حكومات الخليج تتأهب لجمع تمويلات قياسية من أسواق السندات

نشر في 18-12-2015 | 00:00
آخر تحديث 18-12-2015 | 00:00
No Image Caption
يتهافت المصرفيون المعنيون بسوق السندات على جذب صفقات من الجهات السيادية الخليجية التي تواجه وضعا متأزما، المتوقع أن تجمع تمويلات قياسية العام المقبل، لتغطية العجز المتنامي في موازناتها.

ذلك أن دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج على الأرجح لأكثر من 250 مليار دولار خلال العامين المقبلين تجمعها بوسائل مختلفة، مع سعيها لمواجهة تداعيات هبوط أسعار النفط.

وقال ماتياس أنجونين، محلل المخاطر السيادية في وكالة موديز للتصنيف الائتماني لخدمة (آي.إف.آر): «نقدر الآن أن إجمالي العجز في موازنات مجلس التعاون الخليجي في 2015-2016 سيقترب من 265 مليار دولار، وهو ما يفوق التقديرات السابقة».

وأضاف: «ذلك لا يشمل الديون، التي تحتاج إلى إعادة التمويل، من ثم فإن الاحتياجات التمويلية ستتجاوز ذلك على الأرجح».

وأوضح: «صحيح أن الكثير من هذه الأموال سيتم جمعها عبر عمليات بيع أصول وفرض ضرائب جديدة، بما في ذلك التطبيق المقترح لضريبة القيمة المضافة في الإمارات العربية المتحدة، إلا أن أسواق السندات ستصبح أيضا مصدرا مهما لجمع الأموال».

ويقول مصرفيون إن الجهات السيادية قد تجمع ما لا يقل عن 15 مليار دولار من السوق العالمية العام المقبل. وستفوق هذه الأموال تلك التي جمعتها الحكومات الخليجية من إصدار أدوات الدين الدولارية في الفترة من عام 2013 وحتى نهاية 2015.

وقالت إيمان عبدالخالق، المديرة بوحدة أسواق رأس المال المدين بالشرق الأوسط في «سيتي غروب»: «نتوقع العام المقبل المزيد من الإصدارات السيادية من المنطقة... بعض المقترضين يهتمون بالسعر أكثر من غيرهم، ويتطلعون إلى اقتناص فرص التمويل الجذابة».

ولفتت إلى أنه من المرجح أن تخطف السعودية الأضواء، حيث راجت شائعات كثيرة، بأن الحكومة ستدخل السوق العالمية للمرة الأولى في صفقة طال انتظارها. وتزيد الضغوط على المالية العامة للمملكة، إذ تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن العجز في موازنتها هذا العام سيصل إلى 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم أن السعودية لا تزال تملك أصولا أجنبية صافية بقيمة 640 مليار دولار، فإنها لا تستطيع الاستمرار في تمويل عجزها المتوقع للأبد، إذا ظلت أسعار النفط منخفضة.

وقال أحد المحللين «أمام السعودية نحو أربع سنوات للتمويل إذا اعتمدت على الاحتياطيات الأجنبية وحدها وظل النفط عند مستوياته الحالية».

ويعتقد بعض المصرفيين، أن السعودية ستسعى لجمع ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار من السوق العالمية العام المقبل، لتكمل بها تمويلاتها من السوق المحلية، التي دخلتها في يوليو 2007.

وجمعت الحكومة منذ ذلك الحين 95 مليار ريال سعودي (16 مليار دولار) من المستثمرين المحليين، وتقترض أموالا جديدة شهريا قدرها 20 مليار ريال في المتوسط.

وتقول مصادر إن دخول السعودية المتوقع إلى السوق الدولارية في 2016 دفع بالفعل البنوك العالمية الكبرى التي تتطلع لاقتناص التفويض إلى البحث والتقصي لمعرفة نوايا المملكة.

وقال مسؤول معني بأسواق رأس المال المدين في بنك راجت شائعات بأنه خاطب الحكومة بالفعل: «بالنسبة للسعودية، هل ستسمن الخمسة مليارات دولار أو ستغني من جوع؟ بالطبع لا، لكنها فرصة لتنويع مصادر تمويلاتهم». لكن لا يقتنع الجميع بأن السعودية ستصدر ما يأمل به المصرفيون.

فيقول مصرفي معني بالسندات في الإمارات العربية المتحدة: «سربت السعودية أنها ستبرم صفقة كبيرة... ولن أفاجأ إذا طرحوا (صفقة حجمها أقل من) مليار دولار ولقوا استجابة هائلة».

مجلس التعاون يستنفد سيولته

ما من شك يذكر، أن ندرة دخول السعودية للسوق وتصنيفاتها الائتمانية تعني أنها ستمضي بسهولة في الصفقة، حتى وإن كانت قيمتها خمسة مليارات دولار. لكن البعض قد يرى أن الأمر أكثر صعوبة مما يبدو.

وتوقع بعض المصرفيين، أن تكون سلطنة عمان ودبي والبحرين، وحتى الكويت، من بين المصدرين المحتملين لأدوات الدين العام المقبل.

ويأتي احتياج حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لأكبر تمويلات تحتاجها في سنوات في وقت صعب يمر به مستثمرو المنطقة. وتستنزف البنوك الخليجية سيولتها مع تأثرها أيضا بتداعيات هبوط أسعار النفط.

وأبرز مثال على ذلك، هو بنك أبوظبي الوطني، الذي شهد هبوطا في الودائع الحكومية بمقدار 13 مليار دولار في 12 شهرا حتى أكتوبر مع سعي الحكومات لتعزيز أوضاعها المالية.

وأثر الهبوط الحاد في السيولة تأثيرا كارثيا على إصدارات السندات الجديدة، وكان بنك أبوظبي التجاري أكبر ضحاياه، إذ اضطر البنك إلى إلغاء إصدار بعد إعلانه السعر الاسترشادي في سبتمبر.

وقال أحد المحللين «الجميع يتحدثون عن الأمر، من دون توقف منذ حدوثه».

وتعثرت صفقات أخرى، في ظل طلبات اكتتاب توشك بالكاد في الغالب على تغطية جميع المعروض.

وقال نيتيش بوجناجاروالا، المحلل المصرفي في مكتب موديز في دبي،: «السيولة تتقلص في دول مجلس التعاون الخليجي، مع انخفاض معدل نمو الودائع ،حتى وإن كان نمو الائتمان لا يزال مرتفعا في بعض الدول».

وأشار بوجناجاروالا إلى قطر، باعتبارها إحدى الدول التي يرتفع فيها معدل نمو الائتمان كثيرا، ليصل إلى رقم في خانة العشرات.

back to top