افتتح وزير الثقافة المصري حلمي النمنم مهرجان طنطا الدولي للشعر في دورته الأولى بمحافظة الغربية (شمال غرب القاهرة)، تحت عنوان «احتفاءً بالشعر. احتفاءً بالحياة»، بمشاركة 35 شاعراً من 15 دولة عربية وأجنبية، يهدف المؤتمر إلى تلاحم الشعراء مع الجماهير، والذهاب بقصائدهم إلى أماكن تواجد ذلك الجمهور البسيط الذي تكتظ به الشوارع والساحات وأحياناً المقاهي، لتخرج القصيدة من أماكنها المنحصرة في القاعات المغلقة.
أكد وزير الثقافة المصري حلمي النمنم إقامة مهرجان طنطا الدولي للشعر بمدينة بطنطا كونها معروفة بتراثها التاريخي والديني، متمنياً استمراره، ومبدياً استعداده لتدعيم هذه النوعية من الفاعليات في المحافظات والإقاليم لتخفيف العبء على القاهرة. وألقت الشاعرة المكسيكية بيلار رودريجث كلمة الشعراء المشاركين، وتوجهت بالشكر لفريق العمل لأجل تحقيق هذا الحلم، على حد تعبيرها، مضيفة أن إقامة نشاطات مثل هذه، خصوصاً مهرجانات الشعر، هي فتح أبواب أخرى نحو الغرب، وبالنسبة إلينا كشعراء فرصة لكسر الحدود الجغرافية، وهذا يغُني تجربتنا ولغتنا أيضا، كذلك التعرف إلى ثقافة الشعوب. وأشارت إلى أن المهرجانات فرصة لسماع مبدعين آخرين، مما يجعلنا نعود إلى بلادنا ونحن نحمل زادا آخر، كما أن مهرجانات الشعر مهمة للمدينة التي تقام فيها، حيث سيصل اسم {طنطا} إلى بلدان الشعراء المشاركين في المهرجان.عن فكرة المهرجان، أكد محمود شرف، مدير المهرجان، بأنها فكرة واعدة، ودوافعها كثيرة، ومتشعبة على رأسها استزراع الثقافة والفن في الشارع مرة أخرى، لا سيما أن العودة بالفن والإبداع إلى الشارع تعُد أحد أهم الأهداف التي بنُيت الفكرة على أساسها، {للأسف الشديد انعزل الشارع عن حلقة الإبداع، ببساطة طوال الوقت نحن كشعراء وكتاب نذهب إلى الغرف المغلقة نقيم فعالياتنا، ولا يسمعنا الجمهور المستهدف، وبالنهاية نتباكى على وضع الإبداع}.وأكد شرف أن القول بأن الشعر كنموذج فقد جمهوره كلام عبثي، لأننا {لم نجرب النزول إلى الجمهور حتى نستكشف العلاقة بيننا وبينه على أرض الواقع، مضيفاً أن الشاعر والشارع كلمتان لهما الحروف نفسها، والأمر الثاني لإقامة هذا المهرجان أن مصر لا تملك مهرجاناً حقيقيا للشعر، وأنا هنا لا أقلل من شأن الآخرين أو ما يقدمونه، ولكني كشاعر يجوز لي أن أطرح وجهة نظري في ما يتعلق بالفعاليات التي تقام للشعر، ذلك الفن الذي أمارسه، حيث أرى هذه الفعاليات مشوهة وغير واضحة، وهي تمارس أنشطتها، وإذا ضربت مثلا بمؤتمر القصيدة العربية الذي يعقد كل عامين بالمجلس الأعلى للثقافة، وقد شرُفت بتقديم أكثر من نسخة من هذا الملتقى، أجد أن الشعر به يظل محصوراً داخل قاعات مغلقة على مرتديها، وعندما نقيم هذا المشهد سنراه أمسية شعرية كتلك التي تقُام طوال العام، بمعنى أن الشاعر الذي يأتي دوره أخيراً في القراءة الشعرية يجد أنه يقرأها لنفسه فقط، لأن زملاءه السابقين له في القراءة يغادرون ولا يجد جمهوراً يجلس أمامه، الجمهور ليس لديه حساسية مع الشعر، ولديه ملل القاعات المغلقة، بالإضافة إلى أنه تم تنميط المتلقي، والمعتاد أن يذهب للفعاليات في أماكنها المعروفة}.