لا جديد يتعلق في إغلاقات أسواق المالية الخليجية، النزيف مستمر والتراجعات كبيرة، حيث أغلق السوق السعودي أمس فاقدا 4.4 في المئة ليصل مؤشره إلى 4660 نقطة، مع تعديل مؤسسة فيتش النظرة المستقبلية للمملكة إلى سلبية من مستقرة مع تأكيد التصنيف الائتماني عند AA، كما فقد الكويتي 143.1 نقطة من مؤشره السعري ليقفل عند مستوى 5909 نقاط أي بنسبة تراجع بلغت 2.36 في المئة، بينما أغلق مؤشر دبي بتراجع 6.9 في المئة، وأبوظبي 5.01 في المئة، وقطر 5.25 في المئة، والبحرين 0.37 في المئة ومسقط 2.94 في المئة.

Ad

ونزل الخام الأميركي عن 40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ الأزمة المالية لعام 2009 في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي ليغلق منخفضا 2 في المئة، في مؤشر على تخمة معروض بالولايات المتحدة وبيانات ضعيفة للإنتاج الصناعي الصيني ليسجل النفط أطول موجة خسائر أسبوعية في نحو 3 عقود، بينما أغلق خام برنت على انخفاض 1.16 دولار أو 2.5 في المئة، إلى 45.46 دولارا للبرميل. ونزل خلال المعاملات إلى 45.07 دولارا ليقترب من الهبوط عن 45 دولارا للمرة الأولى منذ مارس 2009.

وأجمع محللون على أن السبب الرئيسي وراء تراجعات الأسواق هو تراجع أسعار النفط من جهة، وتزامنه مع مشاكل كبيرة جداً في الصين و«اليورو» وغيرها من جهة أخرى، مؤكدين أنه لا بد وأن تتدارك الدول الخليجية نفسها قبل فوات الأوان كي تنقذ نفسها من تداعيات الأوضاع الحالية، والتي يمكن أن تتحول إلى أزمة عالمية في حال استمرار الأوضاع دون إيجاد حلول دولية لها.

وقال الخبير الاقتصادي رئيس شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون لـ«الجريدة» ان «الوضع الحالي لن يتيح لنا «فرصة رابعة»، وما لم نعرف كيف نتدبر أمورنا والذي لن يحدث إلا بالجلوس مع الأطراف المختلفة في منظمة أوبك وغيرها، فإننا سندخل في صراعات أخرى سياسية وعسكرية وغيرها، ستستنزف كل مواردنا، وبالتالي الدخول في أزمات اقتصادية ربما لا نستطيع معالجتها».

أما المحلل علي النمش فقد أشار إلى أن العالم كله قلق ومرتبك مثلما كان في الأزمة المالية عام 2008، مضيفا ان الوضع الحالي شبيه بالأزمة نظراً لأنه يعتبر من تداعيات الأزمة لأننا «لم ننته منها حتى الآن».

وشدد  نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الاستثمارات المحلية والخليجية في شركة الساحل للتنمية والاستثمار، عبدالله العصيمي، على ضرورة إعادة نظر الحكومات الخليجية بجدوى الانفاق الاستثماري في المشاريع العملاقة والبنى التحتية وغيرها من الإصلاحات الاقتصادية كي تقلّل من أثر الانخفاضات القادمة إن استمرت، وفيما يلي التفاصيل:

قال الخبير الاقتصادي رئيس شركة الشال للاستشارات جاسم السعدون ان الوضع الاقتصادي العالمي يتلخص في 3 مشاكل رئيسية يواجهها في الفترة الحالية، أولها أوروبا وتحديداً منطقة «اليورو»، فهي الآن في خضم مشكلة حقيقة ولا تعلم إن كانت ستنجح في إنقاذ اليونان أم لا.

