وأقصد بها صناعة السلاح وتجارته، إذ لم يشهد التاريخ أموالا تضخ لشراء السلاح من دول المنطقة مثل ما شهدته السنوات الأربع الأخيرة، ولماذا؟ لأن ماكرا وضع خطة لنزف خيرات المنطقة، وجلب كل أنواع السلاح الذي يسبقه شرط عدم استخدامه ضد ما يسمى إسرائيل، وخلق كل أسباب التقاتل بين العرب ومجموعة الفزاعات التي يخلقها في كل مرة من بينهم أو من جيرانهم ليرتاعوا ويبتاعوا كل أنواع السلاح، وجرهم لحروب تبدأ ولا تنتهي حتى نستهلك كل استثماراتنا هنا وهناك، ونضخ كل ما نملك من نفط كي لا يبقى لنا منه شيء أو نرهنه لهؤلاء الماكرين وهو في باطن الأرض لنظل كلنا نحن والفزاعات تابعين خانعين لهم مدى الحياة.
لا أدري لماذا هذا غير واضح لحكامنا؟ ولماذا يجرون إلى حرب تلو أخرى وهم يرون كيف يتلاعب الماكرون بنا والقصة تتكرر كل فترة دون كلل أو ملل، ونحن للأسف نسمع ونتبع ولا نضع حدا لهذا الاستخفاف؟هذه الحرب المدمرة الدائرة في اليمن لا داعي لها، وكان يمكن معالجة مشاكل اليمن وإعادة السعادة لشعبه بدعمه اقتصاديا وسياسيا، ورفع مستوى معيشة أهله ليلتفت إلى مستقبله بدلا من التقسيم والإصغاء لمن يريد شرا به، وما يدور في العراق وسورية وليبيا هو جزء من مخطط العبث والتقسيم لا يقف بدعم فئة على أخرى، إنما يزيد من قوة اشتعال الاقتتال بين الشعب الواحد، وبينهم وبين الدول العربية المجاورة، وكل من يريد الاستفادة من هذا الخبل.إيران فيها أصحاب مصالح في الحروب مثل منافسيهم عندنا، ولديهم أطراف تبحث عن المشاكل أو خلقها في مواقع مختلفة، وأغلبهم من العسكريين الذين يرون في دعم الشيعة قضية لا بد منها وتقديم العون لها بحجة أن إيران هي الدولة العظمي التي عليها حماية الشيعة في كل مكان، حتى لو لم يطلب منها الشيعة هذا الدعم، لكن إيران ليست هي كل هؤلاء، فغالبية الشعب الإيراني وقادته من العقلاء، ولهم رؤية في إصلاح بلادهم، وحرص على تنمية علاقات طيبة مع الدول المجاورة وبقية دول العالم، فنحن لم نسمع لهؤلاء واخترنا أن نُستَفز من المستفيدين من الحروب، ومن التابعين لخطط الماكرين العاملين على التقسيم وضرب الشعوب ببعضها، وإشعال نار الفتن الطائفية والقبلية وغيرها.في الجانب العربي من الخليج لدينا ناس منغمسون حتى النخاع في لعبة المكر، أغلبهم تجار سلاح، ملايينهم تأتي من خلق الفتن أو تضخيمها وتوريد الأسلحة لمن يريد التقاتل، وللأسف فهم في مواقع مؤثرة يستمعون للكذب ويتبنونه وينشرونه ويرعبون به الناس، ويثيرون نخوة الحكام ليكونوا على استعداد ليوم الوغى، فما إن تنطلق أول شرارة حتى تفتح خزائن الدول لتصب في خزائن صناع وتجار السلاح، ومتى ما تحرك السلاح فإن إيقافه لا يكون إلا بمعجزة لا تأتي إلا بعد فوات الأوان، لكننا أيضا لدينا أغلبية من الحكماء والعاقلين الذين يرون الدمار المقبل، ويعرفون أن الحرب ليست لعبة، وأننا في مناطق زرعت بها عوامل كثيرة لو تحرك السلاح لا يزيدها إلا اشتعالا، وأن هؤلاء لا يريدون سلاحا إنما يريدون حرية ومعاملة إنسانية وثقافة وطنية واقتصادا يبني للمستقبل.الماكرون قادرون للأسف على التلاعب في مكونات الشعب العربي والإسلامي، فهم يدركون ويضخمون الفجوة بين الطوائف والقبائل، ويشعلون الفتن في كل مرة بشكل مختلف، وهم عينهم على النفط يريدون امتصاص وتخزين كل قطرة تحت الأرض، إما في خزاناتهم أو أن يكون مرهونا لمصارفهم ومؤسساتهم، وعينهم الأخرى على حبيبتهم إسرائيل التي تقود اليوم معظم منظمات الإرهاب في منطقتنا العربية بطرق مباشرة وغير مباشرة؛ لكي تبقى إسرائيل وتتوسع على قرع طبول حروبنا الداخلية.يحزنني أننا نصغي لأهل المكر ولا نصغي لعقولنا ومصلحة بلادنا، نستطيع إيقاف كل هذا العبث لو أشغلنا عقولنا وابتكرنا كل وسيلة سلمية للتقارب والتقريب بين كل مكونات الخصومة المفتعلة، وليتنا نصغي لضمائرنا وعقولنا لنوقف هذا الجنون وندحر الماكرين وكل تجار السلاح.لنبنِ تحالفا عربيا وإسلاميا للسلم لا للحرب، للبناء لا للتدمير، لنشر سماحة الدين لا لتطويع آيات الحرب لمزيد من الحروب، فبالحروب نحن كشعب عربي خاسرون، خاسرون، خاسرون حتى لو تغلبنا على كل أهل الأرض، فهل من يسمع؟
مقالات
تنمو وتزدهر بجهلنا
21-12-2015