حالة عصابية
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
هتلر مثلاً كان رمزاً دنيوياً عند الكثير من الألمان في ثلاثينيات القرن الماضي، ولم يتأخر هؤلاء في تقديم الأضاحي من اليهود وغيرهم من الأقليات العرقية والدينية ومن الأمم الأخرى المغلوبة. الشخصية العصابية مثلما تتعلق بالرمز وتراه مفتاح الدنيا والآخرة هي أيضا بذاتها تعاني من سادية ومازوخية في آن واحد، السادي هو الذي يتلذذ بتعذيب الغير والضعفاء(السادية كلمة مشتقة من اسم المركيز دي ساد وكتاباته)، وهي إن كانت في الأساس مرتبطة بالعملية الجنسية، إلا أنها تمتد لكل فعل عنفي يخلق نوعاً من اللذة عند السادي، بالفيديو كان القاتل يبتسم منتشياً متحدثاً بثقة مطلقة، مبرراً الجريمة التي سيرتكبها، أو في أمثلة أخرى حين نشاهد القتلة المبتهجين في حفلات الذبح للبشر من قتلة الدولة الإسلامية، أو حين يتسابق هؤلاء بنشر فيديوهات صورهم قبل حفلات التفجير.أيضا العصابي "مازوخي"، أي إنه يتلذذ حين يكون موضوعاً للأذى والعذاب، وحين سلم القاتل في مثالنا السابق حياته للرمز "أبوبكر البغدادي"، وهو يعلم أنه سيقتل في ما بعد، فهنا أو في مثال العمليات الانتحارية نشهد أمثلة حية لهذه المازوخية."إريك فروم" أحد أهم عمالقة مدرسة فرانكفورت كتب الكثير، قبل عقود، عن الشخصية العصابية ومثاله هتلر والفكر الفاشي بصفة عامة، تجدونها في كتاب "الهروب من الحرية"، ولكن الكاتب لا يستبعد العامل الطبقي في تحليله، فهو يرى أن تلك الشخصية في الأغلب تنتمي للشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة بكل إحباطاتها ومقتها للطبقات المتوسطة، أيا كان رأي "فروم"، فالمؤكد أنه لم يلحق في كتاباته على دواعش اليوم ولا على نموذج الأسد أو صدام وغيرهما من أنظمة الحكم العصابي، وبعدها التاريخي، كان سيكتب بأغزر مما كتب عن حالة القرف من العصابية في مجتمعاتنا وأنظمتنا العربية.