معنى نتائج الانتخابات المغربية

نشر في 07-09-2015
آخر تحديث 07-09-2015 | 00:05
 صالح القلاب   جاءت نتائج الانتخابات البلدية، التي جرت في المغرب قبل يومين، مخيبة لآمال تيارات وتنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة كلها، فحزب العدالة والتنمية (الحاكم) تراجع في هذه الانتخابات إلى المرتبة الثالثة، حيث جاء في المقام الأول حزب الأصالة والمعاصرة (الموالي)، وجاء بعده في المقام الثاني حزب الاستقلال التاريخي الشهير، الذي أسسه الوطني المغربي الكبير علال الفاسي، وكان له الدور الطليعي والأساسي في انعتاق هذا البلد، الذي يُفترَض أنه عزيز على قلب كل عربي، من هيمنة الاستعمار الفرنسي الذي جثم على صدره سنوات طويلة.

 وبالطبع، وللأمانة والإنصاف، فإن حزب العدالة والتنمية، الذي يبدو أنه دخل مرحلة التراجع والضمور مبكراً، يرفض رفضاً قاطعاً مانعاً أن يُحسب على الإخوان المسلمين كتنظيم، مع أنه لا ينكر أنه جزءٌ مما يسمى الحركة الإسلامية في هذه المنطقة وفي العالم، كما أنه يصر على أن رجب طيب اردوغان أخذ اسمه أي "العدالة والتنمية" ليكون اسماً لحزبه، الذي سيطر على الحكم من خلال الانتخابات التي لا شك، إطلاقاً، في ديمقراطيتها، سنوات طويلة، والذي يمكن أن يستعيد عافيته الشعبية بعد وعكة الانتخابات الأخيرة، التي ألمَّت به وجعلته عاجزاً عن تشكيل حكومة جديدة بمفرده.

  قلنا، وقال غيرنا، إن أحزاب القرن العشرين "الإيديولوجية" العقائدية انتهت مع اقتراب حلول القرن الحادي والعشرين والألفية الثالثة، كحزب البعث، وحركة القوميين العرب، والحزب الشيوعي، الذي انهار في موسكو في بدايات عقد تسعينيات القرن الماضي، قبل انهيار فروعه في الوطن العربي وفي العالم بأسره، باستثناء الصين، وإن جماعة الإخوان المسلمين، بعد سقوط نظامها في مصر وتراجع تنظيماتها في كل الدول العربية التي لها فروع فيها، أفل نجمها، وأصبحت عملياً بحكم المنتهية.

 والدليل هو أن "حزب النهضة" في تونس بقيادة بل بزعامة راشد الغنوشي، الذي حاول الوصول إلى موقع المرشد الأعلى للإخوان المسلمين في العالم بأسره، بعدما حصل لهذه "الجماعة" ما حصل في مصر، غدا يفكر في التحول إلى حزب وطني برامجي تونسي كالأحزاب التونسية الأخرى، وهذا يعني أن شعب تونس مثل كل الأشقاء العرب لم يعد يهتم بأي حزب "إيديولوجي" عقائدي، كما يعني أن هذه الظاهرة التي بدأت في نهايات العقد الثاني من القرن العشرين لم تعد مقبولة من أجيال الشباب الصاعدة، الأكثر واقعية من أجيال القرن الماضي، التي ينشغل بعض رموزها الآن بالبكاء على قبر "الجماعة" الراحلة.

 هذه حقيقة يُفترَض أنه لا خلاف عليها ولا جدال فيها على الإطلاق، لكن اللافت أن "إخوان" الأردن يتقصدون إشاحة وجوههم عن حقائق الأمور، كما أنهم بدلاً من الانتقال من واقع ألفية رحلت، ولا يمكن أن تعود، إلى واقع الألفية الثالثة بمعطياتها المستجدة، وأولها أن هذه الأجيال الشابة تريد أحزاباً برامجية، ها هم ينهمكون في اقتتال عبثي على عباءة بالية اسمها الإخوان المسلمون.

 والأخطر أن "إخوان مصر" بعد فرار السلطة، التي اتضح وثبت أنهم لم يكونوا مؤهلين لها، من أيديهم ذهبوا إلى ركوب موجة العنف والإرهاب بدلاً من أن يتحلوا بجرأة النقد والنقد الذاتي ويبادروا إلى مراجعة مسيرتهم الطويلة المليئة بالأخطاء والخطايا، وذهبوا للارتماء في أحضان بعض الدول "الإقليمية" التي تسعى إلى استخدامهم لأغراض آنية ومرحلية، ثم لن تلبث أن تتخلى عنهم قبل أن يصيح الديك!

back to top