وأوضح السعدون أن نمو منطقة اليورو ضعيف جداً وأقرب إلى الصفر وتحديداً 0.3 في المئة وهو بالتأكيد أمر سلبي وسيئ لواحد من أكبر التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، وبالتالي هناك شكوك حول نجاح إنقاذ اليونان وهو ما بدا فعلاً في الخلاف الحالي بين صندوق النقد الدولي ومطالبته بشطب جزء من ديون اليونان، وبين الاتحاد الاوروبي نفسه وألمانيا تحديداً الرافضة لمثل هذا التوجه، ثم جاءت استقالة رئيس الوزراء اليوناني لتدخل اليونان والاتحاد من خلفه في نفق مظلم غير معلوم المصير.

وأشار السعدون إلى أن المشكلة الرئيسية الثانية هي الصين، فوجود مشكلة حقيقية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتراجع نموها إلى أكثر من 3.5 في المئة وبلوغه 7 في المئة فقط وهو رقم متراجع مقارنةً بنموها التاريخي في السنوات الماضية، وبالتالي عدم قدرتها على استيعاب الزيادة في سوق العمل، وقد «رأينا أنها بدأت منذ العام الماضي بالتسويق للاستثمار لديها قبل انفجار الفقاعة في يونيو الماضي، وحاولت الحكومة عندها القيام بإجراءات تحفيزية نجحت على المدى القصير وتراجعت الآن».

وأضاف السعدون ان البنوك الصينية الآن لديها ديون للقطاع الصيني التقليدي القديم وكذلك العديد من القطاعات الأخرى، وبالتالي هناك تهديد حقيقي وجدّي ويمكن حدوث أزمة فيه.

أما المشكلة الرئيسية الثالثة، فأوضح السعدون أنها تكمن في  تهديدات الأميركيين برفع أسعار الفائدة على الدولار، وانتهاء زمن «الأموال الرخيصة»، وعندما تخرج مثل هذه التصريحات فإنها من البدهي أن تصيب أسعار الأصول المالية وتخلق نوعا من الضغط عليها، وكونها جاءت في نفس التوقيت مع أوروبا والصين فإن تأثيرها السلبي يصبح مضاعفاً.

الشرق الأوسط ملتهب

وقال السعدون ان هناك مشكلة جانبية وهي أن منطقة الشرق الأوسط منطقة مشتعلة وفيها العديد من الصراعات، وهي كلها أمور ضاغطة على الاقتصاد بشكل عام، وإذا أضفنا لها احتمال هبوط أسعار النفط واشتعال الأحداث الجيوسياسية بشكل مضاعف فإن الأمر «لا يبشّر بالخير» على الإطلاق، موضحاً أن هذا العامل يعتبر عاملاً اقتصادياً لدول الشرق الأوسط نفسها لكنه عامل جيوسياسي بالنسبة لدول العالم.

وأضاف: «الإقليم يعاني العديد من المشاكل ويبدو أننا لا نتعلم من أخطائنا، بل يجب أن أن نُلدغ من نفس الجحر 10 مرات حتى نتعلم! فالدول الخليجية أصبحت أسيرة نفقاتها العامة وهي الآن مهددة بتحقيق عجز في ميزانياتها خلال العام الحالي والقادم». وأكد أن الدول لا تقاس بمدى «أكلها» من «الشحم الزائد» من فوائضها المتراكمة في ميزانياتها، بل بديمومة نمو الاقتصاد لديها.

وذكر السعدون ان المشكلة ليست في منافسة النفط الصخري فهو بالنهاية مرتبط بحد أدنى من التكاليف لا يقل عن 60 دولارا للبرميل وبالتالي فإنه قد خرج من هذا السباق مع الأسعار الحالية، لكن المشكلة أكبر في المنافسة في النفط التقليدي، حيث ان تكلفة إنتاجه تصل بحدها الأدنى ما بين 10 و20 دولاراً فقط، وإذا ما أضفنا الوضع السياسي المضطرب فلا بد أن يكون هناك هبوط واضح في أسعار الأصول وأبرزها أسواق المال.

