= أنتم بقى فرقة البهلوانات ولاد البهلوانات.

Ad

* أيوا يا أستاذ.

= وتقربوا إيه بقى لإسماعيل عاكف وولاده.

* إحنا ولاد سيد بن إسماعيل عاكف.

= عال عال... يعني مأصلين في ألعاب السيرك والبهلوانات... أنا مش هاسألكم إيه اللي جابكم هنا؟ ولا إيه اللي خلاكم تقدموا فنكم كدا في الشوارع؟... لكن كل اللي هاقولهلكم إن مسرحي تحت أمركم تقدموا فيه فقراتكم وألعابكم... تحت أمركم من الليلة.

- إحنا مش عارفين نقولك إيه يا أستاذ... فعلا زي ما سمعنا عنك وأكتر

= وسمعتوا إيه إن شاء الله؟

* إنك فنان كبير وأصيل... وإنسان كريم وشهم وابن بلد.

= وأنتوا ولاد عاكف... تعالوا اتفضلوا اقعدوا... بس قولولي قبله أنتوا اتعشيتم. 

* هه... اتعشينا... آه آه طبعا... دا إحنا لسه طالعين من عند الحاتي.

= الحاتي كدا مرة واحدة... طب عال أوي... تعالوا بقى أقعدوا علشان نتكلم.

 

قرر علي الكسار أن تعمل نعيمة عاكف في مسرحه كمطربة وراقصة استعراضية على أن تقدم شقيقاتها ألعابهن الأكروباتية كل ليلة في الفواصل المسرحية، مقابل أجر قدره 12 جنيهاً شهريا، والتي كانت طوق نجاة لها ولأسرتها من الفقر والحاجة، وعلى المستوى الفني اعتبرت نعيمة أن عملها على مسرح الكسار فرصة ذهبية لتطلق من خلاله ما تشعر به من مواهب بداخلها غير محدودة، غير أن الفقرات التي كانت تقدمها في مسرح الكسار، لم تكن كافية لإظهار هذه المواهب بالقدر الكافي، خصوصاً أنها لم تتغير كل ليلة، وفي الوقت نفسه تعتمد هي وشقيقاتها على ما تعلمنه فقط في السيرك، ولم يكن ثمة جديد يمكن إضافته. ناهيك بأنها  كانت لا تزال تعتمد على أغاني ومونولوجات غيرها من مطربين ومطربات، فلم يكن ثمة من يكتب ويلحن لها الجديد الذي تقدمه للجمهور. ورغم ذلك لم ينصرف عنهن، وظل مقبلاً على ما تقدمه نعيمة من أغان واستعراضات، وأكروبات شقيقاتها، لتمضي الأحوال من حسن إلى أحسن، ويعود علي الكسار بفرقته من روض الفرج إلى شارع عماد الدين، حيث كبريات الفرق المسرحية، التي تزخر بكبار الفنانين والفنانات، والملاهي الليلية، والتي يبرز من بينها المقر الشتوي لملكة المسارح والملاهي الليلية «بديعة مصابني»، تلك المدرسة الفنية التي تخرَّج فيها عدد كبير من المطربين والمطربات أمثال فريد الأطرش ومحمد فوزي، ومحمد عبد المطلب، كارم محمود، عبد العزيز محمود، وغيرهم، كذلك أشهر الراقصات ربما أشهرهن ببا عز الدين، تحية كاريوكا، وسامية جمال، وغيرهن. حتى بعدما أصبح هؤلاء وغيرهم نجوماً ونجمات، لم تنضب تلك المدرسة، وظلت بديعة تنقب عن المواهب في مسارح وملاهي القاهرة، حتى ساقتها الأقدار هذه الليلة إلى مسرح علي الكسار في شارع عماد الدين، كما تفعل أغلب الوقت، وما كادت نعيمة تطل على خشبة المسرح هي وشقيقاتها حتى اعتدلت بديعة في جلستها في «البنوار» الذي تجلس فيه، وشيئاً فشيئاً تنبهت إلى أن ثمة موهبة جديدة تتحرك فوق خشبة المسرح، فضلاً عن خفة الدم وسرعة الحركة، والذهن الحاضر. غير أنها تحتاج إلى المزيد من صقل موهبتها ورعايتها.

