الدور القادم والخاص بالتدخل الإنساني وحماية الإنسانية تتحمله المنظمات كالأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي لاحتواء لاجئي الدول العربية، وتمكينهم من العيش الكريم في أوطانهم وحماية العقول العربية الشابة من الهجرة.
"أصفق لحكومة الكويت وشعبها، وأعرب مجددا عن فائق الامتنان". بان كي مون 2014 بعد مؤتمر الكويت الثاني للإنسانية. واليوم وبعدما عادت أزمة اللاجئين السوريين لتتصدر الصفحات الأولى من الصحافة الدولية تتجه الأقلام للكتابة عن الإنسانية واختبار المشاريع التي كرست مفاهيمها، إلى جانب تسليط الضوء على بعض الأحداث وعلاقتها بالتدخل الإنساني، وهنا اسمحوا لي أن أتساءل عن الحرب في اليمن، ومدى استطاعتنا أن نعتبرها تدخلا إنسانيا في مراحله الأولى لدول مجلس التعاون في اليمن، وكيف باستطاعتنا تفسير النزوح الجماعي للشعب السوري إلى الشواطئ الأوروبية في الوقت الذي فشلت الأمم المتحدة في توفير الملاذ الآمن للشعب السوري في سورية، ولم تنجح في "التدخل الإنساني" كما كانت تفعل في السابق في دول النزاع؟ولو نظرنا في مفهوم التدخل الإنساني لوجدناه قابعا في ملفات السياسة الدولية منذ زمن ليس ببعيد، أي أواخر القرن الثامن عشر وضمن الاستراتيجية التنفيذية للمنظمات الدولية والإقليمية كالأمم المتحدة تجاه المناطق التي عانت وما زالت تعاني الكوارث السياسية الداخلية والكوارث الطبيعية أيضا، وقد ازدادت وضوحا بعد الحرب الباردة. فالتغيرات التي مر بها عالمنا ومجتمعنا الدولي كانهيار الاتحاد السوفياتي والستار الحديدي الفاصل بين الشرق والغرب، بالإضافة الى المحفزات التي أدت إلى انتشار النزاعات الداخلية لدى العديد من الدول، مهدت لظهور نمط جديد من التدخل والمساعدات الإنسانية، إما عبر هيئات الدفاع عن الأقليات المتضررة من النزاع أو تشكيل قوى وشبكات دولية لجمع المساعدات وتكريسها للمساعدات الإنسانية، وهو النمط الذي اتخذته دولة الكويت عبر مؤتمراتها الأخيرة لدعم لاجئي سورية. وقد نجحت الكويت في جمع وتوجيه 2.4 مليار دولار للهلال الأحمر والصليب الأحمر وتمويل الأولويات الطارئة، ورعاية حملات التطعيم والتلقيح للأطفال، وتوفير المياه الصالحة للشرب، وتوفير الملاجئ الطارئة للاجئين، وافتتاح المدارس لتمويل مبادرة "لا لجيل ضائع"، فما الذي بدد تلك الجهود؟ ولماذا غابت الجهود السياسية للمجتمع الدولي لإنقاذ الملف السوري؟ وما نمط التدخل الإنساني المطلوب؟ لو عدنا إلى مؤرخي السياسة الدولية لوجدنا الباحث المعروف جوزيف ناي الذي برع في وصف الدبلوماسية الناعمة يكتب عن التدخل الإنساني بأنه التدخل الأمني لتكريس المساعدات بشكل تحدده الدول، أما جيمز روزنو فيعرف التدخل الإنساني بأنه سلوك يؤدي إلى آثار إيجابية، لكنه قد يؤدي إلى آثار سلبية أيضا إن لم يطبق بشكل فاعل وحافظ لحق الإنسان في العيش الكريم في وطنه؛ لذا يتضح لنا مما سبق أن الدور القادم والخاص بالتدخل الإنساني وحماية الإنسانية تتحمله المنظمات كالأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي لاحتواء لاجئي الدول العربية، وتمكينهم من العيش الكريم في أوطانهم وحماية العقول العربية الشابة من الهجرة.
مقالات
التدخل الإنساني والملاذ الآمن
16-09-2015