خاضت مجموعات من "الحراك المدني" مواجهات حادة مع القوى الأمنية اللبنانية مساء أمس الأول، بعدما تحولت التظاهرة السلمية الى صدامات وأعمال شغب، وكان فتيلها تقدم المتظاهرين الى الحاجز الأسمنتي الذي أقيم قرب مبنى صحيفة "النهار"، بعد سحب العوائق الحديد، فردت القوى الأمنية باستعمال خراطيم المياه والهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع. وتواصلت المواجهات طوال ساعات، وسجلت حالات اختناق في صفوف المتظاهرين. وعمد المشاغبون إلى تحطيم باب فندق "لو غراي" ونزع البلاط عن الجدران بطريقة همجية لرشقها على القوى الأمنية. كما عمدوا إلى تحطيم آلات سحب الأموال وكاميرات المراقبة والمطاعم المجاورة.

Ad

وقالت مصادر متابعة إن "ما حصل أمس الأول الخميس يسيء للحراك المدني والحركة المطلبية"، مضيفة: "الناس تتألم وتتراكم عليها الأزمات، الناس نزلت للشارع لتقول للدولة كفى وإن عليها أن تتحرك، وفجأة يتحول هذا الحراك عن مساره الحقيقي، الذي هو هدف نبيل، أي التظاهر السلمي من أجل مطالب محقة، وتحول لأعمال شغب".

مشاغبون

وتابعت: "الساحات لكل الناس، ولكن هناك مشاغبين، وكان ذلك واضحا أمس، إذا وصلوا الى ساحة النجمة هل سيكتفون بالوقوف أم سيحاولون تكسير باب المجلس النيابي ويحتلونه، وعندها ماذا يحصل؟ القوى الأمنية تحملت العبء، واستوعبت كل أعمال العنف، بعض المسؤولين عن الحراك غير قادرين على ضبط عناصر الحراك أو التخلص من المشاغبين المتزايدين من حراك الى آخر".

وقالت إن "المشاغبين لم يكونوا من المندسين التابعين لحركة أمل، بل هم من داخل الحراك الذي افتعل الإشكال عن سابق تصميم، بعدما رأى القيمون عليه الأعداد الهزيلة التي شاركت في التظاهرة". ولفتت المصادر إلى أن "قرار الصدام مع الأمن كان يهدف إلى استقطاب تعاطف المواطنين، لكن السحر انقلب على الساحر، بعدما شاهد اللبنانيون على الشاشات همجية المشاغبين، وكيف تحول وسط المدينة خلال دقائق إلى ساحة حرب".   

سلام

في السياق، أعطى رئيس الحكومة تمام سلام تعليماته بوجوب أن "تستمر القوى الأمنية بالتزام الحكمة في التعامل مع المتظاهرين والحرص على حفظ حقهم في التعبير عن آرائهم بالطرق السلمية، مع التشدد في تطبيق القانون ضد كل من يثبت تورطه بالاعتداء على قوى الأمن أو بأعمال التخريب".

وأعرب الرئيس سلام، في تصريح له أمس، عن استيائه للمنحى الذي اتخذته الأحداث خلال التظاهرة، قائلا: "من الواضح أن هناك جهات تحاول حرف الحراك المدني عن أهدافه واستعماله لغايات لا تخدم المصلحة العامة للبنانيين ولا الغايات التي من أجلها انطلق التحرك الشعبي منذ نحو شهرين".

وأضاف: "قلنا منذ اللحظة الأولى إن هذا التحرك يعكس وجع اللبنانيين ويعبر عن غضب شعبي محق، وأن التظاهر حق يكفله الدستور. لكن ما رأيناه من أعمال تخريب متمادية في التظاهرة الأخيرة، خرج عن إطار التعبير السلمي عن الرأي، وتحول الى شغب وأعمال غوغائية تطرح أسئلة كثيرة حول الغاية من نشر الفوضى المتنقلة في البلاد".

دوافع وطنية

وتابع: "إننا ندعو أبناءنا المنخرطين في هذا التحرك الشعبي بحسن نية وبدوافع وطنية صافية، الى حفظ النظام العام وعدم الانجراف في مسار العبث المجاني الذي يضر بالبلاد ولا ينفع الحراك المدني".