عندي رسالة من مدرس بكلية الطب المساعد يتهم فيها النائب عبدالله الطريجي بأن أسئلته التي وجهها لوزير التربية كانت طائفية في جوهرها، ولم يقصد بها الرقابة على سير المرفق العام، فهو يسأل عن المناصب الإدارية التي شغلها العميد المساعد لشؤون الطلبة د. علي دشتي، وشروط القبول للماجستير وأسماء الطلبة الذين تم ابتعاثهم وعددهم وصلة قرابتهم مع العميد والعميد المساعد… وأسئلة غيرها تدخل في صميم العمل الأكاديمي للكلية الذي يفترض أن يكون بعيداً عن التجاذبات السياسية.

Ad

ويضيف صاحب الرسالة أن سبب مثل تلك الأسئلة هو تصدي المسؤولين في الكلية للواسطات والمحسوبيات التي حاول البعض من العاملين في الكلية إعمالها لمصالحهم، بما يخرق القوانين واللوائح العلمية، وعلى ذلك أخذ هؤلاء يتصيدون "في الماء العكر" كما يقول المثل، فاختلقوا مثل تلك الاتهامات ضد إدارة الكلية…

الرسالة طويلة وتسهب في الحديث عن البحث العلمي وتقدير الباحثين علمياً، الذي يجب أن يكون حكراً لأهل الاختصاص في هذه الكلية أو غيرها من الكليات. ويتساءل صاحب الرسالة عما إذا كان النائب الطريجي يعلم أم لا أن من يقيم أبحاث المتقدمين للترقية هم مجموعة من الأساتذة المتخصصين من أعرق الجامعات العالمية الأوروبية والأميركية، وأن اختيارهم سري من لجان يشكلها من هو على قمة الهرم التعليمي!

دعونا نترك موضوع رسالة الأستاذ جانباً، ونتذكر أن جامعة الكويت من لحظة ولادتها حتى اليوم دفعت وتدفع ثمناً غالياً من رصيدها العلمي والفكري لحساب "الاستعراضات" واللعب السياسيين، وكانت قمة المحنة في عام 96 حين أقر مجلس الأمة قانون منع اختلاط الجنسين في قاعات المحاضرات، وبصمت الحكومة بأصابعها العشرة على مشروع المجلس، وهي تبصم في أية حال طالما أن القضية لا تمس نفوذ أهل السلطة أو ذممهم، واستمرت سياسات حشر الأنف في العمل الجامعي دون توقف حتى انتهينا إلى حال الجامعة المخجل الآن، حين أصبحت مرآة عاكسة لأمراض وعلل الدولة من طائفية وعنصرية وواسطات ومحسوبيات واستغلال نفوذ وغيرها من أمراض الفساد المستعصية بالدولة، بدلاً من أن تكون المستشفى والصرح العلمي لعلاج تلك العلل.

بالعودة لأسئلة النائب عبدالله الطريجي للوزير، يجب أن نفرق بين حق النائب في الرقابة على عمل المرفق العام وأدائه، وهذا من واجب النائب، كما أسلفت، وبين التدخل في عمل وأداء هذا المرفق، لتحقيق أهداف سياسية معينة، فهذا تجاوز واستغلال للسلطة السياسية.

ختاماً أتمنى أن نتوقف قليلاً عن الثرثرة الخاوية في الوحدة الوطنية، ودعونا نمارسها على أرض الواقع، فظروفنا الاقتصادية والوضع السياسي الملتهب في المنطقة لا تسمح لمثل ذلك الفتل العضلي بين فئات المجتمع.