اليونان.. مكاتب الاقتراع تفتح أبوابها لاستفتاء تاريخي
يصوت اليونانيون الأحد في اطار استفتاء يضع على المحك مستقبل اليونان ومصير أول حكومة لليسار الراديكالي في دول الاتحاد الأوروبي وأيضاً مكانة هذا البلد في أوروبا.
وقال رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس بعد أن صوت في أثينا "لا يمكن لأحد تجاهل رسالة تصميم شعب يتولى مصيره بيده".ويدعو تسيبراس إلى التصويت بـ "لا" في هذا الاستفتاء الذي يتناول رسمياً المقترحات الأخيرة التي طرحتها الجهات الدائنة "البنك المركزي الأوروبي، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي" على أثينا.وقد بدا تسيبراس منفرج الأسارير مرتاحاً وهو يرتدي قميصاً أبيض وسروالاً رمادي اللون وسط هتاف العديد من الأشخاص "أوخي (لا)" تأييداً له.كثافةوبدأ نحو عشرة ملايين ناخب يوناني بالتوجه إلى مراكز التصويت التي فتحت أبوابها صباح الأحد عند الساعة 7,00 بالتوقيت المحلي (4,00 بتوقيت غرينتش) على أن تقفلها في الساعة 16,00 ت غ. وينتظر صدور أولى النتائج مع بداية المساء.وأمام مركز التصويت في شارع سكوفا بأثينا كان هناك اثنا عشر ناخباً ينتظرون قبل افتتاحه.وقال ميخالس (80 عاماً) أنه سيصوت بلا "من أجل أحفادي لأنه الأفضل بالنسبة للبلاد"، مضيفاً "سيأخذوننا بجدية أكبر" في إشارة إلى الجهات الدائنة.وإلى جانبه تيودورا (61 عاماً) وهي صحافية سابقة "تصلي من أجل الـ +نعم+" معبرة عن غضبها من الحكومة.ولم تمنح الاستطلاعات الأربعة الأخيرة المنشورة تقدماً واضحاً لمعسكر "نعم" أو لمعكسر "لا"، ثلاثة منها منحت التقدم لـ "نعم" وواحد لـ "لا" لكن الفارق لا يزيد في أقصى الحالات عن 1,4 بالمئة.مباحثاتويأتي الاستفتاء بعد خمسة أشهر من المباحثات غير المثمرة بين منطقة اليورو والحكومة اليونانية التي شكلها نهاية يناير حزب سيريزا اليساري الراديكالي بزعامة الكسيس تسيبراس مع حزب انيل "اليونانيون المستقلون" اليميني، والجهات الدائنة وهي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.ومنحت هذه الجهات الدائنة منذ 2010 اليونان 240 مليار يورو من المساعدات أو وعود بقروض لكنها لم تدفع شيئاً لأثينا منذ نحو عام، وتوقف الدفع بسبب رفض أثينا تنفيذ بعض الاصلاحات التي اعتبرتها صعبة جداً اجتماعياً.وبعد عدة محاولات فاشلة للتوصل إلى اتفاق، أعلن تسيبراس ليل 27 يونيو تنظيم الاستفتاء الذي يطرح الأحد سؤالاً صعباً خصوصاً مع توقف برنامج المساعدة مساء 30 يونيو.وينص السؤال "هل يجب قبول خطة المساعدة التي طرحتها المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي أثناء اجتماع مجموعة اليورو في 25 يونيو؟".ولم يطلع الناخبون على هذه الخطة المالية التقنية جداً، إلا على مواقع الانترنت.وكانت حكومة تسيبراس تأمل في الأساس في فوز "لا" ما سيتيح لها تعبئة نصف اليونانيين على الأقل معها لتعود قوية الجانب إلى المفاوضات، لكن الدائنين أضفوا على الجدال تهويلاً. ويأمل البعض بالتأكيد كما أقر رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز في أن يتيح الاستفتاء فرصة للتخلص من "عهد سيريزا" ومخاطر عدواه لبلدان أوروبية أخرى.حملات دعائيةولدفع الناخب اليوناني إلى التصويت بـ "نعم"، يقدمون "لا" باعتبارها توازي تخلي اليونان عن العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) التي يتمسك بها 74 بالمئة من اليونانيين بحسب استطلاع صدر الجمعة، مقابل 15 بالمئة فقط يفضلون العودة إلى الدراخما العملة اليونانية قبل اليورو.وجرت الحملات الدعائية الخاطفة للفريقين وسط أجواء غير اعتيادية.فقد سحب اليونانيون الخائفون ما استطاعوا من المال نهاية الأسبوع الماضي، حتى انه تم غلق البنوك لمدة أسبوع والحد من سقف السحب اليومي لكل فرد بستين يورو.غير أن اكتنازهم هذه الأموال يؤدي إلى بطء أكبر للاقتصاد وخلو المتاجر من المشترين ما عدا التي تبيع مواد غذائية أساسية التي شهدت اقبالاً كثيفاً.ووسط هذا الوضع المالي المتوتر نفى وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس ليل الجمعة السبت على حسابه على موقع تويتر "الاشاعة المغرضة" التي وردت في مقال في "فايننشل تايمز" حول وضع المصارف اليونانية لخطط تنص على اقتطاع 30 في المئة من الودائع التي تزيد على ثمانية آلاف يورو.استعراضوبعد تحضيرات تمت على عجل، إعلانات، بطاقات التصويت، نقل صناديق الاقتراع واعداد مواقع انترنت-- نظم مؤيدو ومعارضو المقترحات الأوروبية مساء الجمعة تجمعين كبيرين في وسط أثينا.وفي استعراض القوة بدت النتيجة متعادلة تقريباً واحتشد حول تسيبراس 25 ألفاً دعاهم رئيس الوزراء إلى أن يظهروا انهم يريدون "العيش بكرامة في أوروبا"، مقابل 22 ألفاً من أنصار "نعم".وكان السبت يوم الصمت الانتخابي عشية الحسم في الصندوق.لكن ذلك لم يمنع وزير المالية الوحيد في حكومة تسيبراس الذي أعلن انه سيستقيل في حال فوز "نعم"، من اتهام الدائنين بـ "الارهاب" في مقابلة مع صحيفة ال موندو الأسبانية.بيد أنه قال بالتوازي مع ذلك لصحيفة فرنكفورتر الألمانية أنه يتوقع حصول اتفاق الأثنين بصرف النظر عن نتيجة الاستفتاء.وفي مطار أثينا السبت وصلت طائرة قادمة من جمهورية قبرص وعلى متنها ناخبون يونانيون يقيمون في الخارج.وقال كوستاس كوكينوس (60 عاماً) انه تنقل بغرض "دعم" أنصار "نعم".وقال ثاناسيس هاجيلاكوس الأستاذ الجامعي بقبرص أنه ينوي التصويت بـ "لا" رغم أنه يرى أن السؤال المطروح "لا معنى له"، بيد أنه أشار إلى أنه "سيتشاور في الأمر مع الأصدقاء في أثينا".ولقي معسكر "نعم" السبت دعماً من تجمعات نظمت في لندن ودبلن ولشبونة.