«بورخيس في مصر»... معرض فوتوغرافي وترجمة لأهم أعماله

نشر في 16-12-2015
آخر تحديث 16-12-2015 | 00:01
No Image Caption
أقام «المجلس الأعلى للثقافة» المصري احتفالية ومعرضاً فوتوغرافياً بعنوان «بورخيس في مصر» بحضور وزير الثقافة حلمي النمنم، وسفير الأرجنتين في القاهرة سيرخو البرتو باؤور، والسيدة ماريا كوداما أرملة الكاتب الأرجنتيني، بمناسبة ترجمة أهم أعماله إلى العربية. شارك في اللقاء لفيف من المفكرين والمتخصصين في أدب أميركا اللاتينية.
قال وزير الثقافة حلمي النمنم: {نعرف بورخيس ونتحدث عن أعماله جيداً، وربما هو أفضل من كثيرين حازوا جائزة نوبل، ولكنه نال جائزة تقدير القراء في العالم، لا سيما القارئ العربي، بما تحمله كتاباته من عشق للتراث والحضارة العربيين}.

وأكد النمنم إن ترجمة أعمال بورخيس من خلال المركز المصري للترجمة، تؤكد اهتمام الوزارة بالانفتاح على الأدب العالمي، لا سيما أدب أميركا اللاتينية، {ذلك لوجود تقارب حقيقي في الوجدان والظروف الاقتصادية، وقد شرفت بلقاء سفراء دولها، وثمة بروتوكول لنقل أعمال كبار كتابها إلى العربية}.

من جهته، قال سيرخيو البرتو باؤور سفير الأرجنتين لدى القاهرة، {إن الاحتفال ببورخيس حدث كبير لأب من آباء الأدب بأميركا اللاتينية، وتراثه أًصبح عالمياً، وعند قراءة أعماله الأدبية، يجد القارئ نفسه عبر الطرقات والأزقة والأماكن الجغرافية والتاريخ والمدن الخيالية، وعبر الكتب المرصوصة على أرفف المكتبات}.

ألمح باؤور إلى حضور مصر في كتابات بورخيس، وأن الأخير منذ طفولته كان لديه اهتمام خاص بالأدب العربي، وكتب عام 1949 قصته الأولى {الألف} وتدور حول دخول العرب إلى مصر، ومسجد عمرو بن العاص.

كذلك أشار باؤور إلى أن معرض {بورخيس في مصر} بمثابة {كتالوغ} دائم للأماكن التي زارها،  ولا تخلو قصة من قصصه أو مقالاته وأشعاره من ذكر مصر، ونجد مئات الأماكن والآثار المصرية مرسومة ومذكورة في صفحاته، وقد اقتبس عن هيرودوت مقولته {مصر هبة النيل} وأرجع أن أصل الحضارات كلها من مصر.

عاشق الصحراء

تضمنت الاحتفالية معرض {بورخيس في مصر}، حيث عرضت مجموعة صور نادرة لرحلته إلى القاهرة من مقتنيات رفيقة دربه ماريا كوداما، وقد حرص مركز الترجمة على دعوتها إلى الاحتفالية، لكونها المرجع الأساسي لأعمال الكاتب الأرجنتيني، وشاهدة على سنوات إبداعه.

تحدثت ماريا كوداما عن نشأته بمدينته في وينوس إيريس {المدينة المحبوبة} وتفاصيل زيارتهما إلى مصر عام 1984، وأن أجمل الذكريات التي تحتفظ بها رغم كثرة أسفارهما، هي تلك الليلة التي أمضياها في الصحراء المصرية وعشقه لها، وفي ذلك البلد الذي أحباه.

ذكرت كوداما مقولة بورخيس: {على بعد ثلاثمئة أو أربعمئة متر من الهرم، انحنيت وقبضت على حفنة من الرمال، ثم تركتها تتساقط في صمت، وهمست لنفسي بصوت خفيض: إنني أعدل الصحراء، الفعل كان بسيطاً في المقابل فإن الكلمات التي خلت من أية ملاحة كانت صائبة وفي محلها، بل حياتي بأكملها كانت ضرورة لأتمكن من التلفظ بتلك الكلمات. في ذاكرة هذه الواقعة تكمن اللحظة ذات المعنى الأكبر لفترة وجودي في مصر}.

لفت د. أنور مغيث مدير المركز المصري للترجمة، إلى أن الاحتفاء بترجمة أعمال بورخيس، حدث ثقافي فوق العادة، وتكريم لأحد أعمدة الأدب اللاتيني، وكاتب تسكن خياله الأدبي عوالم {ألف ليلة وليلة}، ورسخ بإبداعه لعلاقة استثنائية بين الثقافة العربية واللاتينية، وأواصر حب  بين شعبين يتماثلان في التاريخ، ليحظى بمكانة خاصة لدى القراء العرب.

أكد الشاعر والمترجم د. رفعت سلام، أن ثمة ترجمات مهمة لأعمال بورخيس في العالم العربي، وما زلنا في حاجة إلى ترجمة المزيد، باعتباره حالة مفارقة لما عرفناه من كل أدباء الغرب، فهم أبناء أوروبا وثقافتها، بينما هو ابن هذا العالم متعدد الثقافات والحضارات، وأدبه لا ينطلق من نقطة محددة إلى معينة سلفاً.

وأشار سلام إلى أن نهاية القرن التاسع عشر، شهدت ذروة أوروبية في الفن القصصي، وبزوغ نجم  موبسان الفرنسي وتشيكوف الروسي، بينما انطلق بورخيس من نقطة أخرى، وكتابته القصة الأدبية من خلال واقعة ما لا تتطور ولا تنتهي، ويحفر في طبقاتها وتراكباتها، دون أن ندرك  إلى أين يمضي.

انتهى سلام إلى أن بورخيس مسكون بطبقات من الحضارات، وهو أحبّ الشرق كله، وامتلك وعياً بالحضارات الأوروبية، ورفض التعامل الاستشراقي ووعي المستعمر بحضارة الآخر، واختصر الأساطير والتاريخ، واستلهم تراث الشرق، مما أتاح قراءة ثانية لنصوصه، واكتشاف فضاءات مغايرة للخيال الأدبي.

بورخيس في سطور

ولد خورخي لويس بورخيس في بوينوس إيريس يوم 24 أغسطس 1899، من أب أصوله إنكليزية، وأم من أصول إسبانية، وبعد حياة حافلة سافر إلى جنيف بسويسرا، ورحل هناك في 14 يونيو 1986، عن عمر يناهز 86 عاماً، بعد صراع مرير مع مرض السرطان.

كان بورخيس يجيد اللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية، ويعتبر أحد أفضل الكتاب البارزين في الأدب الإسباني في القرن العشرين، ولكنه لم يكتب في حياته رواية واحدة، وصنع مجده الأدبي في القصة والشعر والمقال، وتخطته جائزة نوبل مثلما تخطت تولستوي وهنريك أبسن.

من أشهر أعماله ذات الشهرة العالمية {قصة الألف} التي نشرها أول مرة عام 1949، واعتبرها النقاد بداية لظهور اللاوقعية في الكتابة الأدبية، ونال عنها الجائزة الأولى للأعمال النثرية الخيالية، وهي إحدى جوائز وزارة الثقافة الأرجنتينية، وحصل على جوائز دولية كثيرة، منها جائزة سرفانتس في الأدب الإسباني عام 1990 من مجمع اللغة الإسباني، أي بعد رحيله بأربعة أعوام.

back to top