الشيخ صالح أبوحديد... لص هداه الله فصار من الأولياء
يعد الشيخ صالح أبوحديد من الأولياء الذين هداهم الله إلى طريقه بعد ضلال عاش فيه عدة سنوات، فقد كان في بداية حياته لصاً وقاطعاً للطريق، وكان له صاحبان ملازمان له أحدهما الشيخ يوسف (ضريحه في شارع قصر العيني بالقاهرة) تحت القبة المجاورة لقبة "لاظ أوغلي"، والثاني كان يجلس بحارة درب سعادة بالقاهرة الفاطمية على بيت متخرب هناك، وكان يرتدي زي الدراويش، وكان العامة يعتقدون أن له بركات، ويزعمون أنه من الأولياء ويتبركون به ويقبلون يده، وكان يستمر جالسا إلى الليل، وكلما مر عليه رجل بمفرده قال يا واحد، فيخرج في الحال من البيت جملة رجال يحتاطون به ويدخلونه البيت قهرا عنه، فيقتلونه ويسلبون ما معه.وذكر كتاب "شوارع لها تاريخ" لعباس الطرابيلي، أنه عندما ضج الناس نصبت الشرطة كمينا وضبطوه متلبسا هو وعصابته، ولما عذبوهم اعترف الشيخ على زميلين له؛ أولهما الشيخ يوسف وثانيهما الشيخ صالح أبوحديد، ثم قتلت الشرطة شيخ درب السعادة هذا، أما الشيخ يوسف فقد لجأ إلى "لاظ أوغلي بك" الوزير الأول للوالي محمد علي باشا، فعفا لاظ أوغلي عن الشيخ يوسف وبنى له مسجده بشارع قصر العيني.
أما الشيخ صالح أبوحديد عندما كُشف أمرهم فقد احتمى بمطربة مشهورة، فادعت أنه مجنون وقيدته بالسلاسل، بعد أن عقل لسانه وعجز عن النطق من الخوف، ثم أُشيع عنه بين الناس أن له كرامات ويتحدث بالغيب عن طريق من حوله، حيث كان ينام على الفراش لا يتكلم ويخرج من فمه أصواتا غير مفهومة، فتقول المرأة التي كانت تجلس على مقربة من رأسه إنه يقول إن الغائب سيحضر، والقضية تكسب، وفلانة ستتزوج، فيتحقق كلامه، فأخذ يزوره الأمراء والنساء والأعيان وأقبل الناس عليه وأتحفوه بالهدايا والنذور.ويقول بعض الكتاب إن الشيخ صالح أبوحديد ومسقط رأسه (بيوم) في ميت غمر بمحافظة المنصورة، وهي نفس بلد سيدي علي نورالدين البيومي - كان رضي الله عنه يصنع القماش بنسج الخيط على نول النسيج، وكان يذكُر مع كل شدة بـ"لا إله إلا الله"، ويقول هكذا يكون العمل عبادة، وكان يساعد الفقراء، وكان فتوة في الحق ونصرة الضعفاء، أعطاه الله خاصية فل الحديد بيديه، فكان الحديد يلين بين يديه، وسلك طريق أبي الحسن الشاذلي، وكان يسمى بأنه باب الوصول للسيدة زينب رضي الله عنها.تعقد للشيخ حضرة كل ليلة (أربعاء) ومولد كل عام في شهر شعبان، ويذكر أن الخديو إسماعيل استبشر بإشارته ذات مرة، وحصل ما فهم من إشارته فازداد حبه فيه، وحينما تُوفي الشيخ صالح أبوحديد سنة 965هـ اعتنى به وأنشأ جامعا باسمه الذي فيه ضريحه قرب جامع الحنفي بحي الحنفي والناصرية (شارع مجلس الأمة الآن)، وأوقف إسماعيل على الجامع ومدرسة بجواره 400 فدان في الجيزة وعدة دكاكين ومنازل ومقاه بجوار الجامع، وجعل نظارة الوقف لديوان الأوقاف عام 1871م.