ترأس اتحاد التشكيليين العرب، فكيف جاءت مبادرة تأسيسه؟

Ad

لا بد من أن أشير إلى أن الكويت كانت إحدى الدول المشاركة في الدعوة إلى تأسيس الاتحاد الأول للتشكيليين في دمشق عام 1971، بمبادرة من نقابة الفنون التشكيلية في الكويت إلى أن تم تأسيسه بشكل رسمي في بغداد عام 1973. وفي عام 1975 جاء المؤتمر الأول في الجزائر والثاني في ليبيا عام 1977. أما في عام 1979 فقد أقيم أول مؤتمر ومعرض عربي يجمع الدول العربية في الرباط بالمغرب، كان من ضمن شروط اللائحة أن ينتقل الاتحاد إلى بلد آخر بالتناوب، ولكن بغداد أصرت على أن تحتفظ بالاتحاد لديها مما أضعف دوره. ومع نشوب الحرب العراقية الإيرانية توقف الاتحاد ولم يقدم أية أنشطة، إلى أن أطلقنا مبادرة لإنشاء اتحاد التشكيليين العرب من الكويت بحضور أكثر من 25 فناناً من رؤساء الجمعيات والنقابات والمراكز الفنية، على أن ينتقل الاتحاد كل أربع سنوات إلى إحدى الدول الأعضاء.

واجه إطلاق الاتحاد من الكويت اعتراضاً من بعض التشكيليين، فكيف نظرت إلى هذا الأمر؟

كل بادرة لا بد من أن يتبعها اعتراض ينبع من نجاح التجربة، ولكن في النهاية لا بد من أن نحترم الرأى الآخر. وضعت الكويت اللبنة الأولى للاتحاد العربي، ومن خلالها انطلقت المبادرة الثانية نهاية عام 2012، ومن هنا أتساءل: لماذا لم تبادر أية جمعية عربية أو نقابة أو رابطة لتأسيس الاتحاد سابقاً؟

ربما يمثل وجه الاعتراض رؤية البعض أن تاريخ الحركة التشكيلية في الكويت لا يتوازى مع تاريخها في مصر وسورية والعراق؟

لم تنطلق الفكرة من هذه الدول، والقضية لا تقُاس بالعمر أو التاريخ. كدول عربية نكمل بعض البعض، وكان أول بينالي عربي انطلق من الكويت عام 1969 بمشاركة كبار النقاد والفنانين من مختلف الدول العربية، بينما بينالي القاهرة الأول تأسس عام 1980. للكويت السبق في كثير من الفعاليات الفنية، ونحن واجهنا اعتراضاً من بعض الكويتيين أنفسهم.

ما الأهداف التي عمل عليها الاتحاد؟

نحاول أن نحقق مجموعة من الأهداف التي لأجلها تأسس الاتحاد، أبرزها التواصل مع الفنانين العرب عموماً سواء التواصل الفني عبر المعارض والمؤتمرات أو عبر طباعة كتب فنية تتحدث عن الحركات التشكيلية أو كتب فنية شخصية عموماً، وقد طبعنا كتاب الفنان الأردني الدكتور غازي نعيم، حيث كتب عن تسعة فنانين عرب، وأخيراً طبعنا أيضاً كتاباً بعنوان «قراءة في التشكيل المصري المعاصر» للناقد ياسر جاد. والآن نحن في صدد طباعة مجموعة كتب أخرى منها للدكتور عبد السلام عيد عن جداريات الثورة. وثمة جانب آخر نعمل عليه في الأربع السنوات المقبلة وهو موسوعة للفن العربي المعاصر ستطبع في الكويت برعاية الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وتتكون من ثلاثة أجزاء، الأول عن دول الخليج، والثاني عن مصر والدول المجاورة، أما الجزء الثالث فعن دول المغرب العربي. كذلك عقدنا مؤتمراً للفنانين العرب في نوفمبر ضم ندوات ومعارض تشكيلية.

التقيتم أخيراً بصحبة وفد من أعضاء اتحاد التشكيليين العرب وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، فماذا كان وراء هذا اللقاء؟

جاء اللقاء لتأكيد التعاون من خلال إقامة المعارض بين البلدين الشقيقين والحوارات الفنية المعاصرة، لأن تركيزنا على هذا القطر الشقيق كونه يملك عدداً كبيراً من التشكيليين الذين لهم اتجاهات فنية معاصرة ومتميزة بالنسبة إلى أقرانهم العرب ولديهم استعداد للتعاون. كذلك اقترحت على الوزير الكاتب الصحافي حلمي النمنم إقامة معرض أو ورشة فنية عن الفن والسياحة في الأقصر مع بدايات 2016 بمشاركة فنانين خليجيين عن ارتباط السياحة بالفن، وستنتقل هذه الورشة إلى أسوان.

