أول العمود:

Ad

أعلن ناطق وزارة الداخلية في حديث لإذاعة الكويت أن عدد مخالفات فكرة استخدام حارة الأمان (كتف الطريق) في الفترة من 22 إلى 30 سبتمبر الماضي بلغت 5064 مخالفة، فهل الخلل في الفكرة أم في ثقافة قائدي المركبات؟

***

لا يكاد شهر يمر إلا ونسمع عن إحالة أشخاص أو جهات إلى النيابة العامة لإضرارها أو مخالفتها مصالح الدولة المالية والإدارية، وخلف هذه الإجراءات تحتجب قضايا الفساد الحقيقية: الجهاز الإداري وقياداته بمن فيهم الوزير المعني، وكثير من الوزراء وبنية الهروب من المساءلة النيابية أو الرغبة في تبرئة النفس يشعرون بأنهم أدوا الدور المطلوب بقولهم: أحلت الملف إلى النيابة، ومن ذلك ملفات الاتجار بالبشر، وكذلك الاختلاسات والسرقات التي لا تزال تحدث دون حسيب، ومنها في مؤسسة التأمينات الاجتماعية والجمعيات التعاونية.

الإحالة إلى النيابة حق قانوني نعم، لكن توظيفه السياسي زاد من الفساد الإداري والمالي للدولة، وتحول إلى مخرج للنجاة لأنه لا يشجع على إجراء الإصلاحات الإدارية المطلوبة لتحسين الأداء في الهيئة المعنية، إنما يكون الهمّ الأول انتظار الحكم القضائي الذي قد يبرئ المحالين إلى القضاء بعد تحقيقات النيابة التي قد يخطط لها مسبقا من أجل تهريب (اللص) بتقديم أدلة مبتورة كطوق نجاة له!

 ما نخشاه أيضا هو توظيف هيئة مكافحة الفساد بالأسلوب نفسه بتكليفها من جهات يفترض أنها مطالبة بتفعيل المحاسبة الداخلية، مثال ذلك إحالة ملف متلقي المساعدات المالية لمدعي الإعاقة من وزارة الشؤون الاجتماعية التي يفترض أن لديها نظام صرف متقناً ودقيقاً، وهو ما تفتقده الوزارة كما صرحت الوزيرة ذلك!

ديوان المحاسبة اليوم يتابع 7 تكليفات مقدمة من مجلس الأمة في قضايا فساد بينها عقد شراء طائرات لوزارة الدفاع، وصرف المواد التموينية والمكرمة الأميرية وغيرها، وتكليف واحد من مجلس الوزراء يتعلق بالتحويلات الخارجية، وهي جميعا قضايا تكشف العجز الإداري الداخلي  للجهات المعنية، أو فسادا واضحا كما هو في التحويلات.

كثيراً ما يستخدم إجراء الإحالة إلى النيابة بهدف تأجيل موعد استجواب برلماني بحجة احترام مبدأ فصل السلطات، أو لمعرفة مسبقة بأن فعلاً ما لا يجرمه القانون.

إذاً نحن أمام ظاهرة سيئة ملخصها أن سوء الإدارة عبارة عن غسيل قذر يتم التخلص منه باللجوء إلى أجهزة القضاء أو النيابة أو أجهزة الرقابة (ديوان المحاسبة، هيئة مكافحة الفساد) في حين تقف عجلة تطوير إجراءات العمل الإدارية والمالية، وفي ظني أن تراجع الكويت في مؤشرات عالمية كالشفافية والحوكمة والتنافسية يأتي كجزء منها بسبب الظاهرة التي نتحدث عنها!