب الفضل في تقديم {الوجه الجديد نبيلة}، التي عُرفت في ما بعد باسم نبيلة عبيد، كذلك شهد منافسة رائعة بين الموسيقار رياض السنباطي والموسيقار محمد الموجي نتج عنها تقديم أربع أغانٍ أصبحت في ما بعد من الأغاني الدينية الكلاسيكية هي: {عرفت الهوى} و{على عيني} لرياض السنباطي و{سألت الحب} و{أوقدوا الشموع} لمحمد الموجي، خصوصاً أن من تغنت بهن هي كوكب الشرق أم كلثوم. غير أن ما يستحق التوقف في هذا السياق أن الفيلم أكَّد أن الأغاني من تأليف الشاعر طاهر أبو فاشا، في حين تُشير الوثائق إلى أن أغنية {عرفت الهوى} من نظم رابعة العدوية، التي كانت تقرض الشعر وقالت في هذه القصيدة:عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواكوأغلقت قلـبـي عـمـن سـواكوكــنت أناجيـــك يــا من تـرى خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك أحبـك حـبـيـن حـب الهـــوىوحـبـا لأنــك أهـــل لـــذاكفــأما الــذي هــو حب الهــوى فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواكوأمـا الـذي أنـت أهــل لــه فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى أراك مفاجأة مثيرة لم يتم الكشف عنها سابقاً، بل إن الإذاعة المصرية ما زالت تبث الأغنية، كما حدث بالفيلم، بوصفها من تأليف طاهر أبو فاشا، في حين كانت العناوين حاسمة وقاطعة عند الإشارة إلى أن الشاعر المتصوف عبد الفتاح مصطفى كتب حواراً إضافياً، وأن الموسيقار سيد إسماعيل هو ملحن موسيقى العناوين وفؤاد الظاهري هو واضع الموسيقى التصويرية، وشادي عبد السلام مهندس الديكور ومصمم الملابس، وهي المزية التي رفعت من قدر وقيمة التجربة كثيراً؛ إذ أصبح بمقدور المتابع للفيلم أن ينتقل إلى مدينة البصرة بطرز معمارها، وقباب مبانيها، وهيئة أسواقها، وملابس رجالها ونسائها، رغم أن كاميرا الفيلم لم تنتقل خطوة من مصر، وأخذت المناظر بالكامل في أستديو نحاس وناصيبيان بواسطة مدير التصوير إبراهيم عادل . باستثناء المفاجأة المتمثلة في الوجه الجديد «نبيلة»، وطلاوة صوت أم كلثوم، وحبكة السرد المحكمة، اتسم اختيار وتوظيف المخرج نيازي مصطفى لطاقم التمثيل بالتقليدية الشديدة، كذلك بدت حيلة الشك في أن «رابعة» تناجي عشيقها بدلاً من ربها ساذجة، وتوحي بأن «خليل» وجواريه كفار، والوحي لم ينزل بعد!