إرهاب التخلف الذي أصاب نجيب محفوظ بطعنات سكين في عنقه - وهو في السبعين من عمره - وفشل في قتله! بعد أن كان قد أحرز نصراً بمقتل د. فرج فودة.. هذا الإرهاب اتخذ مع د. نصر حامد أبوزيد أسلوباً آخر من الإرهاب الأكاديمي!

Ad

تقدم أبوزيد إلى الجامعة المصرية طالباً الحصول على درجة الأستاذية، نظراً لما له من بحوث ودراسات وكتب أمد بها الحياة العلمية والأكاديمية في جامعته تخول له الحصول على هذه الترقية!

لكن تيارات الإرهاب الإسلامي الأكاديمية، طعنت في شرعية معطيات أبوزيد الأكاديمية، واعتبرته مخالفاً للدين والشريعة!

وإذا بالموضوع ينتقل من طلب ترقية إلى ساحة المحكمة! ليواجه الرجل اتهاماً بالزندقة والمروق والارتداد عن الدين... وبالتالي لا يجوز له أن يعيش مع زوجته المسلمة، إذ صدر الحكم بالتفريق بينهما!

فما كان من "أبوزيد" إلا أن ترك بلاد الإسلام ليتجه إلى أوروبا، وليحاضر في كبريات جامعاتها! في "علوم القرآن"، وتتدفق على محاضراته أعداد كبيرة من المسلمين، ولم يحدث قط أن تطرق طوال السنوات التي أمضاها في أوروبا إلى ما يخدش عقيدته الإسلامية!

وعندما دعوته إلى إقامة ندوة في بيتي بلندن، حضرها بعض السلفيين، والعلمانيين، والمعتدلين، كما حضرها عدد من غير المسلمين... ودارت مناقشات امتدت إلى ساعات، ونشرت بعض ما جاء فيها في مجلة "المجلة" التي كنت أحد كتّابها، كان السؤال الكبير الذي طرحه الجميع: كيف يكون نصر أبوزيد مرتداً بموجب حكم المحكمة المصرية؟!.. بينما ما سمعناه منه فيه كل ما يعزز روح الإيمان بالعقل الإسلامي الصحيح؟! الإسلام الخالي مما أثقل كاهله بالأطروحات التي أدت إلى ما يحدث في بلادنا الإسلامية من خلافات، ومواجهات، وكوارث بين المسلمين أنفسهم؟!

ويبدو أنه على إثر حادثة أبوزيد أجريت تعديلات على قوانين الحسبة، التي فرضها التطرف الإسلامي في محاكمة د. أبوزيد!

فعاد إلى مصر وأخذ يلقي سلسلة محاضرات في أماكن متعددة، وتحديداً في مكتبة الإسكندرية، وخلال تلك السنوات التي أمضاها في مصر لم يحدث أي خلاف بينه وبين الإسلاميين الذين كانوا يناصبون العداء لكتّاب آخرين مثل: سيد القمني، وخليل عبدالكريم، وغيرهما.

وفي عام 2010 توفي أبوزيد بعد رحلة قام بها إلى إندونيسيا، فأصيب هناك بمرض غامض أدى إلى وفاته.

هذا الرجل الذي كفروه، و"زندقوه"، وجعلوه مرتداً عن الدين، وجد على هاتفه الجوال رسالة من صديق له - قبيل وفاته -.. يقول له: متى نراك؟! فيجيبه: في سدرة المنتهى إن شاء الله!