 

راقصة ومطربة

 

انتهت نعيمة وشقيقاتها من فقرتهن، وأغلق الستار، واستعد الكسار لتقديم الفصل الثاني من روايته، ففوجئت نعيمة بمن يأتي إليها وشقيقاتها في حجرتهن بكواليس المسرح، يخبرهن بأن ملكة المسارح بديعة مصابني تريد رؤيتهن:

 

= أنت اسمك إيه؟

- أنا فاطمة.

= لا مش أنت... أنت يالي واقفه بعيد... تعالي قربي 

* أنا؟

= أيوا أنت اسمك إيه؟

* نعيمة عاكف... ودول إخواتي فاطمة وسيدة ونبوية.

= زي ما سمعت أنكم ولاد عاكف بتاع السيرك مش كدا؟

* أيوا كدا.

= وعارفين أنا مين؟

* طبعا الست بديعة مصابني... مافيش حد في مصر كلها ما يعرفهاش.  

= برافو عليك... وأنتم مبسوطين هنا عند الكسار.

* الحمد لله أستاذ علي راجل محترم أوي وفنان بجد أصيل.

= أنا بس حبيت أهنيكم على الاستعراض اللي عملتوه... وكمان عايزة أقولكم إن الصالة بتاعتي تحت أمركم في أي وقت.

 

لم يمض على زيارة بديعة مسرح الكسار أسبوعان، إلا وكانت الرواية التي يقدمها قد انتهى موسمها، واضطر إلى أن يغلق المسرح، ويوقف عمل الفرقة إلى حين التحضير للرواية الجديدة وعمل التمرينات، ما يعني إجازة إجبارية لفرقة «البهلوانات» تضطرهن إلى الجلوس في بيتهن إلى حين بدء الرواية الجديدة، ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وربما أكثر من ذلك.

 

الست بديعة

 

لم تفكر نعيمة طويلاً، وقررت تنفيذ وصية بديعة مصابني، فاتجهت إلى صالتها على الفور وطلبت مقابلتها، ورغم أن اللون الفني الذي تقدمه نعيمة وشقيقاتها، لم يكن ضمن اهتمامات بديعة أو جمهورها، خصوصاً أن لديها فرقة فرنسية تقدم استعراضاً غنائياً راقصاً، وراقصة «كلاكيت» فإنها لم تتردد في قبولها هي وشقيقاتها، ليعملن في صالتها مقابل خمسة عشر جنيهاً شهرياً.

رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تظهر فيها نعيمة أمام الجمهور، فإنها بمجرد ظهورها أمام جمهور صالة بديعة، شعرت بإحساس جديد لأول مرة، مجموعة متناقضة من المشاعر، بين الخوف والقلق، والفرحة والنشوة، فهي أمام جمهور جديد ومختلف عن جمهور علي الكسار، فهذا الجمهور هو الذي اكتشف الكثير من الفنانين، ورفعهم إلى مصاف النجوم، أمثال فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال. راحت نعيمة تجتهد دون شقيقاتها لتقديم أفضل ما لديها لتنال إعجاب الجمهور الساحر، الذي من المؤكد أنه بمجرد أن تنتهي من فقرتها، سيقطع أياديه من التصفيق، وسيحملها على الأعناق ويهتف باسمها ليرفعها إلى مصاف هؤلاء النجوم.

ما إن انتهت نعيمة وشقيقاتها من أداء فقرتهن، حتى أفاقت من أحلامها على صدمة لم تتوقعها. لم تسمع من الصالة سوى تصفيق خمسة أو ستة أياد، فلم يعرهن أحد من الجمهور اهتماماً، فجرت إلى الكواليس ولمعت الدموع في عينيها، فلاحظت بديعة ذلك:

 

= أنا مش عايزاكِ تزعلي كل اللي قبلك بدأوا كدا.

* تقصدي إن كل النجوم الـ....

= أيوا... ماكنش حد يعرفهم في البداية... وشوية شوية بقى لهم جمهور ومعجبين واشتغلوا في السيما والمرسح وبقوا نجوم كبار.

* أمتى وإزاي؟

= يظهر أنك مستعجلة أوي؟

* أوي أوي.

