النجم اللبناني يورغو شلهوب بطل {قلبي دق} (كتابة كارين رزق الله وبطولتها، وإخراج غادة دغفل، وإنتاج مروى غروب، يُعرض عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال) الذي استقطب  الجمهور اللبناني في ظل المنافسة الرمضانية بين أهم الإنتاجات العربية والمحلية.

Ad

حول نجاح المسلسل وتقييمه للأعمال العربية المشتركة، تحدث يورغو شلهوب إلى {الجريدة}.

كيف تقيّم الأصداء حول «قلبي دق» الذي يُعرض  بالتزامن مع مسلسلات عربية مشتركة ضخمة؟

فوجئ الجميع بالنتيجة الجماهيرية التي حققها، رغم إنتاجه المتواضع في مقابل الإنتاجات التي تُصرف عليها أموال طائلة، فتمكّن في توقيت الثامنة والنصف مساء من احتلال المرتبة الأولى، وفق الإحصاءات التي أجرتها المحطة، فضلا عن متابعة كثيفة للإعادة في اليوم الثاني.

إنما كل محطّة تقول إن مسلسلها يحتلّ المرتبة الأولى جماهيرياً.

تستند كل محطة، في وجهة نظرها هذه، إلى شركة الإحصاء التابعة لها، إنما بغض النظر عن هذا الأمر،  ثمة رأي الجمهور الذي يتابع بكثافة المسلسل، وألمس نسبة نجاحه من خلال الرسائل التي نتلقاها.

 

ألا تتأثر نسبة المشاهدين بهوية المحطة وتوقيت العرض؟

لا شك في أن المحطة القوية تساهم في دعم البرنامج القويّ، ولا شك أيضاً في أن المؤسسة اللبنانية للإرسال إحدى أقوى المحطات، لكن MTV  لا تقلّ أهمية عنها، وهي بدأت التسويق لمسلسلها قبل شهر من إنطلاق  موسم رمضان، كذلك   سوّقت محطات أخرى أعمالها في المجلات ووضعت إعلانات على الطرقات، ورغم ذلك يتفاوت  تصنيف المسلسلات في بداية شهر رمضان إلى حين عرض بضع حلقات، فيختار بعدها الجمهور أياً منها يتابع، وهذا أمر طبيعي نظراً إلى قوّة المنافسة بين الأعمال الرمضانية.

وجهت انتقادات لـ «قلبي دق» على صعد الإنتاج والإخراج واتهم نصّه بالركاكة، ما رأيك؟

ما من عمل لبناني كامل مئة في المئة في ظل القدرات الإنتاجية المتواضعة في لبنان. إنما أرفض الحديث عن ركاكة في النص، لأن نقاط القوة فيه  تفوق نقاط الضعف. فلينظروا بإيجابية على الأقل إلى العمل. من المتعارف عليه أنني أختار النصوص بتأنٍ من دون تساهل أو مسايرة، فلو لم يكن نصّاً متقناً إلى هذه الدرجة، لما قبلت المشاركة فيه.

فاجأت كارين رزق الله الجميع بعملها وبدت كأنها صاحبة خبرة طويلة في العمل الدرامي، كونها قدمت بناء درامياً متماسكاً جداً وتركيبة جميلة للشخصيات، فضلا عن الجمالية في تطور الأحداث وخفة الظل الممزوجة بأفكار عميقة. لذا فليسمحوا لنا! خصوصاً أن ثمة كتّاباً ناجحين جداً  لم يقدّموا نصّاً قوياً مثل نصّها.

برأيي هذا النص أحد أجمل النصوص التي قرأت، وهو ينافس نصوص أهم الكتّاب الذين عملت معهم وأحترمهم وقدّمت معهم أعمالا جميلة جداً. برأيي كارين لا تقلّ شأناً عنهم وأظنّ أن الجميع لاحظ ذلك.

هل تعني أن بناءه الدرامي وتركيبة شخصياته جذبت الجمهور إليه؟

يتأرجح هذا المسلسل بين خفة الظلّ المتمثلة في  علاقة الأب بأبنائه في القرية، وبين المشاعر العميقة التي تجمع البطلة بعائلتها والمعاناة التي  واجهتها في طفولتها، فضلا عن الرومنسية الجميلة والمهضومة بين الشخصيتين اللتين نجسدهما كارين وأنا في المسلسل. لكنّ ثمة مشاهد عميقة أكثر ومشاهد درامية ملفتة في الحلقات المقبلة.

