البدوي... حفيد الحسين ومُنقذ أسرى الصليبيين
لا يحتفى بأحد من الأولياء في مصر مثلما يحتفى بالسيد أحمد البدوي، حيث يُقام له في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (شمال القاهرة) احتفالان سنوياً، أحدهما في شهر أبريل يُسمى بالمولد الرجبي، والثاني في أكتوبر وهو الاحتفال بمولده الذي يُعد أكبر الاحتفالات الدينية في مصر، حيث يزور مسجده الكائن بقلب المدينة أكثر من مليوني زائر خلال أسبوع الاحتفال.
والبدوي، هو أحمد بن علي بن يحيى ينتهي نسبه من جهة أبيه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب المولود بمدينة فاس المغربية عام (596 هـ - 1199 م) إمام صوفي سني عربي، ويعد البدوي في الفكر الصوفي ثالث أقطاب الولاية الأربعة (الدسوقي، والجيلاني، والرفاعي)، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء ومنها تفرع الكثير من الطرق الصوفية. لُقب بالبدوي لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب والسطوحي. هاجر البدوي إلى مكة مع عائلته في سن سبع سنوات، واستغرقت الرحلة أربع سنوات، منها ثلاث سنوات أقاموها بمصر، وعندما بلغ الثمانية والثلاثين من عمره، سافر إلى العراق مع شقيقه الأكبر حسن، ورجع بعد عام واحد إلى مكة، ثم قرر في نفس عام رجوعه الهجرة إلى مصر، وتحديداً إلى مدينة طنطا بشمال مصر، تنفيذا لرؤيا منامية تأمره بالسفر إلى مصر والإقامة في طنطا. ذكرت الكتب التي تناولت سيرة البدوي العديد من كراماته، أشهرها أنه كان ينقذ الأسرى المصريين الذين تم أسرهم في الحروب الصليبية، لذلك انتشرت مقولة "الله الله يا بدوي جاب اليسرى"، أي أن البدوي قد جاء بالأسرى. توفي السيد أحمد البدوي يوم الثلاثاء 12 ربيع الأول 675 هـ/24 أغسطس 1276 م بمدينة طنطا، عن عمر يناهز 79 عاماً، فخلفه من بعده تلميذه عبدالعال، وبنى مسجده، وكان في البداية على شكل خلوة كبيرة بجوار القبر، ثم تحولت إلى زاوية للمريدين، ثم بنى لها علي بك الكبير المسجد والقباب والمقصورة النحاسية حول الضريح، وأوقف لها الأوقاف للإنفاق على المسجد أثناء انفصاله عن الدولة العثمانية وقت حكمه مصر، حتى أصبح أكبر مساجد طنطا، وقال عنه علي مبارك في الخطط التوفيقية: إنه لا يفوقه في التنظيم وحسن الوضع والعمارة إلا قليل، وقد أدخلت توسعات جديدة على مسجد البدوي في عهد الرئيس محمد أنور السادات عام 1975، وكانت آخر أعمال ترميمية به عام 2005.