أول كويتي يزور بريطانيا كان الشيخ أحمد الجابر الصباح (مواليد عام 1885م)، وكان ذلك قبل أن يتولى الحكم بحوالي سنتين، أي في عام 1919م حيث نظمت بريطانيا العظمى آنذاك حفلاً كبيراً دعت إليه العديد من رؤساء الدول الصديقة لها بمناسبة انتصارها على الدولة العثمانية وحلفائها في الحرب العالمية الأولى.

Ad

وقد كان من بين الحضور نيابة عن أمير الكويت الشيخ سالم المبارك الصباح ابن أخيه الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي سافر الى الهند ومنها الى بريطانيا بطريق البحر، وحضر مراسم الاحتفال في العاصمة البريطانية. كما حضر الاحتفال الملك فيصل بن عبدالعزيز ممثلاً عن والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود وكان عمره آنذاك ثلاثة عشر عاماً.

وقد عثرت أثناء البحث في المكتبة البريطانية على وثائق تتعلق بزيارة الشيخ أحمد الجابر والملك فيصل الى لندن للمشاركة في تلك المناسبة، ومن المفيد أن أستعرض مع القراء الكرام هذه الوثائق التاريخية. ولكن قبل أن نتحدث عن الملك فيصل، نعرض للقراء الكرام رسالة كتبها الشيخ أحمد الجابر الى ملك بريطانيا يشكره فيها على دعوته إلى حضور الحفل، ويعرب فيها عن سعادته بالوجود في لندن لهذا الغرض. وإليكم نص هذه الرسالة التي كتبها الشيخ أحمد وهو في لندن بتاريخ 30 أكتوبر 1919م قبل عودته الى الكويت:

"الى حضرة جلالة الملك المعظم جورج الخامس ملك بريطانيا العظمى وأيرلندا المحافظ على خيرية كافة الأديان وإمبراطور الهند بكمال الاحترام وبغاية الممنونية... أعرض لجلالتكم المعظمة أنه قد حصل لي كمال الشرف والسرور بهذا الموفقية بما جلالتكم المعظمة تفضلتم به علي من اللطف بدعوتي لكي أحظى وأتشرف بشرف المثول لدى جلالتكم المعظمة التي هي غاية موفقتي، وهذي هي نعمة غير مترقبة، وقد حزت كمال المحظوظية والشرف غاية السرور بهذا اللطف العظيم من جلالتكم المعظمة وبهذا النعمة بكمال الاحترام وبغاية الممنونية نقدم لجلالتكم المعظمة من صميم قلوبنا بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن عمي حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك الصباح كافة جماعتنا ومن هو متعلق بنا التهنئة والتبريك بمناسبة ما حازه جلالتكم من الانتصار بهذه الحرب الضروس. وقد حصل لنا عموماً كمال وغاية السرور هذه الحرب بهذه الصورة، وقد حمدنا المولى تعالى على ذلك وأرجو من لطف ومراحم جلالتكم المعظمة انه نحن إن شاء الله على الدوام حائزين لطف ومراحم جلالتكم المعظمة مع مرور الأيام وتكرر الأعوام وفضل جلالتكم وانه نحن إن شاء الله على الدوام حائزين كمال الرضى واللطف والالتفات من جلالتكم المعظمة مع كافة رجال دولتكم المعظمة ونؤمل من لطف جلالتكم المعظمة علينا إن شاء الله تعالى نرجع من إنكلترا المعمورة لأوطاننا بكمال العز والشرف والسرور، ودمتم سالمين محروسين وأدام الله لنا بقاكم. تحرر في 6 صفر 1338 الموافق أكتوبر 30 1919    أحمد الجابر الصباح".

وقد كتب بالتفصيل عن هذه الزيارة التاريخية عدد من المؤرخين منهم الشيخ عبدالعزيز الرشيد في كتابه الشهير "تاريخ الكويت"، والدكتور يعقوب الغنيم في كتابه "ملامح من تاريخ الكويت"، الذي اعتمد فيه على ما كتبه بتفصيل كامل الدكتور ستانلي ميلري.