راجح داود... صانع اللوحات الموسيقية
طالما كان المؤلف الموسيقي المعروف راجح داود، صاحب أشهر الأعمال الموسيقية المصاحبة للأفلام السينمائية، وأحد أوائل المؤلفين الذين عبَّروا من خلال مؤلفاتهم الموسيقية عن شخصيات العمل الدرامي في سياق موسيقي يثقل من تعبير فكرة الفيلم.
نشأ راجح داود عام 1954 في محافظة القاهرة، حيث عشق الغناء في بداية عمره ولكن رفضت أسرته احترافه، فاتجه إلى الأدب والصحافة، فيما بدأ مسيرته الفنية أستاذاً أكاديمياً في المعهد العالي للموسيقى {الكونسرفتوار}، ثم أسس بعدها فرقة أوركسترا {الهناجر} لإحياء التراث المصري من الموسيقى والحفاظ عليه.قام بعمله الأول مع المخرج المصري داود عبد السيد، من خلال الفيلم السينمائي {الصعاليك} في عام 1984. وعلى مدار سنوات طويلة استطاع راجح، أن يصنع أيقونته داخل كل عمل درامي رغم أن العمل كمؤلف موسيقي في مجتمع يقتصر الموسيقى في الغناء، ظل يتواصل المؤلف مع حالة الانسجام التي تحدث بين العمل السينمائي والموسيقي لتصنع روحاً جديدة للفيلم.
يصنف النقاد المؤلف الموسيقي المصري، ضمن رواد الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما المصرية، حيث ألَّف مئات من القطع الموسيقية للسينما من بينها موسيقى فيلم {الكيت كات} للفنان محمود عبد العزيز، {أرض الخوف} للفنان الراحل أحمد زكي، {الراعي والنساء} للفنانة الراحلة سعاد حسني، و{رسائل البحر} للفنان الشاب أسر ياسين، وغيرها من قائمة أعمال طويلة قدمها داود للسينما المصرية.لم يتوقف إبداع داود على الدراما السينمائية، فثمة قائمة أعمال طويلة له في مجال صناعة موسيقى المسلسلات، حيث ألف الكثير من التترات لمسلسلات تلفزيونية أبرزها، {طعم الأيام} للمخرج حسن بشير، {هوانم من غاردن سيتي} للمخرج محمد صقر، {رجل في زمن العولمة} للمخرج عصام الشماع، و{الصفعة} إخراج أحمد سلامة. يستنكر راجح داود، دائماً مصطلح {موسيقى تصويرية}، ويصفه بأنه مجرد مصطلح أطلقه المصريون للتفريق بين الموسيقى المجردة المؤلفة للفيلم وبين الغناء، مشيراً أن الموسيقى هي جندي السينما المجهول، الذي يقف دائماً خلف الأضواء، تضع العمل الدرامي في إطار كاللوحة الفنية، من دون إدراك أن الموسيقى هي السبب.تميز داود بمزجه العميق في عدد من أعماله من المؤلفات الموسيقية بين الفلسفة والصوفية، لتخرج بروح صوفية وضحت في الأداء الصوتي الأشبه بـ {التراتيل}، والإيقاعات الهادئة الخافتة، ومن أشهر هذه الأعمال موسيقى {كلام الليل}، موسيقى فيلم {أرض الخوف}، وغيرهما من أعمال.وعلى مدار سنوات طويلة أبدع فيها داود، صنع تيمة بين ألحانه وبين شخصيات ومواقف درامية في كل عمل قدمه، لذلك كان يعمل بشكل مباشر مع مخرج العمل السينمائي ليستطيع تأليف موسيقى تتوالف وتصبح جزءاً مكملاً للصورة الدرامية.برزت مؤلفات راجح داود، في أفلام أشهر المخرجين السينمائين على مدار سنوات من أبرزهم، علي بدرخان، داود عبد السيد، محمد القليوبي، وخيري بشارة... كذلك كانت له في قائمة الموسيقى للسينما التسجيلية، المسرح، والتلفزيون، إلى جانب قائمة مقطوعات موسيقية مستقلة أشهرها، {صوناتا للبيانو، باساكليا، شهداء 25 يناير، جنية البحر}، وغيرها من أعمال موسيقية.