= للدرجة دي؟

* لا مش القصد... بس مش علشاني والله... لكن علشان أمي وأخواتي            

= علشان كدا لازم تتغيروا شوية... أنتوا مين بيدربكم؟

* إيه بيدربنا... مافيش.

= مافيش إزاي؟ بس دا ماينفعش.

* ماينفعش!

= عموماً أنا هابقى أخلي إيزاك يعملكم رقصة ولا اتنين... مايكونش عندك فكر.

* بس أنا ممكن أغني وأقول مونولوجات.

= طب هايل... مين بيكتب لك ومين بيلحن لك؟

* لا أنا بقول أغاني للست رتيبة أحمد... للست أسما المصرية... و....

= لا لا أنا مش عايزة مشاكل مع حد... خلينا في الرقص والاستعراضات الأول.

 

أوفت بديعة بعهدها وعهدت بهن إلى مدرب الرقص إيزاك لإعداد رقصة استعراضية جديدة لنعيمة وشقيقاتها، والتي غلبت عليها أيضاً ألعاب الأكروبات، ورغم إتقانهن لها، فإنهن لم يكن ببراعة الفريق الفرنسي الذي يؤدي فقرة مشابهة لما يقدمنه، فإذا كان الجمهور يبهره أداء الفريق الفرنسي، لماذا يحرص على مشاهدتهن؟

 

الكلاكيت

 

لم يكن ذلك يشغل بال أي من الشقيقات الثلاث، فكل ما يهمهن العمل من أجل العيش، إلا أن الرابعة نعيمة، كان يشغلها ذلك طوال الوقت، فلم تعتد أن يتجاهلها الجمهور بهذا الشكل، ويستقبلها بهذا الفتور، بعد أن عاشت أمجاداً كبيرة في ظل إعجاب الجمهور بها في طفولتها بطنطا، وحتى في «مقهى حلاوتهم» أو مع فرقة محمد الكحلاوي، وحتى فرقة علي الكسار، إلا هنا لدى نعيمة، التي كانت المنافسة لديها على أشدها، سواء بين الراقصات أو الفرق، أو المطربين. غير أن ما لفت نظر نعيمة من بينهن جميعا، تلك الفتاة الأرمنية «تيشي» التي تتحدث العربية بطلاقة، ما يجعلها تلقي مونولوجات، وهي تقدم ما يسمى بـ{رقصة الكلاكيت» وهي رقصة تقدم خلالها حركات استعراضية تعتمد على القدمين، حيث ترتدي الراقصة حذاءاً في أسفله قطع من الحديد، عندما تتحرك به الراقصة حركات مدروسة، تحدث صوتاً إيقاعياً منغماً، وكانت «تيشي» تجيد هذه الرقصة بشكل متميز جداً، ما يجعل بديعة مصابني تعجب وتشيد بها قبل الجمهور، الذي لا ينقطع عن التصفيق طوال أدائها الرقصة، ما لفت نظر نعيمة، وجعلها تشعر بالغيرة من هذا النجاح ونظرات الإعجاب التي تلاحق «تيشي» فوق خشبة المسرح، وبعيداً عنه، قررت نعيمة أن تتعلم هذه الرقصة، وفي الوقت نفسه تتعلم إلقاء المونولوج.         

ظنت نعيمة أن السر في «الحذاء»، وفكرت أنها إذا ارتدته حتماً ستنطلق مثل «تيشي» تحدث الجلبة والأصوات الإيقاعية التي تحدثها، فدبرت مع شقيقاتها أمراً، ووزعت على كل منهن دوراً.    

انتهت تيشي من فقرتها، عادت إلى حجرتها، بدلت ملابسها، وخلعت حذاءها، وانصرفت من الصالة، ليبدأ دور الشقيقات الثلاث، حيث وقفت فاطمة في مواجهة السلم الذي يؤدي إلى الكواليس، ووقفت سيدة على مقربة من باب حجرة بديعة مصابني، أما نبوية فوقفت بالقرب من باب الخروج إلى الشارع، ليراقبن الطريق، فيما تسللت نعيمة إلى حجرة «تيشي» وقامت بسرقة الحذاء الخاص بها، لتفحصه، والوقوف على ما به من سحر يجعل «تيشي» تأتي بهذه الحركات والأصوات، وفي الوقت نفسه لتجربه خلال دقائق معدودة ثم تعيده إلى مكانه قبل أن يلاحظ أحد ذلك.