وأشار إلى أنه في حال استمرار المعطيات الحالية فمن الطبيعي استمرار هذه الانخفاضات، لكن من المستبعد أن يصل النمو الاقتصادي العالمي إلى الصفر أو إلى السالب وذلك نظراً لخروجه من تداعيات الأزمة المالية العالمية وقيامه ببعض الإجراءات الإحترازية.

وأكد ان الوضع الحالي «لن يتيح فرصة رابعة  لنا، وما لم نعرف كيف نتدبر أمورنا والذي لن يحدث إلا بالجلوس مع الأطراف المختلفة في أوبك وغيرها، فإننا سندخل في صراعات أخرى سياسية وعسكرية وغيرها، ستستنزف كل مواردنا، وبالتالي الدخول في أزمات اقتصادية ربما لا نستطيع معالجتها».

تراجع النفط هو السبب

من جهته، قال المحلل المالي علي النمش ان تراجعات الأسواق المالية الخليجية كانت السبب الرئيسي لها وهو تراجع أسعار النفط الذي انخفض قرابة 60 في المئة خلال عام واحد فقط.

واشار النمش إلى أن هذه التراجعات خلقت ضغطاً كبيراً على الحكومات الخليجية والبنوك والقطاع الخاص بشكل عام، فالقطاع الخاص الخليجي يستمد قوته من الحكومات، التي تستمد قوتها بدورها من النفط، وبالتالي فإن الانخفاض الكبير أدى إلى حدوث عجز في ميزانياتها ومن ثم تباطؤ في النمو وهذا ما أدى بدوره إلى إلغاء أو تأجيل تنفيذ مشروعات تنموية كبيرة، مضيفاً أن من الطبيعي ظهور القلق والشعور العام السلبي والتشاؤم في الأسواق الخليجية وغيرها أيضاً، وهو ما أدى بدوره إلى تزايد عمليات البيع في أسواق المال.

وأوضح النمش أن هناك أسبابا جانبية للأزمة الحالية، أولها الأحداث السياسية والعسكرية والأمنية الموجودة في المنطقة وكذلك الصراع مع إيران ومدى تأثيره على الأوضاع الاقتصادية، وثانيها «الحرب العالمية الاقتصادية» التي تحدث حالياً في أسواق العملات والذهب وأسعار الفائدة والصادرات والواردات، وهي حروب واضحة لا تملك دول الخليج فيها قرارات مؤثرة لكنها تتأثر بشكل مباشر بقرارات الدول المؤثرة مثل أميركا والصين واليورو وغيرها لما لها من دور في الطلب على النفط.

وبين النمش أن مؤشر داوجونز فقد خلال أسبوع واحد 1.1 تريليون دولار من قيمته وهي أكبر خسارة منذ 6 سنوات، مؤكداً أن العالم كله قلق ومرتبك مثلما كان في الأزمة المالية في 2008، والوضع الحالي شبيه بالأزمة نظراً لأنه يعتبر من تداعيات الأزمة لأننا «لم ننته منها حتى الآن».

وتوقع النمش أن تكون الأوضاع الاقتصادية في المستقبل أفضل مما هي عليه الآن نظراً لأننا في دورة اقتصادية ومن المؤكد أن تتحسن الأمور مستقبلاً، مشيراً إلى أن هذه الانخفاضات خلقت فرصا استثمارية كبيرة وستخلق أثرياء جددا وثروات وأرباحاً هائلة لمن يستغلها بالشكل السليم، تماماً كما حدث مع العديد من الأزمات الاقتصادية السابقة.

وفيما يتعلق بمستقبل أسعار النفط مع عودة إيران بعد رفع العقوبات الاقتصادية عليها، قال ان إيران كانت أثناء فترة الحظر الاقتصادي ومازالت تبيع النفط، والعراق أيضاً وغيرها من الدول، «اليوم إن سمحنا لها بالبيع بشكل رسمي فإنه سيكون أفضل للسوق من أنها تبيع النفط باسم شركات روسية وصينية وغيرها بأقل من أسعار السوق مثلما كان يحدث في السابق».

