صدرت للكاتبة الفلسطينية سامية عياش رواية جديدة بعنوان «تكاد تضيء»، عن دار كيان للنشر والتوزيع بالقاهرة، تضم الرواية خمسة فصول «ذاكرة، وعتمة، وأمنيات، وتأرجح، وضجيج»، وتسير بطريق متوازٍ عبر حياتين وبين زمنين مختلفين.

Ad

في رواية «تكاد تضيء» زمانان، تشق الزمن الأول حنان العائدة من الأردن، مجرجرة فشل زواجها، والزمن الآخر تقرأه من خلال مذكرات تيماء التي وجدتها على الجسر الواصل بين شرق الضفة وغربها.

تطلعنا حنان عبر مونولوج داخلي على الشخصيات التي شكلت ماضيها وأحاطت بها وأثرت في قراراتها، الدكتور سميح، ابن عمها وطليقها الذي كان النسوة يتفاخرن بأنها ستصبح حَرَمَه، ذلك الزواج المحكوم بالوطن، والمدبوغ بالأرض.. تطلعنا حنان أيضا على ليلى صديقتها التي زجرتها حين سألت عن قصي ليلة سفرها إلى الأردن، عن والدها السجين القديم في سجون الاحتلال، عن أمها بهداياها المشبعة بالدم، عن زغرودة أم أحمد لتعوضها بأمومتها، عن قصي ونظرته المتسللة المحفوظة في جراب القلب...

وتحمل الرواية تساؤلات البطلة {ماذا عن الوطن؟ عن عتبة الدار؟ عن الشرفات؟ ماذا عن شجرة الليمون ودالية العنب؟ ماذا عن والدها؟ عن السجن؟ عن ألم الطفلة التي يُختطف منها والدها خلف القضبان؟ ماذا عن سجنه الثاني؟ ماذا عن كل ذلك حين تعود حنان بورقة طلاق؟ حين تدخل في وِحدة، فارغة من وطن يعني أيضا من نحب، من نفتقد، من لم تجدهم حنان في طريق عودتها، ووجدتهم في مذكرات تيماء، حيث لؤي الذي يطفئ وِحدة مفرطة، وتساؤلات وجودية لا تنتهي. فإلى أين تهرب حنان من واقعها؟

في رواية تكاد تضيء يتفتّح الارتباك الأوليّ للحب، ورغم الألم يقفز عبر الخدود المحمّرة، ويختبئ داخل الحكايات القديمة التي تتناقلها الأجيال، وينمو في الشعر والكلام الموارب على الاحتمالات كافة... حيث أدونيس، وكافكا، ومحمود درويش، والبياتي، وإلياس خوري، وباولو كويلهو، وأغانٍ موضوعة على جروح مفتوحة.

كل تلك النصوص المتنوعة بين الشعر والرواية والأغنية يتبادلها لؤي وتيماء محمولين في دفتر أسود عبر رسائل بريدية ويوميات تشفّ مشاعر إنسانية صادقة، تصبح تلك النصوص والمشاعر دليلا تهتدي به حنان في طريقها... فأين الطريق؟

لا تنسى الرواية أيضا الحالة السياسية الفلسطينية فترة سرد الرواية، بكل ما في حياة الفلسطيني العادي من تضارب وأفكار وأحداث، من دون أن يحوّل الرواية إلى منبر أو بوق سياسي.

تنتهي الرواية بوفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، تنتهي وكأن مخاضاً أنجب الحب، فالأمل لم يمت بوفاة محمود درويش، إنه يعشش في كلماته، لتنتهي الرواية باعتراف كامل في الحياة والاستمرارية:

كُنتني وقد صرتكِ

صرتني وقد كنتكِ

إنه الجوهر

الجوهر

الجوهر!