تباينات عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

نشر في 09-07-2016
آخر تحديث 09-07-2016 | 00:01
 إيكونوميست قبل أكثر من أسبوع ومع هدوء عاصفة تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي شهدت الأسواق العالمية موجة من الهبوط والتراجع، وخلال يومين بعد ذلك الاستفتاء هبط مؤشر اس & بي 500 بأكثر من 4 في المئة فيما هبط مؤشر «اف تي اس اي» البريطاني بحوالي 10 في المئة، ثم وبصورة لافتة عكست أسعار الأسهم اتجاهها. وعلى سبيل المثال أصبح مؤشر اس & بي 500 أعلى الآن مما كان عليه قبل تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد. وأعقب ذلك الانتقال من فكرة كون خروج بريطانيا كارثة مالية مباشرة الى الفكرة القائلة بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام، كما أن بول كراغمان كتب قبل أيام يقول إن «المجادلات المتعلقة بتأثيرات خروج بريطانيا الضارة تبدو ضعيفة في الوقت الراهن».

والسؤال: هل ان كل شيء سوف يكون على ما يرام؟ والجواب هو بالنفي، فقد تكون الأمور وقد لا تكون على ما يرام في الأجل الطويل ويوجد العديد من الأسئلة المتعلقة بموعد وكيفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما اذا كان ذلك سوف يتحقق في المقام الأول.

أما في الأجل القصير فهناك الكثير مما يستدعي القلق، وقد تبين ذلك بوضوح في أسواق السندات، وتجدر الاشارة الى أن الأرباح كانت في الأساس متدنية بصورة استثنائية قبل التصويت المشار اليه، ثم هبطت بقدر أكبر في الأيام التي تلته مباشرة، وفيما ارتفعت قيمة الأسهم فإن قيمة السندات لم تحقق ارتفاعاً، وتدنت أرباح سندات الخزينة الأميركية لعشر سنوات 30 نقطة أساس عما كانت عليه في 23 يونيو الماضي، وقد قاربت الأرباح نقطة الصفر، وتقف أرباح السندات لعشر سنوات في ألمانيا وفرنسا وهولندا عند نقطة الصفر بشكل أساسي، ويشير هبوط الأرباح على الأصول الآمنة الى مزيج من نوع ما من انخفاض التوقعات المتعلقة بالنمو والتضخم وزيادة المخاطر،

وفي الولايات المتحدة يعكس هبوط أرباح سندات الأجل الطويل بكل تأكيد التوقعات القائلة إن معدلات الأجل القصير سوف تكون أدنى لفترة أطول. وفي الأيام التي تلت التصويت مباشرة توقعت الأسواق الآجلة قيام مجلس الاحتياط الفدرالي بخفض معدلات الفائدة – وفيما تبددت تلك الامكانية فقد استمرت أوضاع أموال المجلس على ما هي عليه من استقرار وربما يستمر تسعير الأسواق ضمن معدلات واحدة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

توقعات المستقبل

ما الذي يجري على وجه التحديد؟ ليس في وسعنا معرفة التاثيرات الفعلية التي سوف تعقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سواء في داخل المملكة المتحدة او على الصعيد العالمي، ولكن حتى اذا لم تتغير الأوضاع في الأجل القصير بالنسبة الى النمو الاقتصادي العالمي فإن مدى الاحتمالات اصبح أوسع كما ازدادت امكانات حدوث نتائج سيئة أيضاً.

ومن المثير للقلق عدم وجود مساحة واسعة لدى البنوك المركزية لمواجهة أي هزة مالية حتى وإن كانت متواضعة، وليس في الإمكان خفض معدلات الفائدة سواء القصيرة او الطويلة الأجل بقدر أكبر، والأمل الأفضل بالنسبة الى التحفيز النقدي الفعال والمؤثر يتمثل في شراء أصول مصممة من أجل اضعاف عملة دولة ما، ولكن ليس في وسع كل دولة خفض قيمة عملتها في آن معاً، وكان هبوط الجنيه الأسترليني قاسياً بالنسبة الى عملات اخرى، بما في ذلك الدولار، الذي سوف يفضي ارتفاعه الى تقليص الطلب على المنتجات الأميركية ويضعف اقتصاد ذلك البلد.

التيسير الكمي

من شأن التيسير الكمي في كل مكان أن يساعد اذا ما عزز التوقعات المتعلقة بالنمو والتضخم. ولكن عند حدود معدلات الصفر وغياب المحفزات المالية الواسعة النطاق لن تتمكن البنوك المركزية من تقديم الكثير من الأمل.

وفي عالم من معدلات تضخم متدنية جداً ومعدلات فائدة منخفضة للغاية فإن ما يهدد الاقتصاد العالمي ليس التأثيرات التجارية أو الاستثمار بل الخوف، وفي الأوقات العادية لا يشكل ذلك الخوف بداية لركود اقتصادي، ولكن عندما تفتقر البنوك المركزية الى الأدوات التي كانت تستخدمها في الماضي من أجل طمأنة الأسواق، فإن القليل من الخوف يصبح كافياً لخلق مشكلة كبيرة.

back to top