لم تكد طائرة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحط في مطار العاصمة البولندية وارسو حيث تنعقد قمة حلف شمال الأطلسي، حتى بادر أوباما إلى عقد مؤتمر صحافي على عجل للتنديد بشكل مؤثر وعاطفي بحادثتي قتل رجلين من السود على يد رجال أمن بيض بدم بارد، كان ذلك قبل مقتل 5 من عناصر الشرطة برصاص مجهولين في دالاس.

أوباما قال إن تكرار هذا النوع من الأحداث ليس قضية تخص السود فقط بل يعكس أزمة عنصرية تضرب عميقاً في المجتمع الأميركي وفي النظام الأمني والعدلي الذي يحكم أفعال رجال الشرطة عموماً.

Ad

الأشرطة المصورة عن الحادثين التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أثارت صدمة جديدة، ما تسبب بخروج تظاهرات غاضبة في العديد من المدن الأميركية من نيويورك الى واشنطن وساكرمنتو الى دالاس، للمطالبة بمعالجة سياسية وقضائية للأزمة. وجاء مقتل 5 من الشرطة على يد مسلحين مجهولين ليعطي الحدث أبعاداً جديدة سيكون لا مفاعيل سياسية وأمنية وأهلية.

في المقابل، جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة الإشراف الحكومي في مجلس النواب الأميركي لأكثر من أربع ساعات مع مدير الـ «اف بي أي» جيمس كومي لمساءلته على قراره عدم توجيه اتهامات جرمية في ملف البريد الالكتروني لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ذهبت سدى مع طغيان ردود الفعل على مقتل الرجلين الاسودين ورجال الشرطة على ما عداها من قضايا.

حجم الغضب الذي اندلع بعد مقتل الرجلين الأسودين، والمخاوف التي تركها اغتيال الشرطيين، همش على الفور مشاريع الجمهوريين الذين حاولوا التصعيد في وجه قرار وزارة العدل اقفال ملف كلينتون دون توجيه الاتهام لها.

الامر نفسه انسحب على الجلسة التي عقدها المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب مع قيادات الحزب الجمهوري في مجلسي الشيوخ والنواب، التي كان يعول عليها في إعادة توحيد الحزب خلفه.

وحذرت أوساط سياسية من انفجار الوضع بشكل دراماتيكي في الوقت الذي تسعى فيه السلطات لمعالجة ملف إطلاق النار المتكرر على رجال سود في السنوات الأخيرة. وأضافت تلك الاوساط أن التوتر السياسي الذي لم تشهد مثله الولايات المتحدة خلال موسم الانتخابات، تعززه حملة التحريض التي يقودها ترامب على الاقليات وإثارة الغرائز والانقسامات على أسس عرقية ودينية وطبقية.

وترى تلك الاوساط انه ما لم تبادر قيادات الحزب الجمهوري للضغط باتجاه إجبار ترامب على التراجع، فإن الأمور قد تصبح خارجة عن السيطرة، خصوصا أن اصواتا كثيرة باتت تدعو الى الاستنفار على أسس عرقية، وتحث الناخبين على المشاركة الكثيفة في انتخابات نوفمبر لإسقاط ترامب فيها.

وجاء هذا التوتر العرقي، بعد ساعات من اعلان مدير حملة كلينتون الانتخابية بأن كسب المعركة بات مرهونا بكسب أصوات السود في ولايتي ساوث كارولينا ونورث كارولينا وأصوات الاقلية اللاتينية مرجحة في فلوريدا والاسيويين في نيفادا وفرجينيا.

ومع توصل حملتي كلينتون وبيرني ساندرز الى وضع مسودة مشتركة قدمت الى مؤتمر الحزب وتبنتها كلينتون علنا، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ساندرز سيعلن الثلاثاء المقبل دعمه وتأييده لكلينتون ليخوض معها حملات انتخابية مشتركة في مواجهة ترامب.