النفط والطاقة : قيادات سابقة وضعت «العصي في الدولاب» لعرقلة «مصفاة الصين»
الوجود في الصين هدف استراتيجي... ولابد من استنفاد كل السبل قبل التسليم بالأمر
متوقع أن ترفض الصين شروط الكويت لبناء المصفاة في نهاية المطاف، لأن هذا الأمر من صلاحيات الحكومة الصينية.
في تصريح لوزير النفط علي العمير خلال يوليو 2014، قال إن "مؤشرات مصفاة الصين طيبة... ونركز على أدق التفاصيل".وبعد مرور عام تقريبا، وتحديدا مع بداية هذا الشهر، قال الوزير: "لن نستمر في مشروع نفطي لا يحقق الربحية الكافية"!والفترة ما بين التصريحين لا أحد يعلم عن مجريات الأمور التي آلت إليها عملية التفاوض مع الصينيين، وكيف كانت تسير خطواتها، حيث إن المشروع يعول عليه مستقبلا في تصريف النفوط الكويتية، لكن الغريب في الأمر أن تصريح الوزير جاء بعد أن وجه النائب فيصل الكندري مجموعة من الأسئلة حول مشروع مصفاة الصين.وفي سؤال لأحد المصادر النفطية عما إذا كانت الكويت تلمح بعدم المضي في مشروع مصفاة الصين، قال إن الكويت كانت لديها شروط، ولم ترفضها الشركة الصينية، متوقعا أن ترفض الصين شروط الكويت في نهاية المطاف، لأن هذا الأمر من صلاحيات الحكومة الصينية وليس الشركة التي نتفاوض معها.وحول ما إذا كان هناك تقصير من الجانب السياسي الكويتي للمضي في المشروع، أشار المصدر إلى أن هناك دعما كبيرا من صاحب السمو أمير البلاد وسمو رئيس مجلس الوزراء، موضحا أن الصينيين من طباعهم النفس الطويل في المفاوضات، لكن المواقف تقلب في آخر لحظة.وأضاف المصدر: إننا نشعر بأن الصينيين غير جادين، خاصة أنهم ليسوا بحاجة إلى رأس المال، إضافة الى حصولهم على مصادر كثيرة من النفط الخام، كما أن وضع السوق النفطي تغير، وقال: "شخصيا لا أتوقع أن يستمر المشروع".وعن أسباب عدم إعلان الكويت رسميا انتهاء المفاوضات إن كانت موجودة حاليا وإلغاء المشروع، أشار المصدر إلى أنه بالنسبة للكويت الوجود في الصين هدف استراتيجي، ولابد من استنفاد كل السبل قبل التسليم بالأمر الواقع، مستدركا أنه كانت هناك قيادات نفطية سابقة وضعت العصي في الدولاب لعرقلة المشروع، ولولا ذلك لكنا في وضع جيد. البداية 2005يذكر أن مشروع مصفاة الصين بدأ في نهاية عام 2005، بتوقيع مذكرة التفاهم بين وزارة الطاقة الكويتية آنذاك ومقاطعة غواندونغ الصينية، وبدأ العمل على اتخاذ الخطوات الأولى نحو تنفيذ فكرة المشروع وتحويلها الى واقع فعلي ببناء مجمع نفطي متكامل يشتمل على مصفاة للتكرير ومجمع للبتروكيماويات مع شبكة لتسويق المنتجات، على أن تصمم المصفاة لمعالجة النفط الخام الكويتي.وصدر قرار مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية رقم 16/2010 بتاريخ 15/4/2010 بالموافقة على تنفيذ المشروع المشترك "سينو-كويت" المبرم بين شركة البترول الكويتية العالمية وشركة صناعة الكيماويات البترولية، كممثلين للمؤسسة وشركة سينوبك الممثلة للجانب الصيني، لإنشاء مجمع للتكرير والبتروكيماويات بتكلفة إجمالية تقديرية بلغت نحو 11.08 مليار دولار أميركي (تقدير في سنة 2009)، كما تم اعتماد مبلغ قدره 152 مليون دولار أميركي لتمويل الدراسات والتصاميم الأولية للمشروع.