أطلق جيش النظام السوري، أمس، بمشاركة إيرانية وغطاء جوي روسي هجوماً على حلب، ثاني أكبر مدن البلاد، في إطار الحملات العسكرية التي بدأها نظام الأسد أخيراً في معظم محافظات البلاد، في محاولة على ما يبدو لتحقيق «حسم عسكري».  

Ad

بدأت قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد حملة عسكرية جديدة، أمس، في حلب ثاني مدن البلاد، بتغطية جوية روسية ومشاركة إيرانية. وأعلن مصدر عسكري ميداني، أمس، "انطلاق عملية عسكرية كبرى في ريف حلب الجنوبي بمشاركة الحلفاء والأصدقاء"، مشيراً الى أن "الحلفاء" هم الروس و"الأصدقاء" هم الإيرانيون وحزب الله.

ووصف مصدر عسكري حكومي كبير الهجوم الذي يشارك فيه أيضاً حزب الله اللبناني بأنه "المعركة الموعودة"، وأضاف أنها المرة الأولى التي يشارك فيها مقاتلون إيرانيون بهذا العدد في الصراع السوري.

وأصدرت "القيادة الموحدة لعمليات حلب" بياناً لإبلاغ السكان بدء العمليات "بهدف تحريركم من الجماعات الإرهابية المسلحة"، محذرة في الوقت ذاته من أن "أي تعاون أو إيواء للمسلحين يعتبر هدفاً للقوات المسلحة"، أما "من يرفع الراية البيضاء فهو آمن".

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد "تقدمت قوات النظام لتسيطر على قريتي عبطين وكدار" على بعد حوالي 15 كلم جنوب مدينة حلب، أما المصدر العسكري فأكد السيطرة على "عدد من قرى ريف حلب الجنوبي الغربي".

وأفاد مصدر سوري ميداني بأن العملية بدأت "انطلاقاً من ريف حلب الجنوبي باتجاه القرى الواقعة تحت سيطرة المسلحين في الريف الغربي والجنوبي الغربي"، وهي تدور على "أربعة محاور خان طومان وجبل عزان والوضيحي وتل شغيب، وسط غطاء جوي من الطائرات الحربية الروسية والسورية" يرافقه قصف مدفعي.

وشنت الطائرات الحربية الروسية "عشرات" الغارات خلال الساعات الـ 24 الماضية في تلك المنطقة، واستهدفت أساساً قريتي الحاضرة وخان طومان وبلدات أخرى في محيطها، وفق المرصد.

وتسيطر على هذه المنطقة فصائل مقاتلة وإسلامية بينها "جبهة النصرة" (ذراع تنظيم القاعدة في سورية).

وتأتي العملية البرية في حلب بعد يوم على أخرى في ريف حمص الشمالي، حيث قتل 43 شخصاً بينهم ثمانية أطفال و 22 امرأة نتيجة المعارك والغارات الروسية في العملية البرية لقوات النظام في ريف حمص الشمالي، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس.

ونفى مصدر مسؤول في الخارجية الإيرانية إرسال طهران قوات إلى سورية، وقال إنه لم يحصل أي تغيير في التعاون الإيراني أو حضورها الاستشاري في سورية.

إسقاط «درون»

وأعلن الجيش التركي، في بيان، أن مطارِدات تركية أسقطت، أمس، طائرة بدون طيار (درون) لم تعرف جنسيتها على الفور، انتهكت المجال الجوي قرب الحدود السورية.

وقالت هيئة أركان الجيش إن الطائرة أسقطت "طبقاً (...) لقواعد الاشتباك من قبل طائرات تابعة للجيش التركي "بعد تحذيرها ثلاث مرات".

وذكر مسؤول أميركي، أن الطائرة يشتبه أنها روسية، إلا أن الجيش الروسي أكد أن كل المطارِدات الروسية التي تعمل في سورية عادت إلى قاعدتها، كما أن الطائرات المسيرة تعمل بشكل طبيعي.

قصف بحري وقاعدة

إلى ذلك، أعلن قائد العمليات في الجيش الروسي الجنرال آندريه كارتابولوف، أمس، أن الطيران الروسي شن غارات جوية على أكثر من 380 هدفاً لتنظيم "داعش" في سورية منذ بدء حملته العسكرية في 30 سبتمبر الماضي.

وقال إن روسيا قد تستخدم سفنها في البحر المتوسط لإطلاق صواريخ على متشددي "داعش"، وسبق أن أطلقت روسيا صواريخ  "كروز" من بحر قزوين باتجاه سورية.

وأوضح كارتابولوف، الذي يعد مهندس التدخل الروسي في سورية، أن الضربات الروسية أخذت السلطات الأميركية على حين غرة، وقال في هذا السياق: "استخدمنا عدداً من الوسائل التقنية والتكتيكات والاتصالات" لشحن الأسلحة إلى سورية بشكل خفي، مؤكداً أن الولايات المتحدة "لم تشاهد شيئاً".

وأعلن كارتابولوف أنه لم يستبعد إقامة قاعدة عسكرية روسية في سورية تضم العناصر الجوية والبحرية والبرية، قائلاً: "على الأرجح كنت سأتحدث عن إقامة قاعدة عسكرية روسية موحدة، وإنها ستكون قاعدة تضم عناصر عدة الجوية والبحرية والبرية".

القمة الأوروبية

وكان قادة دول الاتحاد الأوروبي اتهموا بعد قمتهم في بروكسل التي انتهت في وقت متأخر من ليل الخميس ـ الجمعة نظام بشار الأسد بالمسؤولية عن التسبب بكارثة في سورية، وشددوا على أنه لا يمكن الوصول إلى سلام دائم في ظل حكمه.

واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، خلال القمة، أن التدخل العسكري الروسي في سورية "لن ينقذ" الأسد مع إقراره بأنه قد "يرسخ النظام"، مضيفاً: "يجب التحرك بأقصى سرعة ممكنة نحو عملية انتقالية سياسية".

بوتين

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، في كلمة أمام مجلس قادة رابطة الدول المستقلة في كازاخستان إن العملية الروسية في سورية محكومة زمنياً بالعملية الهجومية البرية التي ينفذها الجيش السوري، مؤكداً أن سلاح الجو الروسي حقق نتائج ملموسة.

ودعا بوتين جميع الأطراف المعنية إلى الانضمام إلى عمل مركز بغداد للتنسيق المعلوماتي والاستخباري والذي يضم إلى الآن روسيا وإيران والعراق وسورية.

وأضاف أن عدد مواطني روسيا وغيرها من بلدان رابطة الدول المستقلة الذين يقاتلون مع "داعش" يتراوح ما بين 5 و 7 آلاف شخص، مؤكداً "نحن بالطبع لا نستطيع السماح لهم بأن يستعملوا الخبرة التي يكتسبونها بسورية اليوم في ديارنا مستقبلاً".  

(دمشق، موسكو، واشنطن - أ ف ب، رويترز، د ب أ)