تركيا العلمانية والإسلام السياسي
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
إذاً، علمانية الدولة التركية (العلمانية ليست ديناً أو عقيدة بل هي نهج سياسي وآلية لممارسة الحكم تحترم الدين وتحميه من تقلبات السياسة ومساوماتها وتنازلاتها ودهاليزها)، والقواعد الديمقراطية المستقرة هما اللتان أتاحتا الفرصة لجميع القوى السياسية المُلتزمة بالقواعد العامة للدولة المدنية الديمقراطية، بما في ذلك من يستند إلى مرجعية إسلامية مثل «حزب العدالة والتنمية» التابع للتنظيم الدولي للإخوان، للتنافس ومحاولة كسب ثقة الشعب التركي. وفي هذا السياق يقول الرئيس التركي «رجب طيب إردوغان» عام 2011 عندما كان رئيسا للوزراء ما يلي: «قد أكون رئيس وزراء مسلماً لكنني في النهاية أحكم دولة علمانية، والدولة العلمانية لا تعني علمانية مواطنيها فالأشخاص لهم أديانهم». (قناة دريم المصرية 12 سبتمبر 2011).ومع هذا فإن حزب «العدالة والتنمية» التابع للتنظيم الدولي للإخوان لم يستطع أن يخفي طويلا عداءه المتأصل للقيم الديمقراطية الراسخة، خصوصا الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية (تتصدر تركيا قائمة الدول التي تسجن الصحافيين بحسب تقرير لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك)، بل إن الرئيس التركي إردوغان يخالف الدستور صراحة، إذ ينحاز بشكل سافر لحزب «العدالة والتنمية». أضف إلى ذلك أنه يحاول منذ فترة الحصول على أغلبية خاصة في البرلمان تؤهله لتعديل الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي (60% على الأقل لإقرار التعديل في البرلمان ثم طرحه للاستفتاء الشعبي أو ثلثا عدد المقاعد لإقراره في البرلمان من دون الحاجة إلى استفتاء).التحول إلى النظام الرئاسي الذي يسعى إردوغان جاهدا من أجل الوصول إليه يعطي صلاحيات أكبر للرئيس تجعله ينفرد بالسلطة، وقد رفض ذلك الشعب التركي في انتخابات يوينو الماضي، بل إن الشعب حرم حزب «العدالة والتنمية» من إمكانية تشكيل الحكومة بمفرده، وهو ما جعل الرئيس إردوغان يدعو إلى انتخابات جديدة جرت بالأمس من أجل استعادة الأغلبية البرلمانية (النصف زائد واحد) كي يتمكن من تشكيل حكومة بمفرده والاستمرار في الحكم من دون الاضطرار إلى الدخول في ائتلاف سياسي، فهل ينجح هذه المرة؟ الجواب سيتضح عند إعلان نتيجة الانتخابات.