ويمثل شركاء المشروع حاليا كل من شركة سينوبك الصينية وتبلغ نسبتها 50 في المئة، شركة البترول الكويتية العالمية وتبلغ نسبتها 20 في المئة، شركة توتال الفرنسية 20 في المئة، شركة الصناعات البتروكيماوية الكويتية 10 في المئة. كما أن مشروع الصين مهم وحيوي، حيث وضع الجانب الصيني حجر الأساس لهذا المشروع في حفل الافتتاح، فهو ليس مشروعا وهميا كما يدعي البعض.النفس الطويلوبما أن الاستثمار في الصين هو استثمار طويل المدى، فإن الكويت اعتمدت على سياسة النفس الطويل في عملية التفاوض للحصول على النموذج الاقتصادي للاستثمار، شاملة سلسلة القيمة المضافة من مصفاة ومجمع بتروكيماويات وشبكة تسويق، وهذه العملية أخذت وقتا طويلا، لكن هذا أمر يعد طبيعيا في علاقات العمل الدولية مع الصين، مثل ما حدث مع مشروع فوجيان مع شركة أكسن موبيل، الذي استغرق أكثر من 15 عاما ليرى النور.وما تم صرفه على المشروع حتى الآن يقتصر على الدراسات والتكاليف الإدارية فقط، وللعلم فإن المصروفات تقل بنسبة 30 في المئة عما هو متعارف عليه عالميا لتطوير مثل هذا المشروع الضخم.وأؤكد أنه لم يتم صرف المبلغ المرصود من مؤسسة البترول الكويتية لتمويل الدراسات والتصاميم الأولية (152 مليون دولار أميركي)، لعدم استيفاء الشروط المذكورة في قرار المؤسسة للاستثمار في هذا المشروع. منفذ آمنويرى خبراء أن هذا النوع من المشاريع من شأنه أن يعزز موقع دولة الكويت في "أوبك"، فإن لم توجد منافذ آمنة للنفط الخام الكويتي من خلال مشاريع مشتركة كمشروعي الصين وفيتنام، فإن مؤسسة البترول الكويتية قد تواجه صعوبة في تسويق النفط الخام، خصوصا إذا دخلت العراق وإيران كمصدرين نافذين للنفط الخام في المستقبل، فضلا عن أن دخول روسيا كمصدر نافذ للنفط الخام من خارج منظمة أوبك أيضا من شأنه أن يؤثر ذلك على الطلب العالمي على النفط الخام.يذكر أن مشروع المصفاة مع الصين يقع في مقاطعة غوانغدونغ (جنوب)، وتبلغ تكلفته 9 مليارات دولار بسعة تكرير 300 ألف برميل يومياً.لكن هناك سؤالا مهما: ألا يستحق مثل هذا المشروع توضيحه من باب الشفافية، إذ يندرج ضمن خطة التنمية للدولة؟الكندري... ومشروع الصينفي مبادرة غريبة على العمل النيابي في الكويت، اتهم النائب فيصل الكندري القيادات النفطية بالكذب بشأن مشروع مصفاة الصين، حيث أشار خلال أحد المؤتمرات الصحافية إلى أنه مشروع غير موجود، علما بأن النائب لو اجتهد قليلا عبر تصفح الإنترنت أو سؤال الوزير الذي أكد أن هناك مشروعا وقد لا تمضي فيه الكويت، بسبب انتفاء الجدوى الاقتصادية منه، فهل العمير مشمول ضمن من وصفهم الكندري بالكذب؟ وإذا كان النائب يرى أن المشروع كذبة وغير موجود، فلماذا يوجه الأسئلة عنه؟رحلة مصفاة الصينمر مشروع مصفاة الصين على العديد من السياسيين ومتخذي القرار منذ أن تم توقيع مذكرة التفاهم عام 2005، وهم على النحو التالي:• 3 رؤساء لمجلس الوزراء.• مجلسان لـ"الأعلى للبترول".• 10 وزراء للنفط.• 4 رؤساء تنفيذيين لمؤسسة البترول الكويتية.• 3 رؤساء لشركة البترول العالمية الكويتية.