تابع: {ولكن فلسفة هذا المهرجان قامت على الذهاب للناس في الأماكن العامة، فضلاً عن أنه إذا فحصنا المشهد الشعري العربي فلا نجد هناك مهرجانات شعرية عربية تحمل الصبغة الدولية. الشعر فن إنساني ونقطة التقاء بشرية، والشعر المصري هو نفسه العراقي والمكيسكي والإيطالي وغيره، تجمعه لغة واحدة مشتركة. من هذا المنطلق، دمج الشعراء الأجانب ودعوتهم للتواجد وسط مجتمع شعري عربي مختلف عنهم في العادات والتقاليد هو في الحقيقة ليس استزراع نبتة في تربة غريبة عنهم، فالتربة واحدة، لأن الشعر فن إنساني بالتالي التواصل سيكون موجودا حتى ولو اختلفت الألسنة، ومهرجان طنطا الدولي للشعر أحد أهم أهدافه أن يستثمر هذه الحقيقة ويدعو شعراء {عرب وأجانب} لكي تتلاقح أفكارهم لثراء الحركة الشعر}.انطلقت الأمسيات والفاعليات الشعرية وورش الشعر، كذلك شهادات لبعض الشعراء والنقاد في ساحة السيد البدوي، جامعة طنطا، قصر ثقافة طنطا، آدامز كافيه، كوبا كافيه، قاعة المجلس المحلي الشعبي، مكتبة بره الصندوق ومجمع الكليات.آراء الشعراءفي تعليقات بعض الشعراء المشاركين بالمهرجان أبدو سعادتهم بإقامة مهرجان شعري في محافظة بعيدة عن الأماكن المغلقة المعتادة. قال الشاعر والمترجم رفعت سلام إن {هذا المهرجان مفاجئ له، مشيراً إلى مشاركته بمهرجانات شعرية في مصر، لم يحدث حتى الآن أن يقام مهرجاناً شعرياً على هذا النحو من قبل في مصر، وسط أناس جاؤوا لمشاهدة عرض التنورة التي سبقت الأمسية الشعرية، فكان من المدهش أنهم لم يقوموا بأية ضوضاء أو صخب وفي الوقت نفسه لم ينفضوا عن الشعر، بل ظلوا جالسين في أماكنهم بعد انتهاء عرض التنورة إلى أن انتهى الشعراء من قصائدهم، إذاً هي مسألة مدهشة للغاية. بالطبع هذا الأمر يحدث في بعض الدول الأجنبية}. كذلك أكد سلام أن المهرجان يؤسس لنوعية أخرى من الأنشطة، سواء خارج المؤسسة الحكومية أو تلك التي تقُام في أماكن وجود الناس، بمعنى أن يذهب الشعراء بشعرهم للناس وليس العكس.ورأى الشاعر إبراهيم داود أن المهرجان يؤكد على أمرين مهمين هما قوة المجتمع المدني في مصر، بمعنى أن ينجح في جمع هذا الحشد بأسماء من مختلف دول العالم بجهود أهلية فإن هذا يعُد انتصاراً لقيمة أساسية في الثقافة المصرية. الأمر الثاني يتمثل في التواصل وبعث رسالة للعالم بأن مصر ليست بلد الإرهاب، ولكن ثمة ثقافة مصرية ترتجل حلولها بشياكة وبساطة وتحاول أن تشير إلى أمر مهم، ألا وهو أن الشعر من أفضل الحالات التي تحدث في مصر الآن، حيث سيحقق له هذا المهرجان قفزة كبيرة، على حد قوله.أما الشاعر الإيطالي كلاوديو بوتزاني مدير مهرجان جنوة فأشار إلى أن هذا المهرجان لا يعطي إحساساً بأنه في دورته الأولى، كونه جاء ناضجاً ومنظماً، مضيفاً، أنه شعر بحدوث حركة تبادل ثقافية حقيقية. كذلك أشاد {كلاوديو} بفكرة النزول إلى الناس في الميادين والجامعات والمقاهي، قائلا: {تخيلت بأني سأجد شباباً فقط بساحة {السيد البدوي} ولكني فوجئت بوجود عائلات، إذاً هو مهرجان عائلي يسعد كل شاعر يلقي قصائده، وهو ما يؤكد نجاح الفكرة. ورأت الشاعرة التونسية لمياء المقدم أن هذا المهرجان تميز باقترابه من محبي الشعر، بمعنى أنه لم يقم في قاعات رسمية مغلقة وإنما تحتضنه مقاهٍ وساحات جامعات وهي أماكن غير مألوفة بالنسبة لمحبي الشعر.
توابل - ثقافات
مهرجان طنطا الدولي للشعر يفك حصار القصيدة
08-11-2015