المؤشرات ليست إيجابية

بدوره، قال نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الاستثمارات المحلية والخليجية في شركة الساحل للتنمية والاستثمار عبدالله العصيمي ان تراجعات أسعار النفط هي السبب الرئيسي لتراجعات أسواق المال الخليجية الحالية، والمرتبطة بتباطؤ النمو في الصين وخفض اليوان الصيني. وأضاف العصيمي أن المؤشرات الاقتصادية العالمية ليست إيجابية، فأسعار النفط بانخفاض والعرض في السوق فاق الطلب، وهناك عروض إضافية من خارج «أوبك»، و«اليوم بدأنا نرى خروج أو تعثر منتجي النفط الصخري وهذا ما كان هدف الترتيبات النفطية الأخيرة في أوبك».

وأوضح العصيمي أن هناك خطين متوازيين للفترة القادمة، الأول هو استمرار انخفاض أسعار النفط على المدى المتوسط والذي قد يكون له أثر إيجابي بتعجيل الإصلاحات والنمو الاقتصادي في البلدان الخليجية، فعادةً ما يرتبط الانخفاض بانخفاض أسعار السلع المرتبطة بالنفط.

واشار الى ان الخط الثاني يتمثل في إعادة نظر الحكومات الخليجية بجدوى الانفاق الاستثماري في المشاريع العملاقة والبنى التحتية وغيرها من الإصلاحات الاقتصادية كي تقلّل من أثر الانخفاضات القادمة إن استمرت، فمن يحرّك الاقتصادات الخليجية في الوضع الحالي هي الحكومات فقط، فهي من تقوم بتصدير وبيع واستلام أموال النفط وبالتالي هي من تقرر مصير أسواقها.

وقال العصيمي: «في ظل المعطيات الحالية ومع دخول إيران كمنتج والعراق أيضاً فإن العرض سيكون أكبر بكثير من الطلب وبالتالي الأسعار ستتراجع أكثر»، موضحاً أن عدم وجود دافع حقيقي للتفاؤل بوجود تنمية وتطوير وبناء في دول الخليج يعني استمرار التقلبات كما هي.

بورصة مصر تهبط بأعلى وتيرة في 33 شهراً

تهاوت مؤشرات البورصة المصرية جماعياً في ختام تعاملات، أمس، وخسر رأس المال السوقي نحو 15.46 مليار جنيه (1.98 مليار دولار)، بضغط من مبيعات الأفراد والمؤسسات المحلية والعربية.

وهبط المؤشر الرئيسي «إيجي إكس 30»، الذي يقيس أداء أنشط 30 شركة في السوق، خاسراً 5.42 في المئة (أعلى وتيرة هبوط منذ 25 نوفمبر 2012) أو ما يعادل 388.54 نقطة عند مستوى 6784 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ نهاية ديسمبر 2013، أي ما يقرب 20 شهراً.

وتراجع مؤشر «إيجي إكس 50» متساوي الأوزان، بنسبة 5.89 في المئة، ليغلق عند مستوى 1204.51 نقاط.

وخسر مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «إيجي إكس 70»، بنسبة 6 في المئة، عند مستوى 385.42 نقطة، في حين انخفض المؤشر الأوسع نطاقاً «إيجي إكس 100» بنسبة 4.31 في المئة، وصولاً إلى 825.63 نقطة.

واستحوذ قطاع البنوك على نحو 25.19 في المئة، بقيمة جاوزت 83.25 مليار جنيه من رأس المال السوقي، تلاه قطاع العقارات بقيمة 46.2 مليار جنيه تمثل نسبة 13.99 في المئة، ثم قطاع الاتصالات بنسبة 10.75 في المئة بقيمة 35.5 مليار جنيه.

وبلغت أحجام التداول على الأسهم 440.8 مليون جنيه، بعد التداول على نحو 240.8 مليون سهم، في حين بلغت القيمة الإجمالية للسوق 1.9 مليار جنيه، بعد التداول على 472.5 مليون سهم، من خلال 22 ألف صفقة.