فُجِع العالم الإسلامي أمس بكارثة مؤلمة، إذ قُتِل 720 حاجاً بحادث تدافع في منى، بعد تداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين لرمي الجمرات.  

Ad

قُتِل 720 وأصيب 805 حجاج على الأقل في تدافع وقع أمس في منى قرب مكة في أول أيام عيد الأضحى، في ثاني مأساة تمس الحجاج في أقل من أسبوعين.

وفيما نفت السلطات الكويتية أن يكون بين ضحايا التدافع أي من الحجاج الكويتيين، أبرق سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى خادم الحرمين معزياً في الضحايا، كما أعرب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن بالغ حزنه للحادث.

وأعلن الدفاع المدني السعودي، في تغريدة على تويتر، أن "الإصابات ارتفعت إلى 805، والوفيات إلى 720"، مؤكداً استمرار أعمال الانقاذ.

وأفاد مسؤول في وزارة الصحة بأن التدافع وقع في الوقت الذي يقوم فيه الحجاج المتوافدون من مختلف أنحاء العالم منذ الصباح برمي جمرة العقبة بمنى، قبل أن يبدأوا بطواف البيت العتيق ومن ثم نحر الأضاحي.

وأوضح المسؤول لـ"فرانس برس" أن الحادث وقع قرب إحدى الجمرات عندما حاول حشد من الحجاج المغادرة، بينما كان عدد كبير يحاول الوصول اليها.

ويصل الحجاج الى الموقع عبر أنفاق وجسور، وسبق أن ادت كثرة أعداد الحجاج الى حوادث في الماضي، لكن في السنوات الأخيرة اجريت اعمال واسعة النطاق لتعديل البنى التحتية كي تسهل حركة الحشود وتجنب مآس مماثلة.

وبينما شكل ولي العهد السعودي محمد بن نايف لجنة تحقيق، أعلن وزير الصحة السعودي خالد الفالح أن التدافع مرده إلى عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات.

وصرح الفالح لقناة الإخبارية الرسمية أنه «لو التزم الكل بالتعليمات لما حصلت مثل هذه الحوادث»، وذلك بعد توجهه إلى مكان الحادث، وهو الأسوأ الذي يشهده موسم الحج منذ 25 عاماً.

وأضاف: «كثير من الحجاج يخرجون في غير موعد التفويج، وهذا هو العامل الرئيس» وراء مثل هذه الحوادث، معلنا التعبئة لإسعاف الجرحى ومعالجتهم.

وتعهد الوزير بإجراء تحقيق سريع وشفاف في الحادث.

تداخل مفاجئ

وصرح المتحدث الرسمي للمديرية العامة للدفاع المدني بأنه "عند الساعة التاسعة من صباح اليوم (أمس) الخميس الموافق العاشر من ذي الحجة وأثناء توجه حجاج بيت الله الحرام الى منشأة الجمرات لرمي جمرة العقبة حدث ارتفاع وتداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى، مما نتج عنه تزاحم وتدافع بين الحجاج، وسقوط أعداد كبيرة منهم في الموقع".

طرق بديلة

وذكر الدفاع المدني السعودي أن أكثر من 220 سيارة إسعاف وأربعة آلاف عامل إنقاذ أرسلوا إلى موقع التدافع لمساعدة الجرحى، وعرضت قناة العربية التلفزيونية لقطات لموكب من سيارات الإسعاف يجتاز الخيام في منى.

وتابع عبر "تويتر" أن "الفرق تباشر الآن تفكيك الكتل البشرية، وتفويج الحجيج إلى طرق بديلة".

وأظهر فيديو على "تويتر"، لم يتم التحقق من صحته، أشخاصاً بملابس الإحرام ممددين، على جانب طريق بينما يحاول حجاج وعمال إنقاذ إنعاشهم.

وظل ضابط يكرر في مكبرات الصوت قائلا: "أيها الحجاج، ما في شخص يدفع الثاني، وما ترجعوا من نفس الطريق اللي جيتوا منه، غادروا من الجهة الثانية".