أمسكت نعيمة بالحذاء وراحت تقلبه بيديها، تتأمله، تتفحصه، إنه مجرد حذاء عادي، فقط كل ما يميزه قطع المعدن المثبتة أسفله، ارتدت نعيمة الحذاء، حاولت أن تتحرك به وتتراقص فلم تنجح، كررت المحاولة مرة ومرات، لكنها لم تستطع أن تحدث ما تقوم به «تيشي» على خشبة المسرح، من أين يأتي السحر إذن؟

أيقنت نعيمة أن «الحذاء» مجرد أداة في قدمي فنانة تطوعه لحركات تدربت عليها طويلاً، فقررت أن تخوض المغامرة للنهاية، فلم تعد الحذاء إلى مكانه، بل أخذته وذهبت به إلى صانع الأحذية وطلبت منه أن يثبت لها قطعاً من الحديد مشابهة على حذائها الخاص، ووسط دهشة الرجل من طلبها، وأمام إصرارها، نفذ ما طلبته منها.

أعادت نعيمة حذاء «تيشي» وتفرغت للعمل على كيفية الحركة بحذائها بعد إضافة قطع الحديد إليه.راحت تقضي جل وقت فراغها في التدريب ومحاولة الرقص به، غير أنها لم تجن نتيجة، يمكن أن تعتبرها، ولو بداية لطريق طويل من التدريب للوصول إلى غايتها، وعندما أيقنت أنها فشلت، جلست تبكي، لأنها لم تعتد الفشل، فتدخلت والدتها بحكمتها وخبرتها، لتضع يدها على الحل:

 

= اللي أنت بتعمليه ده كله مالوش لازمة.

* ماهو أنا مش هاسيبها إلا لما أعرف أرقص بيها.

= كدا... من غير تدريب؟

* ماهو على يدك كل يوم بقعد أدبدب بالتلات أربع ساعات... ومافيش فايدة.

= يا بنتي لازم مدرب... أنت تشوفي مين اللي بيدرب البنت الأرمنية دي وتروحيله يدربك.

* يعني ها يدربني ببلاش.

= مين قال بلاش... خدي آدي خمسة وعشرين قرش... خليهم معاك... إن طلب ريـال أديله... طلب الخمسة وعشرين قرش كلهم اديهمله... أنا لو أحتكم على أكتر من كدا أديلك... المهم يدربك زي تيشي.

* وأنا معايا نص ريـال يبقوا خمسة وتلاتين قرش... يا حبيبتي يا ماما... يا روحي يا ماما... ربنا يخليك ليا يا ماما.   

 

لم تضيع نعيمة وقتا، سألت عن مدرب «الكلاكيت» الذي يقوم بتدريب «تيشي» وعرفت أنه المدرب الإيطالي «باولو»:

 

- برافو برافو برافو... أنت يجي حلو كتير... بس أنت لازم يعرف أن «الكلاكيت» صعب كتير.

* أنا عارفه يا خواجة... ومستعدة.

- برافوا... شوف أنت يحتاج عشرة حصة... كل حصة واحد ساعة... بعدها أنت يجي بروفشنل. 

* لا لا يا خواجة... أنا عايزة أعرف أرقص مش عايزة أبقى بروفشنل.  

- برافو برافو برافو... لكن أنت لازم يدفع كل حصة واحد جنيه وعشرين قرش.

* إيه؟ ميه وعشرين قرش في الحصة الواحدة... يا دي النيبة... أعمل إيه دلوقت... بس أنا يا خواجة مش معايا أدفع الفلوس دي كلها.

- خلاص علشان خاطر الأنت أنا ممكن يعمل تنزيل... أنت ممكن يدفع مية قرش بس في الحصة.

* كتر خيرك يا خواجة... مية قرش... يعني عشرة جنيه في العشر حصص... أجيبهم منين؟

- أوه بردون مودموذيل أنا مش يقدر يعمل تنزيل أكتر.         

