سباق التسلح وعسكرة الإقليم... لمصلحة مَنْ؟
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
بعد الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تفجرت عام 2008 عانت مصانع الأسلحة الأميركية- الغربية أزمة مالية خانقة جعلتها تبحث عن مخارج سريعة، من ضمنها زيادة بؤر التوتر السياسي في العالم؛ لذا تراجع، شيئا فشيئا حتى اختفى، الحديث الإنشائي المرسل عن الديمقراطية والحريات الذي كانت تروجه دوائر سياسية وإعلامية غربية ووكلاؤها المحليون، خصوصا بعد الاحتلال الأميركي-البريطاني للعراق عام 2003، مدعية أن هناك اهتماما أميركياً-غربياً بتشجيع قيام أنظمة مدنية- ديمقراطية في المنطقة تحمي الحريات وتعزز مفهوم المواطنة الدستورية. لقد أثبتت الأيام أن ذلك كان مجرد تسويق أوهام من خلال خطاب إعلامي موجّه يستهدف تدعيم نفوذهم السياسي في المنطقة للمحافظة على مصالحهم الاقتصادية.وبالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي تعاني أزمة اقتصادية، فمن الصعوبة بمكان إخفاؤها لا سيما بعد انخفاض أسعار النفط وتسجيل عجوزات مالية في الميزانيات العامة، وهو ما يتطلب عدم الدخول في حروب عبثية ووقف سباق التسلح على الفور، ثم البدء بإصلاحات سياسية وديمقراطية مستحقة، في هذه المرحلة الحرجة والمضطربة، تجعل الشعوب تشارك مشاركة فعلية في صنع السياسات الاقتصادية-السياسية، واتخاذ القرارات العامة كي تحمي دولها وأنظمتها وتضمن مستقبلها، إلا أن ما يحصل، مع الأسف، هو العكس، فقد تراجعت الأشكال شبه الديمقراطية، وازداد سباق التسلح، وتضخّم الإنفاق العسكري في دول التعاون ليتعدى المئة مليار دولار خلال العام الماضي فقط، بل أصبحت دول المنطقة تتبارى في تشديد القبضة البوليسية، وقمع الحريات، وتكميم الأفواه (هنا أيضا يتم استيراد المزيد من مواد القمع والأسلحة الخفيفة التي تنتجهما مصانع الدول الغربية)، فأي مستقبل، في حال استمرار سباق التسلح وعسكرة الإقليم، يتنتظر دول المنطقة وشعوبها؟!