الوفيات من كبار السن

ووفقاً لمعلومات "العربية"، فإن الوفيات أغلبهم من كبار السن والنساء ومن جنسيات مختلفة، وأن أغلب المصابين خرجوا من المستشفى، وبينما تواجد رئيس لجنة الحج المركزية أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل في موقع الحادث وتفقد أسباب الحادثة، قالت مصادر "العربية" إن الحادثة سببها بعض الحجاج من الجنسيات الإفريقية.

وأفاد موفد "العربية نت" إلى البقاع المقدسة بأنه كان حاضراً في مكان الحادث قبل ساعة من وقوعه، موضحاً أن هناك مشكلتين أساسيتين تسببتا في هذا الحادث.

وقالت "العربية" إن المشكلة الأولى هي دخول حجاج على خط السير، بحيث كان هؤلاء الحجاج قد أنهوا رمي الجمرات، وأرادوا العودة إلى مخيماتهم عبر الطريق المخصص لمن يذهبون لرمي الجمرات، وليس لمن يعودون.

وأضافت أن المشكلة الأخرى، وهي الأخطر كانت بسبب رفض بعض الحجاج، خصوصا الأفارقة، تطبيق أوامر رجال الأمن على حافتي الطريق المؤدي إلى جسر الجمرات، مبينة أن هذا الطريق يقع وسط مخيمات الحجاج على اليمين والشمال، وعرض الطريق لا يتعدى 4 أمتار، وهو بطول حوالي 3 كيلومترات باتجاه جسر الجمرات.

تعزية الأمير

من جهته، بعث صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ببرقية تعزية لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، أعرب فيها سموه عن بالغ تأثره وحزنه العميق لحادث تدافع وتزاحم الحجاج بمشعر منى، والذي أسفر عن سقوط المئات من الضحايا والمصابين، مبتهلا سموه الى المولى جل وعلا أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهم فسيح جناته، وأن يعلي منازلهم، ويمن على المصابين بسرعة الشفاء والعافية، ويلهم أسرهم وذويهم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يحفظ المملكة وشعبها الشقيق من كل سوء ومكروه.

وبعث سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ببرقية تعزية مماثلة لخادم الحرمين الشريفين، ضمنها سموه خالص تعازيه وصادق مواساته بضحايا الحادث، سائلا سموه المولى تعالى أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته ومغفرته، وأن يمن على المصابين بالشفاء والعافية.

كما بعث سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ببرقية تعزية مماثلة.

الغانم: حادث مؤسف

بدوره، أعرب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن بالغ الحزن والأسى لحادث التدافع البشري بمشعر منى بمكة المكرمة، والذي أسفر عن وفاة وإصابة المئات من حجاج بيت الله الحرام.

وقال الغانم، في تصريح امس: «لقد فجعنا بحادث التدافع البشري المؤسف، الذي اسفر عن وفاة وإصابة المئات من حجاج بيت الله الحرام، ضارعين الى الله تعالى ان يرحم من توفي منهم، وأن يقبلهم شهداء وأن يعجل بشفاء المصابين».

وأضاف: «نسأل الله تعالى ان يلطف بحجاج بيت الله الحرام، وأن يحميهم» داعيا الجميع الى الالتزام بالتعليمات والارشادات الموضوعة من سلطات الحج حفاظاً على سلاسة اداء مناسك الحج، وسلامة حجاج بيت الله الحرام.

إيران

وفي خطوة مستنكرة ومتسرعة، اتهمت إيران السعودية بارتكاب أخطاء في ضمان أمن الحجاج تسببت في التدافع. وصرح رئيس منظمة الحج والزيارة في إيران سعيد اوحدي للتلفزيون الإيراني الرسمي بأن طريقاً اغلق لـ "أسباب مجهولة" بالقرب من مكان رمي جمرة العقبة بالقرب من منى "ما تسبب في هذا الحادث المأساوي".

