الكتاب التذكاري يقع في 180 صفحة، يزخر بصور نادرة مقدمة إلى القارئ بتصميم مميز، ويتضمن مقالات مهمة لنخبة من كبار الأساتذة المختصين والباحثين الشباب،  فضلا عن إعادة نشر مقالات أجنبية وتقديمها للقارئ العربي حتى تكتمل الصورة الذهنية حول محمد علي وعصره.

Ad

يتناول الكتاب ملامح شخصية محمد علي وتركيبتها النفسية التي انعكست على أفعاله، والبيئة التي نشأ فيها وعلاقته باسطنبول قبل حكم مصر، وغيرها من التفاصيل التي ربما تعطي صورة واضحة عن شخصيته.

كذلك يتناول مشروع محمد علي التوسعي وتجربته في حكم الشام، وما له وما عليه من هذه التجربة، فضلا عن جانب مهم في حكمه لمصر ومشاريعه  الإصلاحية الكبرى، منها على سبيل المثال: ترسانة الإسكندرية، مطبعة بولاق، أعماله في قلعة الجبل، اهتمامه بالبعثات التعليمية، الهدف منها ومدى تحقيقها المرجو منها.

يلقي الكتاب الضوء على جانب جديد خاص بعمائر محمد علي وأوقافه في مسقط رأسه، مدينة قولة اليونانية، ثم الدور الذي أدته الدول الكبرى وتحالفها لتقويض طموح الباشا الذي يحكم مصر لحساب المصالحة الدولية الكبرى.

ولم يغفل الكتاب جوانب اجتماعية خاصة بعصر محمد علي، منها بداية استخدام عربات الخيل في مصر، ترقيم شوارع القاهرة وتسميتها، وغيرها من الموضوعات التي تنال إعجاب القارئ وتضيف إلى هذه الفترة التاريخية الجديدة.

محمد علي الرجل

تحت عنوان {محمد علي}، تتناول عفاف لطفي السيد، في مقالة ترجمها إلى العربية عبد السميع عمر زين الدين والسيد أمين شلبي، محمد علي الرجل: نشأته في مقدونيا، زواجه، انتقاله إلى مصر، وحتى صفاته الجسمانية وملامح شخصيته.

وتبين الكاتبة في مقالها الذي احتواه الكتاب أن كل من التقى بمحمد علي، سواء كان وطنياً أو غريباً، أجمع على الإعراب عن جاذبيته الطاغية، وفوق كل شيء عن أدبه الجم، تلك السمة التي يتصف بها الرجل المهذب العثماني الحقيقي. وقد أبدى أ.أ. باتون  A. A. Paton الذي  قابله بعدما ذهب عنفوانه، هذه الملاحظة: {إذا كان ثمة رجل تفصح عيناه عن العبقرية، فهذا الشخص هو محمد علي، لم تكن عيناه ذابلتين أو خامدتين، كانتا آسرتين كعيني غزال، أو قاسيتين كالنسر ساعة الغضب}.

تضيف أن {محمد علي كان ثعلباً، ماكراً وحاذقاً وحذراً، لكنه كان رجلاً جذاباً ذا تربية عالية وأخلاق آسرة، كما وصفه القنصل البريطاني اللورد بالمرستون، ونظراً إلى أفكاره العملية، كان يمكن الركون إليه في الخروج بأفضل النتائج من المواقف السيئة، ويمكن أن توصف الميزة الأخيرة بأنها الصلابة والتماسك في أكثر الأوقات صعوبة حتى يتحول المد أو أن يحول هو الشدة إلى صالحه}.

{محمد علي وقلعة الجبل}

في مقال بعنوان {محمد علي وقلعة الجبل}، يتناول الدكتور خالد عزب، قلعة الجبل كشاهد على الأحداث السياسية، والتجديدات التي أحدثها محمد علي فيها، ويقول عزب: {أدى تتابع الأحداث إلى تولية محمد علي حكم مصر عام 1805،  وكان عليه أن يصفي القوى المعارضة له، أو أن يكسبها إلى جانبه، وكان ذروة هذه التصفية في مذبحة المماليك - مذبحة القلعة، التي أدت إلى استقرار الأوضاع لمحمد علي، رتب محمد علي مع أتباعه إغلاق باب العزب عند اقتراب المماليك منه وتصفيتهم، ومن نجا تم إعدامه في حوش الديوان، وتم تصفية من تبقى منهم بالمدينة، وبذلك يعد هذا الممر الصخري شاهداً سياسيّاً على نهاية عصر وبداية عصر جديد.