ترأس جمعية الفنون التشكيلية فما هي الفعاليات المزمع إقامتها؟

في هذا العام 2016 نحتفل بالكويت عاصمة للثقافة الإسلامية، ونحن الآن بصدد إقامة معارض وإصدار كتب عن هذه المناسبة. كذلك ثمة معارض بمناسبة مرور 25 عاماً على تحرير الكويت، وإقامة فعاليات على مرور عشر سنوات على حكم صاحب السمو أمير الكويت حفظه الله ورعاه، ناهيك بمجموعة من الفعاليات المحلية، وثمة أيضاً معارض خارجية من بينها معرض في قبرص للفن الكويتي والفن الخليجي يناير 2016، وفي ديسمبر المقبل نقيم معرضاً بمناسبة مرور 50 عاماً على العلاقات بين الكويت والنمسا تشارك فيه نخبة من التشكيليين الكويتيين من مختلف اتجاهاتهم، كي نعطي صورة عن الفن العربي بشكل مباشر ومتكامل.

كيف تتجلى صورة المشهد التشكيلي العربي عموماً والكويتي خصوصاً؟

في واقع الأمر، يكمل المشهد التشكيلي الكويتي قرينه العربي ولا يختلف عنه. بيننا تواصل وتعاون في المجالات كافة سواء من خلال الورش أو إقامة المعرض والندوات وطباعة الكتب، كذلك نتواصل مع الأنشطة العربية سواء في القاهرة أو المغرب العربي ومنطقة الشام، ويعطينا هذا التواصل نوعاً من الإبداع والتجديد للوصول إلى شكل جديد للفن التشكيلي العربي خصوصاً في الحداثة وما بعدها، والتركيز على الحداثة العربية التي نبحث عنها وليس تلك المستوردة من الغرب. ولا شك في أن هذا التواصل بيننا وبين الفنانين العرب يحقق قدراً كبيراً من الاستفادة للجانبين. أشير هنا إلى حضور الكويت في بينالي فينسيا في شهر يونيو الماضي عبر مجموعة من الفنانين الكويتيين. لم نشعر بغربة في هذا البينالي بل وجدنا مجموعة من الأعمال متشابهة مع المضامين والأفكار والأسلوب. إذاً الفن العربي يتواصل مع الفن الأوربي أو العالمي في الاتجاهات كافة على الساحة التشكيلية، بل أرى أن الفن الكويتي متميز بالنسبة إلى الفن الغربي لأن الفنان العربي ابن بيئته، يعيش في مجتمعه وله تاريخ مشترك، من ثم ينتج أعماله من هذا الجو.

بعيداً عن المناصب الرسمية، ماذا عن معارضك الفنية ومشاركاتك في الحركة التشكيلية أخيراً؟

قدمت معرضاً شخصياً في العام الماضي بالكويت، كذلك شاركت في معرض مع فنانين في الأردن، فضلاً عن مشاركتي في مهرجان الداخلة بالسعودية وهو أحد المهرجانات الناجحة.

ما هو الإطار الذي تناوله معرضك الأخير، لا سيما أنك قدمت تجربة جديدة؟

 

قدمت في معرضي الأخير تجربة جديدة من 40 عملاً، ركزت على الإنسان العربي ودوره في هذه المرحلة ومصيره الغامض خلال القرن الـ21، وأنا دائماً متفائل بالفن والفنان والمجتمع العربي عموماً، لذا ركزت على الألوان المبهجة التي تحمل نوعاً من السلام والأمل.

تميل أعمالك إلى الاتجاه التجريدي. لماذا تتبع هذا الأسلوب؟

 

عندما أراد النقاد الكتابة عن الفن التشكيلي سواء الخليجي أو العربي أو الغربي حاولوا من خلال ترتيب الأعمال التشكيلية وتصنيفها إلى المدارس الفنية، فوجدوا أن الأمر سهل عندما يتحدثون عن المدرسة التجريدية أو السيريالية أو التعبيرية. عموماً، عندما تكون لدي أفكار أريد طرحها للجمهور أميل إلى التجريدية الرمزية والتي فيها نوع من الشاعرية للموضوع، وأميل أحياناً إلى الاتجاهات التي تتضمن نوعاً من التراث الإسلامي ولكن بشكل جديد، فأنا لا التزم بأسلوب وإنما بالفن المعاصر لأنه يجمع الأساليب والاتجاهات كافة. كذلك نحن نعيش الحداثة منذ بداية الكون، وتتمثّل في الجداريات التي ظهرت في الكهوف مثلاً، أما الجداريات التي تقدم أخيراً فأصبحت أرقى من الكهوف عندما أصبح الإنسان يدرك الحضارات. اليوم أصبح الجدار شاشة عرض، اختلف شكل الحداثة الآن، والفنانون العرب يتواصلون مع التقنيات التي ظهرت على المشهد التشكيلي ويحاولون الاستفادة منها.