وأعلن المتحدث باسم منظمة الحج والزيارة الإيرانية مهدي شاهسواري مقتل 43 إيرانياً على الأقل في التدافع، وتلا اسماء الضحايا في بث مباشر عبر التلفزيون الرسمي.

اليوم الوطني

إلى ذلك، هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس المسلمين بحلول عيد الأضحى، والسعوديين باليوم الوطني الـ85. وقال الملك سلمان، في تغريدة على تويتر: "وفق الله حجاج بيته الحرام لأداء نسكهم، الذين نفخر بخدمتهم، وأهنئ المسلمين بحلول عيد الأضحى المبارك، وأهنئ وطننا وشعبنا باليوم الوطني ٨٥".

وكان الملك سلمان وصل أمس الأول إلى مشعر منى للإشراف على راحة الحجاج، وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات كي يؤدوا مناسكهم بكل يسر، واطمأن على جميع مراحل الخطة العامة لتنقلات الحجاج في المشاعر المقدسة.

الرافعة

وقبل بدء موسم الحج الثلاثاء، الذي يشمل هذا العام حوالي مليوني حاج بحسب احصاءات سعودية، ادى انهيار رافعة عملاقة في باحة المسجد الحرام بمكة الى مقتل 109 اشخاص في 11 سبتمبر.

احتياطات أمنية وصحية

وخصصت المملكة اكثر من مئة الف رجل امن لحماية الحج هذه السنة، حيث شكلت قوات الامن السعودية سلاسل بشرية على طول الطرق لتنظيم سير الحجاج، بينما قام متطوعون على طول الطريق بتقديم صناديق الطعام وزجاجات الماء البارد للحجاج.

وكانت السلطات السعودية أكدت انها اتخذت كل الاحتياطات ضد اي هجمات قد تسعى مجموعات متطرفة إلى تنفيذها خلال موسم الحج، خصوصا أن تنظيم "داعش" سبق أن نفذ هجمات عدة في المملكة خلال الاشهر الأخيرة، لاسيما ضد الشيعة.

ويحل موسم الحج هذه السنة في الوقت الذي تستمر فيه السعودية في قيادة التحالف العسكري العربي ضد المتمردين الحوثيين الزيديين المدعومين من إيران في اليمن المجاور. اما على الصعيد الصحي، فإن المخاطر المرتبطة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الاوسط التنفسية، مازالت قائمة، والسعودية هي البؤرة الاولى لهذا المرض المميت.

( منى ــــ أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا، واس)

بعثة الحج الكويتية: لا إصابات بين حجاجنا

أكد رئيس بعثة الحج الكويتية خليف الأذينة سلامة جميع أعضاء وحجاج بعثة الحج الكويتية عقب حادث تدافع الحجاج بمشعر منى.

وقال الأذينة في تصريح صحافي إن القائمين على العمل في البعثة أجروا اتصالاتهم مع جميع أصحاب حملات الحج الكويتية الذين أكدوا سلامة الحجاج الكويتيين من حادث التدافع حتى الآن.

وأوضح أن جميع حجاج الحملات الكويتية يؤدون مناسكهم بكل يسر وسهولة بفضل الله أولا ثم الخطط الموضوعة لمسار تنقل الحجاج بين المشاعر من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين.

ودعا الأذينة جميع حجاج بيت الله الحرام الى الالتزام بالأنظمة والإجراءات التي وضعتها السلطات السعودية لتسيير موسم الحج، مقدما أحر التعازي الى ذوي المتوفين جراء حادث التدافع بمشعر منى، داعيا الله الشفاء العاجل لجميع المصابين في هذا الحادث الأليم.

عاشور لمحاسبة المتسببين في الحادث

أعرب النائب صالح عاشور عن أسفه العميق تجاه حادثة منى التي راح ضحيتها مئات الحجاج، مشيرا الى أن هذا الأمر يثير الاستغراب والتساؤلات.  

