بعد جريمة تفجير الضاحية الجنوبية ببيروت، الذي قامت به حثالات داعش، لا يمكن تحت أي ظرف وأي مبرر أن يمد حكماء التشفي أقدامهم ويرددوا علينا حكماً فارغة وطائفية، مثل على نفسها جنت براقش، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة، فضحايا التفجير الإرهابي من نساء ورجال وأطفال ليسوا "براقش"، ولم يزرعوا رياح حزب الله بسورية كي يحصدوا عواصف الإرهاب ببيروت، فالفرح المبطن والشماتة الوقحة التي ظهرت في تغريدات بعض "أهل التقوى الديمقراطيين" عندنا مخجلة، وكان عليهم أن يتمثلوا بمقولة "إذا بليتم فاستتروا" ويستروا على عوراتهم الفكرية.

Ad

حزننا على الضحايا ثابت، يقوم على وحدة الضمير الإنساني أياً كان مكان وزمان ضحايا الإرهاب أو جرائم "جنوسايد"، أي القتل الجماعي الأعمى، والذي لا يميز ولا يفرق بين ضحاياه، يستوي الأمر إن كان الضحايا من المصلين في مسجد الإمام الصادق بالكويت، أو كانوا في الضاحية الجنوبية بلبنان، أو في عمق العاصمة الفرنسية باريس، أو كانوا ضحايا "غزوة" سبتمبر 2001 بنيويورك (حسب تعبير مفكر كويتي أضاع بوصلة حياده الأكاديمي ليغرق في مستنقع الجهل الشعبوي المزايد)، أو كان الضحايا في غزة أو الضفة أو بحلب يتلقون الهدايا البراميلية المتفجرة من نظام الأسد.

شجبنا ورفضنا لإرهاب الجماعات التكفيرية، أو إرهاب الدولة بشتى صوره يجب ألا يتلون ويتبدل حسب أهوائنا السياسية واختلافاتنا الفكرية، أو حسب هوية الضحية أو مذهبه أو دينه أو عرقه. ولا يصح الاعتداد، أو القبول بالتفسير التبريري لجرائم إرهاب الجماعات أو إرهاب الدول، تحت ذرائع ومبررات بأن العمل الإرهابي هو "رد فعل" مفهوم لقهر النظام السياسي الحاكم أو فساده، أو هو "ثأر" مبرر للدولة الفاشية حين تبطش بالسكان المدنيين...! قد نفهم سبب الإرهاب لكن ليس لنا أن "نبرر" الإرهاب ونسبغ عليه المشروعية العقلية تحت غطاء التفسير، وحين نفعل ذلك فقد تساوينا تماماً في نهجنا مع فقهاء الإرهاب ودعاة الانتقام الأهوج.

تغريدات الزملاء فواز الفرحان وبدر الديحاني وعبدالهادي الجميل، مع غيرهم من الواعين، المستهجنة للمواقف التبريرية لجريمة الضاحية من قبل نواب سابقين أو مواطنين كانوا نجوماً في تجمعات رفض المرسوم الواحد، ومن المطالبين بـ"حكومة منتخبة"، في محلها الصحيح، فأي ديمقراطية وأي حكومة منتخبة يتحدثون عنها حين يطربون لدوي التفجيرات الإرهابية، ويلتمسون الأعذار لأصحابها! هم بهذا النهج يفصحون عن سوء فهم كبير لمعنى الديمقراطية الأصيل وروح المساواة في المواطنة، كم نخشى من هذه الديمقراطية حين تضع العمامة الدينية المذهبية على الرؤوس النازية، وتتكئ على وسادة محاربة الفساد السياسي للترويج لقضية النزاهة السياسية وحكم الأغلبية، فبمثل هذا الفهم الطائفي، وبمثل هؤلاء النجوم الديمقراطيين، نصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.