 

الحذاء الساحر

 

خرجت نعيمة حزينة تبكي لضياع حلمها بتعلم رقصة «الكلاكيت» سارت في الشارع على غير هدى، لا تعرف إلى أين تذهب؟ ولا من أين تدبر هذا المبلغ الكبير الذي طالبها به مدرب الرقص، فهو ما يعادل ثلثي أجرها هي وشقيقاتها لشهر كامل في صالة بديعة، حتى إذا وافقت والدتها وشقيقاتها على دفع المبلغ، فهو ما يعني أنهن سيقضين ثلثي الشهر بلا طعام، ولن يستطعن دفع أجرة المنزل، إنها معادلة شبه مستحيلة، ما جعلها تندب حظها وتضرب الأرض بقدمها بقوة، فأحدثت الضربة صوتاً أقرب إلى صوت «الكلاكيت». تنبهت له، فنظرت إلى قدميها، وأعادت الضربة بقوة أقل، فأحدثت صوتاً أفضل. اكتشفت أن قطع المعدن التي ثبتتها أسفل الحذاء تحدث صوتاً إذا ما اصطدمت بحجر «البازلت» الذي مهد به الشارع، فراحت تجرب بعض الأكروبات الراقصة التي تتقنها جيداً، وهي تضرب الأرض بقدميها من آن إلى آخر حسب شكل الحركة، فوجدت نفسها تقدم استعراضاً أقرب إلى «رقصة الكلاكيت»، لم تصدق نفسها وما قامت به، فراحت تصرخ وهي تركض فرحة، وتهتف: لقيتها لقيتها لقيتها.

قررت نعيمة أن تتولى تدريب نفسها بنفسها. كانت ما إن تنتهي فقرتها مع شقيقاتها في صالة بديعة، تجلس شقيقاتها، وتبقى هي في الكواليس في انتظار أن تقدم «تيشي» فقرتها من «رقصة الكلاكيت» فتظل تراقبها بعينين مفتوحتين لا تغادران قدمي «تيشي» إذا صعدتا صعدتا معهما، وإذا هبطتا هبطتا معهما. ما إن تنتهي الفقرة، حتى كانت نعيمة تخرج إلى الشارع بصحبة شقيقاتها، لتنفذ الحركات التي تتعلمها يوماً بعد يوم من «تيشي». حتى إنه لم تمر ثلاثون ليلة من التدريب المتواصل، إلا وأتقنت نعيمة «رقصة الكلاكيت» تماماً، بقي فقط أن تختبر ذلك أمام جمهور حقيقي. راحت تتحين الفرصة، لمفاتحة بديعة في الأمر، خصوصاً أنها تتحمس بشكل كبير للراقصة الأرمنية، حتى ساعدتها الأقدار في الحصول على هذه الفرصة التي تنتظرها، عندما حدث التواء في مفصل قدم «تيشي» وهي تصعد درجات سلم الكواليس، ما استلزم بقاءها في الفراش لمدة أسبوعين.

مرت الثلاثة أيام الأولى دون تقديم فقرة «الكلاكيت» في صالة بديعة، ورغم سؤال الجمهور الدائم عن «تيشي» وإلحاحه في طلبها، فإن بديعة لم تفكر في الاستعانة براقصة غيرها. هنا لم تجد نعيمة بدا من مفاتحة بديعة في الأمر:

 

= هاهاها... أنت يا نعيمة... أنت عارفه يعني إيه كلاكيت.

* أيوا يا ست بديعة طبعا... هو أنا عبيطة.

= مش قصدي يا حبيبتي... بس أنا عايزة أقول إن دا فن له رقصات مخصوص... وله مدربين، والرقصات بيقعدوا يتدربوا شهور طويلة، ويمكن أكتر من سنة علشان يعرفوا يرقصوا كلاكيت... وأنت صحيح بتعملي أكروبات وبترقصي كويس... لكن الكلاكيت حاجة تانية عمرها مامرت عليك.

* أديني فرصة وأنت تشوفي... وبعدها أحكمي بعرف ولا لا.

= نعيمة... أنت في صالة بديعة...عارفه يعني إيه صالة بديعة... يعني لو فشلتي مش هايبقى لك مكان لا أنت ولا أخواتك في الصالة.

* وأنا موافقة.         

البقية في الحلقة المقبلة