وطالب عاشور في حسابه على «تويتر» المسؤولين في السلطات السعودية بالمحاسبة على أي إهمال أو قصور من القائمين على تنظيم الحج، مشيرا الى أنه من غير المقبول أن تتكرر مثل هذه الحوادث سنويا، واعتبر أنه لابد من وجود خلل في مكان ما أدى الى العدد الكبير من الوفيات والإصابات بين جموع الحجيج.

وأضاف قائلا إن العالم يتابع هذه المناسك الروحية أولا فأولا، لذلك لابد أن تكون المناسك بأحسن تتظيم، فالإمكانات كلها متوافرة، ولابد من معالجة الخلل.

وختم عاشور حديثه سائلا الله الرحمة لشهداء التدافع والشفاء للمصابين منهم، وأن يرزق المولى أهاليهم الصبر والأجر، ويسهل أمر القائمين على شؤونهم.

حجاج فلسطين ولبنان بخير

قال الناطق باسم البعثة الطبية الفلسطينية في الحج أسامة النجار إنه لم يبلغ بعثة حجاج فلسطين عن أي إصابة في حجاجها من جراء حادث التدافع في منى.

وأكد النجار أن الحجاج الفلسطينيين جميعهم بحالة جيدة، ولا توجد أي إصابات أو وفيات في صفوفهم، نافيا ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمواطنين حول وفاة مسنتين من قرية كفر اللبد شرق طولكرم.

وفي لبنان، تابعت بعثة الحج التابعة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وجال رئيس البعثة الشيخ حسن شريفة على خيمهم في منى متفقدا أحوالهم، وأكد أنه «تم التواصل مع كل الحملات اللبنانية، واطمأن بعد هذه الاتصالات إلى أنهم بخير ومعظمهم لم يتعرض لأي سوء».

الحجاج يرمون جمرة العقبة

أدوا صلاة العيد وطواف الإفاضة في الحرم المكي

مع إشراقة صباح أمس العاشر من شهر ذي الحجة، قام حوالي مليوني حاج من 164 دولة برمي جمرة العقبة، بسبع حصيات متعاقبات والتكبير مع كل حصاة، وذلك بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم باتوا ليل الاربعاء ـ الخميس في مزدلفة "المشعر الحرام".

وفور وصول الحجاج إلى منى، شرعوا في رمي جمرة العقبة، ثم طافوا بالبيت العتيق، وأدوا نسكَي الحلق أو التقصير والنحر، ثم طافوا ببيت الله الحرام وسعوا بين الصفا والمروة.

بعد ذلك، استمر الحجاج في إكمال مناسكهم ليبقوا أيام التشريق في منى، ويكملوا رمي الجمرات الثلاث، بدءاً بالصغرى ثم الوسطى فالكبرى، كل منها بسبع حصيات.

كما أدى حجاج بيت الله الحرام صلاة عيد الأضحى في الحرم المكي الشريف، بعد أن باتوا ليلة الاربعاء ـ الخميس في مزدلفة، وأدوا طواف الإفاضة حول الكعبة المشرفة، ليعودوا من بعد الطواف لاستكمال مناسكهم في منى ليقضوا أيام التشريق الثلاثة هناك.

وكانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية أعلنت صباح أمس أن عدد الحجاج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام بلغوا 1952817 حاجاً، منهم 1384941 حاجاً من خارج المملكة و567876 حاجاً من داخلها.

وقالت الإحصائية إن الغالبية العظمى من حجاج الداخل من المقيمين غير السعوديين، كما أن هذا العدد يشمل حجاج مدينة مكة المكرمة. وكانت مصلحة الإحصاءات أعلنت العام الماضي أن إجمالي عدد الحجاج بلغ 2085238 حاجًا، منهم 1389053 حاجاً من خارج المملكة، وكان المصريون في المرتبة الأولى من حجاج الداخل غير السعوديين بـ67088 حاجاً بنسبة 39.5 في المئة من إجمالي حجاج الداخل.