هذه التركيبة كلها أتقنت الكاتبة صقلها، لئلا يأتي أي مشهد عبثياً أو يقع في خانة التهريج، بل على العكس، تميّز دور كل ممثل بسلاسة مطلقة، خصوصاً أنهم ممثلون قيّمون، ما ميّز نصّها عن سائر الأعمال المعروضة التي رغم إنتاجها الضخم فيها ركاكة معيّنة.

ثنائيات وفشل

هل ستؤسس هذه الثنائية لأعمال مقبلة؟

أتمنى ذلك، إنما يجب أن تكون التركيبة المقبلة ملائمة لنا على غرار تركيبة «قلبي دق»، لا مفروضة فرضاً.

يحقق المسلسل اللبناني «أحمد وكريستينا» نسبة مشاهدة مهمّة أيضاً، هل يميل الجمهور اللبناني أكثر إلى هذه الأعمال؟

من المتعارف عليه أن الجمهور اللبناني يفضّل متابعة العمل المحلي شرط أن يكون متقناً ومنفّذاً بطريقة جميلة، وهذا أمر طبيعي ينطبق على البلدان الأخرى أيضاً. أي أن الجمهور المصري أو السوري يعطي أولوية لعمله المحلي إذا كان جميلا قبل أن يختار أي عمل عربي آخر.

هل تقنعك الأعمال العربية المشتركة؟

شهدنا تجارب ناجحة  سابقاً مع مفيد الرفاعي والراحل أديب خير، فظنّ البعض أنه إذا قام بالمثل سينجح، وفاته أن هكذا تركيبة تحتاج إلى تناسق العناصر المكوّنة لها، لا إلى مجرّد إحضار ممثلين من دول عدّة، وابتكار قصّة معيّنة بهدف التسويق والبيع. أؤيد الأعمال المشتركة لأنها تجمع العالم العربي فتخفف الصراعات، إنما يجب أن تكون متقنة ومنفذّة بتأنٍ بعد تأمين العناصر المناسبة لنجاحها. في مطلق الأحوال أظهرت تصنيفات الجمهور أن الأعمال المركبّة بشكل غير مدروس فاشلة.

هل هي منصفة بحق اللبنانيين أم على حسابهم؟

اضطرّ الممثل اللبناني أن يدخل ضعيفاً، في البداية، إلى تلك الأعمال لأنه لم يكن منتشراً عربياً أسوة بالمصريين والسوريين الذين أعطيت لهم الأولوية في الأدوار، إنما برهن نفسه تدريجاً حتى وصل إلى أدوار متقدّمة ولم يعد مهمشاً، خصوصاً الممثلات اللبنانيات اللواتي يؤدين راهناً أدواراً رئيسة. فضلا عن أن ثمة مواهب مهمّة في لبنان لا تقتصر على الممثلين فحسب، بل تنسحب على الكتّاب والمخرجين أيضاً.

من جهة أخرى، ورغم مآخذي على بعض المنتجين اللبنانيين، إلا أنهم يعملون بقوّة لمقاومة هذه الإنتاجات الضخمة التي لا يستطيعون منافستها على صعيد التمويل.

ما الذي جذبك للمشاركة في «سرايا عابدين»؟

رُصد له إنتاج ضخم فضلا عن أن القصة جميلة جداً ودوري ملفت فيه، وأؤدي ثنائية مع كارمن لبّس.

ينتظر ممثلون كثر  فرصاً عربية فيما ترفض ما يُعرض عليك، ما السبب؟

شاركت في «سرايا عابدين» لأن الدور قيّم والقصة عميقة، فضلا عن أن المشاهد التي أؤديها جميلة  ضمن شخصية الطبيب «ارنست»، ما شكّل إضافة إلى رصيدي الفنّي. لا أقبل المشاركة في أي عمل عربي معروض عليّ إذا كان دون المستوى الذي بلغته في لبنان أو إذا كان دوراً هامشياً، فمثلما بنيت مسيرتي هنا أبنيها هناك، كذلك لا أقبل استخدام اسمي كنجم لبناني مشارك في العمل، من دون منحي موقعاً قيّماً يضيف إلى رصيدي الفني الذي أسسته طيلة عشرين عاماً.

بصراحة عُرضت عليّ أدوار رئيسة في أعمال عربية مشتركة لكنني رفضتها لأنني لم أحبّها.

ما يعنيك إذاً هو مساحة الدور ونوعيته.

ليست مساحة الدور هي الأساس إنما قيمته بحدّ ذاتها، فدوري في «سرايا عابدين» مثلا يتميّز  بنوعيته وتأثيره في مجرى الأحداث. إذا لا مانع في المشاركة كضيف في أي عمل، سواء كان لبنانياً أو عربياً، شرط أن يتمتع بقيمة فنيّة، وأن يكون دوراً جميلا ومتقناً.

