يجري تحول كبير على قدم وساق في أسواق العملات الآن بعد ان قرر صندوق النقد الدولي اضافة اليوان الصيني الى قائمة عملاته الخاصة بحقوق السحب الخاص، ويعني ذلك موافقة صندوق النقد على قبول اليوان ضمن احتياطيات الصرف الأجنبية، وتشمل قائمة العملات الاخرى هنا الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني والين الياباني واليورو، وهكذا انضم اليوان الى مجموعة النخبة المهمة.

Ad

وليس لقرار صندوق النقد أي مضاعفات تنظيمية رسمية، وإضافة اليوان الى قائمة السحب الخاص لا تعطيه في الواقع أي حقوق خاصة، وهو يمثل فقط رأي الصندوق في العملة التي يعتبرها آمنة بالنسبة الى احتفاظ مديري الأصول بها، وإذا قرر مديرو الأصول أن قرار صندوق النقد الدولي ينطوي على أهمية فإنهم سيعمدون الى الاحتفاظ بالمزيد من العملة الصينية.

وقد يقرر مديرو الأصول أن قرار الصندوق كان يهدف الى جوانب سياسية بشكل رئيسي، ومن جهة اخرى قد تكون هذه اشارة مهمة إلى أن الصين مستعدة لانهاء استراتيجيتها حول تعويض النمو المدفوع بالاستثمار بشكل سريع، وهكذا لن تستمر في ابقاء عملتها ضعيفة من أجل تحفيز الصادرات، ولا يعلم أحد حتى الآن ما سوف يحدث في المستقبل.

دوافع الصين

لماذا تريد الصين وضع اليوان ضمن قائمة العملات الخاصة بحقوق السحب؟ قد تهدف الى تحقيق قفزة في تدفقات رأس المال في وقت تحاول فيه الأموال مغادرة الصين، ثم إن توليد بعض الطلب الأجنبي على الأصول باليوان قد يساعد على استقرار العملة الصينية التي يتوقع أن تنخفض قيمتها بقدر قليل خلال الأشهر المقبلة، وقد يشعر صندوق النقد بحوافز تدفعه الى مساعدة الصين على الحد من تحريك عملتها بغية تحسين الاستقرار في الاقتصاد العالمي، أو ربما اغراء بكين على تقديم قروض سيادية عن طريق الصندوق لا عبر طرقها الخاصة.

وفي نهاية المطاف، سوف يكون وضع اليوان كعملة احتياطية مدفوعاً بعملية تحرير المزيد من حسابها الخاص، وكلما ازدادت سهولة ادخال واخراج الأموال باليوان ازدادت رغبة مديري الأصول في وضع المال فيه، وإذا ارتقت الصين الى وضع العملة الاحتياطية الحقيقية فإن التأثيرات الأكثر أهمية سوف تكون في الأجل الطويل، وكل هذا ليس جيداً.

ومن شأن وضع العملة الاحتياطية بشكل حقيقي أن يجعل من الأرخص بالنسبة الى الحكومة أن تقترض وهو ما يعني حدوث المزيد من الاقتراض، وسوف يفضي ذلك الى زيادة التدفقات المالية، وكما تعلمت دول عدة خلال العقد الماضي فإن تدفقات رأس المال قد تؤدي الى متاعب.

ولا يمثل هذا الكثير من المنطق، إذ كيف يمكن أن يلحق الضرر بدولة من خلال السماح لها باقتراض أموال بشكل رخيص؟ واذا كانت الدول منطقية وبعيدة النظر فإنها لن تقترض أكثر من المطلوب، ولكن قرارات الاقتراض السيادي هي نتيجة قرارات حكومية ولا علاقة لها بالأسواق، وما من أحد سوف يجادل في قيام الحكومات دائماً باتخاذ قرارات صائبة وصحيحة وحكيمة.

وحتى القطاع الخاص قد يتضرر نتيجة تدفقات رأس المال، وكما تبين للاقتصاديين جيانلوكا بينيغنو وناثان كونفرس ولوكا فورنارو فإن التدفقات الكبيرة للعملة الأجنبية يمكن أن تفضي الى انتعاش وإلى إخفاق، كما أن ذلك قد يدفع البلد أيضاً الى تحويل الموارد بعيداً عن التصنيع، حيث يكون نمو الانتاجية عالياً في أغلب الأحيان وتوظيفها في صناعات الخدمات حيث تتسم الانتاجية بركود نسبي.

خلال العقود العديدة الماضية كان الدولار الأميركي عملة الاحتياط الرئيسية، وشهدت الولايات المتحدة تدفقات ضخمة من رأس المال، وخاصة من دول مثل الصين، وقد سببت تلك التدفقات، بدورها، عجزاً تجارياً كبيراً ومستمراً، وربما ليس من قبيل المصادفة أن التصنيع الأميركي لم يحقق نمواً سريعاً جداً منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي.

وفي السنة المقبلة قد يساعد وضع العملة الاحتياطية في درء التباطؤ الاقتصادي، ولكنه في الأجل الطويل قد يكون وجبة سامة بالنسبة الى الصين.

* Noah Smith