التلفزيون المصري هو الأقدم في المنطقة، وعرف بريادته فترات طويلة لبرامج المنوعات والفوازير والمسابقات، إلا أن مناطق أخرى سحبت منه البساط بامتياز، فيما قلة من  البرامج  الضخمة تصور في القاهرة، رغم الإمكانات والمقرات التي تتمتع بها مصر، لا سيما في مدينة الإنتاج الإعلامي.

Ad

قدرة على التطوير

يعزو الناقد والكاتب رامي عبد الرازق تفوق بيروت ودبي إلى  قدرتهما على «التطوير» واستغلال الإمكانات وترويج النجاحات بشكل مبهر، أما في مصر فتقيد الإجراءات والتعقيدات الحكومية الروتينية في مواقع كثيرة فريق العمل، فضلا عن  التوقف على مستوى التطوير وإفراز رؤى وخريطة برامج معينة تواكب شرائح المشاهدين الجديدة، «لذا من الطبيعي والمنطقي أن يكون لبنان أو الإمارات قبلة الباحثين عن صناعة عروض فنية وبرامج تلفزيونية ضخمة».

يضيف: {نجاح الأشقاء في صناعة {الميديا الجديدة} أمر نشجعه جميعا، ولكن علينا في مصر أن ندرك الفارق فوراً ونعمل على تقليله واستعادة ماضينا الذي كان مشرفاً للغاية، ولن يكون ذلك من دون رصد السلبيات ومحاربتها}.

يتابع: {نحن في أمس الحاجة إلى {دم جديد} وكوادر شابة طموحة تتواصل مع جمهور تلك الفضائيات، وتنفذ طلباته على وجه صحيح، في المقابل علينا نبذ أي مشتركين في تجارب كان مصيرها الإخفاق، وأتساءل هنا: لماذا يصر التلفزيون على طواقم كاملة في داخله لم تقدم جديداً ولم تسهم في إنجاح أي تجارب} .

يوضح أننا {لو أردنا السير على خطى لبنان والإمارات فعلينا أولا تعظيم {الرؤية} والتقليل من العشوائية في إنتاجنا التلفزيوني والفوضى التي تفرز في النهاية منتجاً لا يلقى قبولا أو مشاهدة، فأقدم من صنعوا البرامج والفوازير وبرامج المسابقات كانوا مصريين}، مشيراً إلى أنه {للخروج من وضع {محلك سر} علينا الإصرار على التطوير والتخطيط}.

حل المشكلات

أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة صفوت العالم يعدد لـ{الجريدة} أسباب عدم قدرة القاهرة على منافسة بيروت أو دبي ويقول: {ثمة سببان لاختفاء مصر من خريطة الإنتاج التلفزيوني أو البرامجي الضخم، أولهما {المديونيات} التي تثقل كاهل التلفزيون ولا تتيح له حرية الحركة والإنفاق والتعاقد مع نجوم بحجم من نراهم على منصات تحكيم العروض الشهيرة الآن، فالموازنات هي صاحبة الكلمة الأولى في مشروعات مماثلة تنتجها دبي وبيروت الآن بكثافة} .

يضيف: {يتعلق الأمر الثاني بـ{هياكل الإنتاج والعائد}، يركز الجهاز الإعلامي للدولة الآن على برامج صغيرة ومتوسطة تضمن له عائدات إعلانية سريعة، فكلما كانت سياسات التشغيل بسيطة كلما تندرج ضمن إعلانات سريعة وعائدات ثابتة حتى وإن كانت محدودة وتضر بشكل ما بالخريطة الإعلامية والإعلانية ككل} .

يتابع: {إذا أردنا المنافسة على برامج مسابقات غنائية وعروض فنية ومواسم درامية، علينا حل مشكلات السياسة والاقتصاد أولا، لينعكس ذلك على الإعلام وينعش خزائن الدولة بعائدات مالية تستقطب شبابا قادرا على رسم ترتيبات تجذب النجوم الكبار وتسلط الضوء مجددا على الإعلام المصري}.

 تسويق وترويج

يرى الناقد والكاتب عصام زكريا أن {النجاح في إنتاج المنوعات والبرامج الترفيهية والغنائية يتطلب فهما شاملا لأمور تسويقية وترويجية، وقدرة على صناعة صور ذهنية ثابتة تعكس جهوزية البلاد، وقدرتها على أن تكون مسرحا لنجاحات مدوية متتالية غير مرتبطة بتاريخنا كمؤسسين للتلفزيون أو كمية المعدات والفنيين أو الخطط التي تزعم الدولة وضعها فحسب، إنما {خلق مناخ عام} وتهيئته لنجاح أي حدث أو فاعلية ضخمة، وتكاتف الجهود من أعلى مسؤول وحتى رجل الشارع العادي وما بينهما من حلقات لتصدير منتج جيد}.

يضيف: {نجحت تجارب خارج مصر لأن القيمين عليها يعرفون جيدا كيفية ترك انطباعات جيدة في أذهان المغتربين والزوار، فضلا عن الاهتمام بالبنية التحتية ونظافة الشوارع والتشجير وتجهيز المطاعم والفنادق وتأهيل العاملين فيها للتعامل بشكل راق مع الوافدين، هذه الأمور لا علاقة لها بالفن أو البرامج والعروض الضخمة بقدر ما تحدد، إلى مدى بعيد، اختيار المنتجين ومنفذي البرامج لبلد من دون سواه}.

يطالب بأن تغير الدولة نظرتها ككل إلى الثقافة والفنون، وأن تركز على قواعد {فن التعامل}، فمهما وضعت من خطط أو رؤى للنهوض في مجال معين سواء كان فنياً أو ترفيهياً أو حتى رياضياً، لن تنجح من دون يقين بأن المسؤولين الرسميين يقدرونه ويفهمونه قبل الناس العاديين، وينظرون إليه على أنه نشاط غير {تافه}، وأن أسس التعامل والنظافة والاهتمام برقي الشوارع والمباني قبل الأستديوهات هي عناصر جذب للبرامج الكبرى والمهرجانات والفعاليات الدولية.