في كل عام، ومثل هذا الوقت، تعود إلينا انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، بالإضافة إلى انتخابات الروابط والجمعيات العلمية، شباب اليوم ومستقبل الكويت، حيث تكون الانتخابات الطلابية عادة هي المصنع الذي يفرز قادتنا، كحال كل دول العالم تقريبا، لكن في السنوات الأخيرة بهت طعم الانتخابات الطلابية، وتم تسطيحها بشكل سخيف لتكون عبارة عن شعب جديدة، ودفاتر توزع، وباجات توضع، كمن يشجع فريقا كرويا لا كمن يحمل فكرا حقيقيا.

Ad

والمؤسف جدا أن «الوسط الديمقراطي»، هذه المدرسة العريقة، حالها كحال كل جميل في الكويت، في تراجع مستمر في السنوات القليلة الماضية، لكنها لا تزال ذلك النبراس الذي نستند إليه ليضيء طريقنا المظلم، لعلنا نجد في النهاية الضوء الكافي ليغمرنا ويخرجنا من السوء الذي نحن فيه.

 أذكر عندما كنا نتحدث بوضوح حول المخاوف التي قد تأتي من ضرب الشعب من القوات الخاصة كما حدث في الثمانينيات، من تحول الكويت إلى عراق آخر أو لبنان جديد من خلال صراع المذاهب والطوائف، كان طرحنا راقيا مميزا، لكنه للأسف ليس جذابا كفاية لتصب فيه أصوات الطلبة في ذلك الوقت.

كانوا منشغلين جدا، كما أذكر، بالفوز بالانتخابات الفرعية، لتحويل أصوات قبيلة ملتزمة مع المستقلة للائتلافية أو العكس، أو لتحشد الائتلافية أصواتها عن طريق تسويقها لقائمة الإسلام المعتدل ذي الصبغة السنية، في حين تقوم القائمة الإسلامية بالعكس، وفي حين كانت تلك مطارقهم كان صوت الوسط الديمقراطي يضيع أمام الكلام العاطفي، رغم قوة حجته، ولكن كنت كثيرا ما أفكر: هل فكر الوسط الديمقراطي متقدم جدا حتى لا يفهم بهذه السهولة أم نحن مَن تراجعنا؟

أرى ما يجري في الكويت من أحداث ديوان الحربش، إلى محاولات وأد الديمقراطية، إلى الخلايا التكفيرية والحزبية التي أرادت أن تحول الكويت إلى ساحة حرب بالإنابة، وأسترجع ما كنا نقوله، كان واضحا وجليا لنا، وضبابيا لغيرنا، ولم يتعظ أحد.

شباب الوسط الديمقراطي، أيها النور الذي لا يموت، يا صوت حق يصدح لأنه يريد أن يصدح، أنتم لستم ترفا فكريا، أنتم حاجة كحاجتنا للأمل، فاستمروا، وأردد ما قاله الشهيد ناجي العلي في حقكم «خير الأمور الوسط الديمقراطي»، و«الله معهم... شباب الوسط الديمقراطي». وكل التقدير والإجلال لكم، وهذا المقال السنوي هو الواجب الذي أردّه للمدرسة التي كونت ما أنا عليه الآن... وفقكم الله.