الإرهاب والسياسة الخارجية «حصان» الجمهوريين الرابح إلى البيت الأبيض
«استنفار» في مزاج الرأي العام... وروبيو يزاحم ترامب
من المبكر الاعتقاد بأن الناخب الأميركي يتجه إلى تغيير أولوياته في تحديد هوية مرشحه للرئاسة الأميركية والقضايا التي تحسم اختياره.وبعد هجمات باريس وإعلان الاستنفار الأمني في معظم العواصم الغربية، وصولاً إلى بعض المدن الأميركية الرئيسة، حاول المرشحون الجمهوريون تصويب سهام انتقاداتهم لإدارة الرئيس باراك أوباما الديمقراطية، في محاولة للنيل من صدقية منافسيهم الديمقراطيين ونزع أهليتهم في التصدي لـ«الخطر الإرهابي» الذي يهدد الأمة.
مبالغة الجمهوريين في التركيز على الجانب الأمني جعلتهم يطلقون شعار «ما قبل هجمات باريس وما بعدها»، في محاولة للتماثل مع «ما قبل أحداث 11 سبتمبر وبعدها»، كحصان رابح للتأثير في الناخب الأميركي، وتحويل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي أولوية تطغى على ما عداها.وفي معزل عن النقاش بمدى صحة سياسات أوباما واستراتيجيته في مقاتلة الإرهاب أو عدم صحتها، بدا واضحاً أن «استنفاراً» ما حصل في مزاج الرأي العام الأميركي.استنفار صبت نتائجه ضد قضية المهاجرين عموماً واللاجئين السوريين خصوصاً، عبرت عنه استطلاعات للرأي أظهرت أن غالبية الأميركيين لا يعارضون على الأقل تجميد بعض قوانين الهجرة وقبول اللاجئين. غير أن المفاجأة الكبرى تمثلت في استطلاع نظمته محطة «فوكس نيوز» ذات التوجه الجمهوري، أظهر أن الناخبين الجمهوريين يثقون بماركو روبيو عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية فلوريدا في التصدي لقضايا الأمن الوطني وفي إدارة سياسة خارجية هجومية، إذا كان عليهم الاختيار مع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة.ورغم أن الاستطلاع أظهر احتفاظ دونالد ترامب بتقدمه، فإن جراح الأعصاب بن كارسون تراجع كثيراً لمصلحة روبيو وتيد كروز عضو الكونغرس أيضاً، مع احتمال أن يتجاوزه أحدهما لاحقاً، في حين حل في المرتبة الخامسة جيب بوش.وخرجت بعض التحليلات الجمهورية تقول إن الناخب الأميركي قد يصوت للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية على قضايا السياسات الخارجية لا على السياسات الداخلية كالاقتصاد والنمو والبطالة والضرائب والتأمين الصحي.في المقابل، هناك من يرى أن محاولة تعديل مزاج الناخب الأميركي لإجباره على التصويت على قضايا لا تمس مصالحه المباشرة وتعتمد على إثارة عامل الخوف قد لا تعمر كثيراً، خصوصاً أن الطريق إلى البيت الأبيض لايزال أمامه عام كامل، في حين أن الرهان على عامل الزمن وعلى ذاكرة البشر كفيل بتحويل المخاوف الراهنة إلى ذكرى سيئة لا أكثر.هذا ما جرى بعد أحداث 11 سبتمبر وغيرها من الأحداث الأمنية الأخرى، حيث تراجع عامل الخوف إلى مراتبه الطبيعية، في بلد نجح حتى الساعة في رفع التحدي الأمني الناجم عن تهديدات إرهابية.تضيف تلك الأوساط أن استغلال التهديدات الإرهابية ومحاولة بناء حيثية سياسية بالاستناد إليها، يخفي عجز المرشحين الجمهوريين عن تقديم برامج اقتصادية واجتماعية مقنعة للناخب الأميركي، الذي لايزال يكابد في سبيل إعادة ترميم ما خسره اقتصاده من جراء حروب خارجية، لم تعد تمثل البلدان التي خيضت فيها تلك الحروب أي حيثية أو مصلحة استراتيجية أو اقتصادية للولايات المتحدة.