تخاطر الدولة اللبنانية بخسارة قروض دولية كبيرة من شأنها تحسين قطاعات حيوية، جراء الشلل الذي يصيب المؤسسات الرسمية نتيجة الانقسام السياسي الحاد في البلاد.

Ad

ومنذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في مايو 2014 وتعذر انتخاب رئيس جديد، تسبب الشغور في منصب الرئاسة بتعطيل عمل البرلمان اللبناني نتيجة إصرار بعض الفرقاء على وجوب إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس قبل عقد أي جلسة تشريعية. ومنذ عام 2009، لم تشهد البلاد أي انتخابات نيابية، إذ عمد المجلس النيابي الحالي الى تمديد ولايته مرتين متتاليتين.

ولم تتمكن الحكومة الائتلافية التي تتولى مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية وتضم ممثلين عن مجمل الأطراف السياسية من اتخاذ أي قرار مهم نتيجة الانقسام بين مكوناتها.

ويتجلى هذا الشلل المؤسساتي في تعطيل إقرار مشاريع واتفاقات تتعلق بقروض دولية.

وتنعكس هذه الظروف السياسية بطبيعة الحال سلبا على قرارات الجهات المانحة، وبشكل خاص البنك الدولي وفرنسا اللذين بدآ بإلغاء قروض للبنان تبلغ قيمتها مئات ملايين الدولارات.

وألغت باريس في وقت سابق قرضا بقيمة 46.5 مليون يورو كان مخصصا لبناء مدارس وآخر بقيمة 70 مليون يورو كان مخصصا لقطاع الكهرباء.

ويهدد الشلل التشريعي بإلغاء قرض فرنسي آخر بقيمة 70 مليون يورو مخصص لمشروع معالجة مياه الصرف الصحي في منطقة كسروان.

ولا يقتصر الأمر على فرنسا، إذ يحذر البنك الدولي منذ أشهر عدة من خسارة لبنان بشكل نهائي نصف قيمة محفظة القروض التي تبلغ قيمتها 1.1 مليار يورو في حال لم يتم التصديق على الاتفاقات المتعلقة بها بحلول 31 ديسمبر المقبل.

ويتعلق الجزء الأكبر من مساعدات البنك الدولي بمشروع قرض لتمويل سد بسري في جنوب لبنان، من شأنه أن يؤمن مياه الشفة والري لـ1.6 مليون نسمة. وتبلغ قيمة المشروع 500 مليون دولار، وهو أعلى قرض تقدمه هذه المؤسسة الدولية للبنان.

ويؤكد المدير الإقليمي للبنك الدولي فريد بلحاج أن "الجمود المؤسساتي دفعنا الى الغاء عدد من المشاريع المهمة على صعيد التنمية الاقتصادية في البلاد"، في اشارة الى قروض بقيمة 40 مليون دولار.

ويوضح أن مشاريع أخرى بقيمة 500 مليون دولار هي قيد التنفيذ، "ولكن ليس بالسرعة أو الفعالية المطلوبتين، وهناك مخاطرة بألا تحقق أهدافها".

وتوضح الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة انه إضافة الى خسارة القروض، يخاطر لبنان بابتعاد الجهات الدولية المانحة تدريجيا عنه.

إلى ذلك، ترك التأخر في رواتب العسكريين تداعيات سيئة على الحكومة تفوق تلك التي تسببها أزمة النفايات. فبانتظار انعقاد مجلس الوزراء للبت في مسألة الرواتب أيّد وزير المال علي حسن خليل صرخة قائد الجيش العماد جان قهوجي، مشيراً إلى أن "رواتب العسكريين والموظفين حق مقدس، وعلى الجميع تحمل المسؤولية".

وأكد خليل في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" أمس أن "الوزارة أمنت المبالغ المطلوبة لرواتب العسكريين وحضّرت إجراءات الصرف ولا يحتاج الأمر إلا صدور مرسوم لمجلس الوزراء".

من ناحيته، قال الوزير طلال ارسلان، إن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أبلغه أنه "لا اجتماع للحكومة لحل ملف النفايات، ولن يكون هناك مطمر للنفايات في خلدة من دون موافاتي".

إلى ذلك، قامت مجموعات الحراك الشعبي بمسيرة "ضد المرض" أمس رفضا لخطة النفايات، انطلقت من المكب المستحدث في سدّ البوشرية مرورا ببرج حمود، لتصل إلى موقع تجميع النفايات في نهر بيروت.

(بيروت ـ أ ف ب)