رؤوس الأموال المهاجرة من الوافدين
استقطبت دول الخليج العربية العمالة الوافدة بعد اكتشاف النفط بسبب قلة الخبرات الفنية الخليجية في فترة الخمسينيات والستينيات، وبسبب الحاجة الماسة إلى الأيدي العاملة وتوافر فرص العمل، وبسبب توفر الأمن السياسي والاجتماعي أصبحت دول الخليج العربية بيئة جاذبة للعمالة العربية والآسيوية، ومع تعاقب الفترات الزمنية ازدادت أعداد العمالة في الخليج، في وقت يلاحظ أن بعض العمالة الفنية العربية شبه مستقرة في الخليج، وهي عمالة ذات فائدة للمجتمع وبنّاءة، ولا يمكن الاستغناء عنها، وجهودها واضحة في تطور الدول وتستحق الإشادة والثناء.وفي السنوات العشر الماضية يلاحظ ازدياد أعداد العمالة الوافدة في الكويت بشكل كبير وواضح، ومع أن هناك عمالة ذات مستوى فني عالٍ وكفاءة علمية بها فائدة ومنفعة للدولة، ففي المقابل هناك عمالة سائبة بأعداد كبيرة جداً، وبعضها مخالف لقوانين الإقامة، وبعضها الآخر يقوم بأعمال غير قانونية، لأن الهدف من بقائهم هو الكسب المادي فقط، فهم لا يحملون شهادات علمية ولا خبرة فنية، ولعل السبب الرئيسي في ازدياد أعدادهم هو تجارة الإقامات والتكسب المادي من وراء هذه الفئة، وازدياد هذا النوع من العمالة يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة وتجارة الخمور والمخدرات والسرقة، فضلاً عن الازدحامات المرورية وازدياد حالات هروب العمالة المنزلية الآسيوية والانضمام إليهم، حيث يتمركزون في مناطق تمتلئ بالعزاب.
وقد قامت وزارة الداخلية بإعفاء مخالفي الإقامة من الغرامة، ولكن دون جدوى، كما قامت بمداهمة أماكنهم، وقد أثارت هذه العملية إعجاب المجتمع الكويتي وتأييده، وهي خطوة رائدة في القضاء على بعض السلبيات المتراكمة من وراء هذه العمالة غير القانونية، التي تهدد المجتمع وأمنه واستقراره.وهناك نقطة أود إثارتها، وهي رؤوس الأموال المهاجرة، حيث إن دخل العمالة الوافدة بجميع فئاتها يحول إلى دولهم الأم، وهي أموال تفقدها الكويت وتستفيد منها دولهم، لذا يجب على الدولة إيجاد سبل استثمارية تشجيعية لكسب هذه الأموال داخل الكويت، أو وضع رسوم بنسبة معينة على أي تحويل لهذه الأموال بدلاً من هجرتها بوضع تسهيلات استثمارية مقننة للاستفادة منها أسوة بدول العالم التي تشجع الاستثمارات وتستقطب هذه الأموال المهاجرة بدلاً من خسارتها.فلتعمل الحكومة على حل مشاكل العمالة الوافدة من جميع النواحي، سواء مخالفات قانون الإقامة والضغط على الخدمات العامة وهجرة الأموال والمشاكل الاجتماعية من خلال حلول جذرية للمشكلة وشاملة، لا حلول مؤقتة وجزئية تعالج حالات فردية مبقية المشكلة الأساسية.