هل من تاريخ سياسي للقمامة؟
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
لم نتصور أن يكون التعامل مع القمامة من ضمن قضايانا الأساسية. وعندما جاء الغزاة، حاولوا فرض هيمنتهم على كل شيء تقريباً فسارعوا إلى تغيير لوحات السيارات، وأسماء المناطق والشوارع والمستشفيات وأصدروا جريدة النداء اليومية، إلا انهم لم يقتربوا إطلاقا من القمامة.لم يستغرق الوقت طويلاً حتى نظمنا أنفسنا، وبدأ كل "فريج" يجد طريقته الذاتية في التخلص من قمامته، وما أحدثه الغزاة من إخلال في مجريات الأمور. في الأسابيع الماضية بدأت أزمة قمامة حادة في بيروت. انتشرت الأكياس أكواماً حتى سدت الطرق، وبدت بيروت بلونها وطعمها الجميل، تصاحبها رائحة كريهة هذه المرة.المشكلة من حيث الشكل تقنية بحتة، وباختصار شديد، فقد انتهى عقد الشركة المسؤولة عن جمع النفايات، اتضح أن "مطمر" الناعمة، حيث تلقى النفايات كان من المفترض إغلاقه منذ سنوات إلا أن الإغلاق ظل يؤجل، فقرر أهل المناطق المحيطة منع الشاحنات من إلقاء حمولتها، وبالتالي تعقدت المشكلة، وبصرف النظر عن الجانب الفني فإن المشكلة تمثل انعكاساً لمأزق سياسي حاد بالطبع.وقد قمت بمسح سريع على العديد من الدول فاتضح لي أن القمامة كانت دائماً موضوعاً للسياسة، وبالإمكان علمياً إجراء دراسة عن التاريخ السياسي للقمامة.ويبدو أن علاقة الأنقاض، النفايات، القمامة، إعادة التدوير، بالسياسة هي علاقة وطيدة وعضوية سواء أكان ذلك في الشرق أم في أعالي البحار، وقد يأتي اليوم الذي يصدر فيه مقياس كفاءة الدول من خلال كفاءتها في التعامل مع قمامتها، والله المستعان.