فرنسا تفتح أرشيف «حكومة فيشي» وتسقط آخر المحرمات

نشر في 31-12-2015 | 12:39
آخر تحديث 31-12-2015 | 12:39
No Image Caption
تسقط فرنسا بقرارها فتح أرشيف حكومة فيشي آخر المحرمات بشأن التعاون مع ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية التي سممت النقاشات الوطنية لعقود.

وعبّر رئيس جمعية الأرشيف الوطني جيل موران عن ارتياحه لقرار الحكومة كشف كل وثائق الشرطة والقضاء التي تعود إلى فترة من يونيو 1940 إلى يوليو 1944، وقال "سنتخلص من الخوف من الفضيحة ونتحمل المسؤولية، وسنتمكن من فهم الأمور بشكل أفضل".

وكانت ألمانيا النازية خلال تلك الفترة تحتل شمال فرنسا والماريشال فيليب بيتان يقود المنطقة "الحرة" من فيشي المدينة الواقعة في سقوط فرنسا التي أقام انطلاقاً منها سياسة تعاون مع المحتل وشن خصوصاً حملات اعتقالات واسعة ضد اليهود.

وأسفرت تلك السياسة عن سقوط بين عشرة آلاف و15 ألف قتيل وتهجير نحو ثمانين ألف مدني تمكن نصفهم بالكاد من العودة أحياء.

لكن مع انتهاء الحرب فرضت فرنسا التي اعتمدت على عمل المقاومين بقيادة شارل ديغول، نفسها بين المنتصرين وحصلت على مقعد في مجلس الأمن الدولي وشاركت في تقسيم ألمانيا.

وقدّم نظام فيشي حينذاك على أنه "مرحلة مؤقتة" منفصلة عن الجمهورية الفرنسية، وبقي الوضع على حاله حتى 1995 عندما اعترف الرئيس جاك شيراك بمسؤولية الدولة الفرنسية في ترحيل 76 ألف يهودي إلى معسكرات الاعتقال.

شيراك المولود في 1932، كان طفلاً أثناء الحرب خلافاً لسلفه فرنسوا ميتران الذي واجه خلال ولايته الرئاسية (1981-1995) قضية مرتبطة بدوره المثير للجدل في عهد فيشي، وقد كان موظفاً ومنحه نظام بيتان وساماً، لكنه كان يشارك في الوقت نفسه في المقاومة.

وقالت المؤرخة انيت فيفوركا "الوقت مضى اليوم، الأجيال التي تورطت في الحرب العالمية الثانية لم تعد موجودة، إنها لم تعد موضوعاً سياسياً ساخناً ويمكننا إعادة فتحه بدون خطر".

وفي الواقع كان الرئيس الحالي فرنسوا هولاند الذي ولد بعد الحرب هو من أعلن بمناسبة الذكرى السبعين لانتهاء الحرب في الثامن من مايو الماضي عن فتح الأرشيف لمكافحة "هذه الآفات التي تهددنا: النزعة إلى تعديل التاريخ وتشويه الذاكرة والنسيان".

أميركي يُحطّم الأسطورة

وقالت انيتا فيفوركا إنه حتى الآن كان يمكن الإطلاع على الوثائق بعد الحصول على استثناء في اجراء غير تلقائي وقد يستغرق بين "15 يوماً وستة أشهر"، وأضافت إن "عدداً صغيراً جداً من الملفات المتعلقة بالحياة الشخصية على ما يبدو" ستبقى سرية.

وقال دنيس بيشانسكي مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي "يجب ألا نعتبر فرنساً بلداً يُصر على سرية أرشيفه فبفضلها نشرت عشرات الكتب عن فرنسا في السنوات السوداء".

وأهم هذه الكتب كان "فرنسا فيشي" للأميركي روبرت باكستون الذي اعتمد على الأرشيف الألماني... الذي صادره الجيش الأميركي، وكان صدور الكتاب في 1973 أشبه بقنبلة إذ أنه يكشف التعاون الحكومي مع القوة المحتلة خلافاً لاعتقاد كان يسود حول فرنسا موحدة في إطار المقاومة.

لكن المؤرخين يرون إنه بفضل أبحاث عديدة جرت في وقت لاحق، ليس هناك الكثير الذي يجب انتظاره حول نظام فيشي إذ أن "المعلومات الأساسية كتبت ونشرت".

إلا أن محامي اليهود الذين تم ترحيلهم سيرج كلارسفيلد يرى أن فتح أرشيف فيشي سيكشف "التشهير والأكاذيب" وخصوصاً قضايا "مصادرة الممتلكات".

وإلى جانب الدولة الفرنسية، كان بين 150 ألفاً ومئتي ألف فرنسي "متعاونين" بينما "تكيف" مئات الآلاف الآخرون مع الوضع.

لكن لم يُعرف سبب اقتصار قرار فتح الأرشيف على نظام فيشي واستبعاده حربي الهند الصينية وفيتنام.

وقال جيل موران أن "رفع السرية المنهجية عن الوثائق هو القاعدة المطبقة في الولايات المتحدة وبريطانيا، في دول أوروبا الشرقية رفعت السرية عن الوثائق بسرعة بعد سقوط الجدار، لكن في فرنسا نخاف من خيالنا".

back to top