الإنتاج العربي هل يؤمن بدلا مادياً كبيراً مقارنة مع الإنتاج المحلي؟

لو كنت ممن يسعى وراء الماديات لقبلت كل الأدوار المعروضة عليّ في لبنان أولا وعلى مدار السنوات المنصرمة، وحققت ثروة طائلة، لكنني لجأت إلى الإعلانات بهدف المحافظة على قيمتي الفنية وكيفية بناء صورتي كممثل. صحيح أن الإنسان يحتاج إلى المال بهدف العيش الكريم، لكنه ليس الأساس إذ يمكن خسارته بلحظة.

 

نشعر بأنك تميل إلى الأعمال المحلية أكثر.

أميل إلى  العمل الجميل بغض النظر عن هويته، إلا أنني أحبّ طبعاً أن يقوى الإنتاج المحلي وأن يكون المسلسل اللبناني رائداً في العالم العربي بشكل مستقلّ لا مشتركاً.

ألا يستفزّك الفارق الشاسع بين الإنتاجين العربي واللبناني؟

أحزن لإمكاناتنا الضئيلة. بغض النظر عن ضخامة الإنتاج التي يراها المشاهد، ثمة فارق شاسع أيضاً في ظروف العمل، ذلك أن الإنتاج العربي الضخم يبدأ من الكواليس عبر تأمين راحة تامة للممثل في مكان التصوير، وهذا أمر يستفزّني طبعاً، لأننا نذهب إلى التصوير هنا كمن يخيّم في العراء. الضعف الذي تحدثوا عنه في «قلبي دق» يعود جزء منه إلى نقص في الماديات، وإلى الضغط الذي نعانيه لإنهاء التصوير الذي كان يستمرّ أحياناً حتى ساعات الصباح.

إجازة مفتوحة

ما حقيقة الإجازة المفتوحة التي أخذتها من الدراما المحلية؟

أحياناً نبلغ مرحلة من التعب والغضب بسبب هذا الضغط الذي تحدثت عنه والافتقار إلى أي وسيلة راحة في مكان التصوير، فنعلن ما أعلنت عنه. نثق في أنهم قادرون على تأمين تمويل أكبر للإنتاج اللبناني، ولا نصدّق الحجج التي يرددونها، فهو  يدرّ على المحطات إعلانات كثيرة  نلمسها أثناء عرض المسلسلات، ما يعني أنها تؤمن مدخولا مادياً كبيراً يستردّ أضعاف ما صُرف على العمل. من هنا الحجج بعدم القدرة على تمويل المسلسل اللبناني واهية،  لا سيما أنه لا يكلّف أكثر من 2% من كلفة البرامج الأجنبية الضخمة التي يشترون نسخاً عنها، في حين لا تتجاوز أرباحها أرباح المسلسل اللبناني. هذا ظلم بحق المنتج والممثلين وفريق العمل الذين يقدّمون مجهوداً كبيراً لإنجاح الدراما اللبنانية.

لكن ثمة أزمة مالية تواجه المحطات.

لو كان ذلك صحيحاً، يجب ألا تستثمر المحطات أعمالا تحتاج تمويلاً ضخماً في مقابل تقنين في تمويل الإنتاج المحلي الذي يؤمن مردوداً مادياً كبيراً.

على الهامش

هل تتابع أعمالا رمضانية؟

أتابع «قلبي دق» وبعده «أحمد وكريستينا» لأشاهد والديّ (جورج شلهوب وإلسي فرنيني)، فلا يتسنّى لي دائماً متابعة الأعمال المعروضة خصوصاً المتزامنة مع هذين العملين، علماً أنني أحبّ الاطلاع على مسلسلات زملائي الذين أحبهم وأرغب في رؤية أعمالهم.

ما مصير فيلمك السينمائي الذي يجمعك بوالدك النجم جورج شلهوب؟

هذا العمل الذي نرغب في تنفيذه معاً مطروح منذ زمن، إنما للأسف تبقى السوق الإنتاجية اللبنانية ضيّقة، لذا نحاول تقليص  كلفته ما سيقلل من قيمته الفنيّة. من هنا نسعى إلى بلورة فكرة أخرى تنفّذ بكلفة أقلّ.

ومسرحياً؟

أرغب في تنفيذ أعمال مسرحية عدّة لديّ، إنما أعمالي الدرامية بين لبنان ومصر في السنتين الأخيرتين حالتا دون ذلك، خصوصاً أن المسرح يتطلب تفرّغاً تاماً.