تتحدث الحكومة عن أن "خطة التنمية" تستهدف "ترشيد الدعم الحكومي"، وذلك من أجل "تنمية الإيرادات غير النفطية" وسد العجز المالي الذي تعانيه حالياً الميزانية العامة للدولة، ثم تجنبه في المستقبل. سياسة "ترشيد الدعم" التي تتبناها الحكومة تُحمّل، كما سبق أن ذكرنا، الفئات المتوسطة والفقيرة تبعات العجز المالي، وذلك عن طريق رفع الدعم الاجتماعي أو تخفيضه، وفرض ضريبة غير مباشرة على الدخل (ضريبة القيمة المضافة)، فضلاً عن فرض رسوم جديدة على الخدمات العامة أو زيادة الرسوم الحالية.
أما الإيرادات الجديدة التي ستحصلها الحكومة بعد إلغاء الدعم الاجتماعي أو تخفيضه وزيادة الرسوم فلن تستفيد منها أغلبية المواطنين، بل سيعاد تدويرها مرة أخرى، كما الفوائض المالية التي تراكمت سنواتٍ أثناء ارتفاع أسعار النفط، في أرصدة كبار الأثرياء، وهم القِلة الذين تنحاز المالية العامة في النهاية إلى مصلحتهم من دون أن يساهموا في دعمها أو يتحملوا جزءاً، ولو بسيطاً، من المشاكل التي تترتب على سوء إدارتها.الانحياز الاجتماعي للحكومة يتضح أيضاً في أنه في الوقت الذي تعمل فيه بجد واجتهاد على تحميل الفئات المتوسطة والفقيرة تبعات العجز المالي، فإنها لا تحرك ساكناً من أجل استفادة الميزانية العامة للدولة من الصفقات المليارية التي تعقدها مع الشركات الأجنبية ووكلائها المحليين. خذ مثلاً ما كشفه سفير كوريا الجنوبية لدى الكويت من أن "الشركات الكورية نالت أكثر من 40 مليار دولار من الصفقات، وتتوقع 30 ملياراً إضافية (في 2016 و2017) بما مجموعه 70 مليار دولار" ( "كونا"، 3 نوفمبر 2015). 70 مليار دولار لا تستفيد منها الميزانية العامة للدولة، بالرغم من أن "خطة التنمية" قد ذكرت أنها تستهدف "تنمية الإيرادات غير النفطية"، والسبب في ذلك هو أن الحكومة قامت بإلغاء برنامج "الأوفست" (العمليات المقابلة) الذي سبق أن تحدثنا عنه في هذه الزاوية (يُلزم الشركة الأجنبية الفائزة بعقود عسكرية قيمتها 3 ملايين دينار أو أكثر أو بمناقصة حكومية كبيرة "10 ملايين دينار وأكثر" باستثمار نسبة 30 في المئة كحد أدنى من قيمة المناقصة في السوق المحلي)، علاوة على أنه لا يوجد نظام عادل ومتطور للضرائب التصاعدية على الدخل والأرباح تبدأ جبايته بعد دخل شهري معين بحيث يستثني أصحاب الدخول المتدنية، كما لا تقوم الشركات الأجنبية ووكلاؤها المحليون بتوفير فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية، وهو الأمر الذي يعني أن المُستفيد من الصفقات المليارية هو فقط الشركات الأجنبية ووكلاؤها المحليون.
مقالات
صفقات مليارية... مَن المستفيد؟
09-11-2015