يبدو أن بعضَ الناس خُلقوا لزمان غير زمانهم وجيل غير جيلهم، وإلّا فكيف نفسر خمول ذكرهم في عصرهم وسطوع نجمهم بعد رحيلهم، ومن هؤلاء الشاعرة الأميركية إيميلي ديكنسون (1886-1830)، التي قابل النقاد والقراء شعرها بفتور في زمانها، وانكبوا عليه قارئين ودارسين بعد وفاتها، لتعَدّ هي ووالت وايتمان أهم شاعرَين أميركيين في القرن التاسع عشر.
واتسمت حياة ديكنسون بالغموض وحب العزلة، وفي العقد الأخير من حياتها لم تغادر بيتها قط.وكان أسلوبها شديد الخصوصية، وصورها مدهشة ومجازاتها مبتكرة، وعالمها تبزغ فيه شمس الحزن من الجهات الأربع. ويرى الشاعر الأميركي أرشيبالد مكليش أنَّ العزلة التي اختارتها إِيميلي لنفسها في بيت أبيها وفي غرفتها الخاصة، لم تكُنْ هروباً من الحياة، بل مغامرة إِلى قلب الحياة التي اختارت أن تكتشفها وتروِّض مجهولها. وفيما يلي الترجمة الشعرية الأولى لإحدى قصائدها، آملاً أن يَلِجَ القارئ إلى عالم هذه الشاعرة المتفردة، ليعيش تجربة جديدة ومغايرة لما ألفه واعتاده، علماً أنني لم أتقيد في ترجمتي بنفس ترتيب الجمل في النص الأصلي.جدول القلبهلْ في فؤادِكَ جَدولٌ ينسابُ وجِنانُ وردٍ فَوْحُها جذّابُوالريحُ تلهو والظلالُ رواعشٌ والطيرُ تحسو والمياهُ عِذابُوالناسُ لا تدري بأنّ جُدَيْوِلاً يجري بصمتٍ والسكونُ حجابُتمتاحُ منه كي تعيشَ وترتويفاحرصْ عليهِ حينَ يقدمُ آبُفالصيفُ يأتي والجفافُ قرينُهُ والمرجُ يظمأُ والشرابُ سرابُواحرصْ عليه حين تطغى أنهرٌ في شهرِ آذارٍ وعمَّ خرابُوتهدمتْ أعتى الجسورِ وأرسلتْكتلَ الثلوجِ على السهولِ هضابُThe Brook of the HeartEmily DickinsonHave you got a brook in your little heart،Where bashful flowers blow،And blushing birds go down to drink،And shadows tremble so?And nobody knows, so still it flows،That any brook is there؛And yet your little draught of lifeIs daily drunken there.Then look out for the little brook in March،When the rivers overflow،And the snows come hurrying from the hills،And the bridges often go.And later، in August it may be،When the meadows parching lie،Beware، lest this little brook of lifeSome burning noon go dry!
توابل - ثقافات
ترجمة «جدول القلب» لإيميلي ديكنسون شعراً بشعر
18-08-2015