الإسلام براء من الإرهاب

الدرس الذي يجب أن يعيه الجميع، وخصوصاً في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، أن الإرهاب لا دين له، ولا هوية، ومن الظلم بل من التحيز الفاضح، إسناد ما يحدث الآن من جرائم التفجير والتدمير، التي استشرت هنا وهناك، إلى الإسلام، لمجرد أن مرتكبيها يطلقون حناجرهم بصيحة "الله أكبر" وهم يقترفون فظائعهم التي تقشعر لها الأبدان، فالأعمال الإرهابية ترفضها جميع الأديان حتى الإنسانية، بينما تحاول الجماعات الضالة صبغ الإرهاب والتطرف بصبغة إسلامية، وهو تعدٍّ سافر على الشريعة الإسلامية ظلماً وعدواناً، فالإسلام منها براء، فما يحدث هو فعل جماعات وأحزاب لا تمثل المذاهب والأديان، بل تمثّل أنفسها وأتباعها بأعمالها الوحشيّة الهادفة إلى السلطة والسيطرة والنفوذ.

 وعليه يجب أن ندرك جميعاً، من وسائل إعلام وأسر ومجتمعات وأفراد وعلماء ومشايخ وأصحاب أقلام، هذا الخطر، ونعد العدة لمواجهة الفكر الإرهابي وترسيخ مفهوم التسامح الديني فهو مسؤولية الجميع؛ لأن للإرهاب هوية واحدة فقط هي قتل المدنيين الأبرياء، كوسيلة لإرهاب الشعوب ونشر الفوضى وتدمير البنى التحتية، وهو عمل إجرامي، لا مسيحي ولا إسلامي، لا شيعي ولا سنّي، وقد شرح الإسلام للعالم وجهة نظره حول هذا المفهوم.

وهناك عدة تساؤلات تفرض نفسها في هذه المرحلة، خاصة بعد التفجيرات الأخيرة والأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا ودول الغرب مفادها الآتي: هل أصبحنا نخجل أننا مسلمون؟ وهل نواجه مشكلة حقيقية تحتاج المواجهة؟ وهل شوهنا الإسلام وساهمنا في تشويهه؟ وهل أصبح الحجاب الإسلامي رمز التعصب والإرهاب؟ ولماذا وصل بنا الحال إلى ذلك دون وعي منا أو اهتمام؟

إن خطر الإرهاب يهدد كل المجتمعات، إسلامية وغير إسلامية، وقد تعرضت الكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين إلى هجمات إرهابية متكررة على فترات زمنية، والعالم الآن يعاني تكرار الهجمات الإرهابية في مواقع وأزمنة مختلفة ومتغيرة، وقد تسببت في خسائر بشرية ومادية، والخسارة الكبرى هي تشويه صورة الإسلام أمام الغرب، فأصبح عندهم دين إرهاب، مع أنه في الحقيقة دين تسامح وعدل وسلام وأخلاق حميدة، وأمر الرسول محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام، بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالقتل والتشريد والتفجير العشوائي، فالإسلام بريء من هذه الأفكار الهدامة.

وللأسف فإن الجماعات الإرهابية المتأسلمة هي الأداة المستخدمة للإساءة للإسلام، وضحايا هذه الجماعات بالدرجة الأولى شباب ينضمون إليها لتسترها بالدين، دون وعي بالحقيقة، حيث يتم تسليحهم واستخدامهم أداة تفجير بعد غسل أفكارهم وتحويل الخطأ إلى صواب، والظلال إلى حقيقة، فيجب حماية شبابنا من هذه الجماعات وتبيان حقيقتها للقضاء عليها.

ومكافحة الإرهاب يجب أن تتم بجميع الوسائل والإمكانيات، فوزارة الداخلية عليها الدور الأمني ومطاردة كل من يحاول تهديد أمن الدولة، و"الإعلام" عليها التوعية وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام، و"الأوقاف" عليها دور مهم وأساسي يتمثل في مراقبة الخطباء والدعاة وعقد المؤتمرات الدولية لتوضيح صورة الإسلام الناصعة، أما الدور الكبير فيقع على عاتق "التربية" بانتقاء المناهج المناسبة وعقد الدورات التدريبية للمعلمين لنقل خبراتهم إلى المتعلمين ونشر الوعي الطلابي.

فلنتكاتف جميعاً لمكافحة هذة الأزمة العالمية والدفاع عن ديننا، وتطهيره ممن يشوهون مبادئه وصورته الحقيقية، فالإرهاب لا دين له، والإسلام براء من هذه الأفعال.