اتضح منذ أيام أن المعارضين في الكونغرس لن ينجحوا في عرقلة الاتفاق بين إيران وقوى العالم الست الهادف إلى ضبط برنامج الجمهورية الإسلامية النووي مقابل التخفيف من العقوبات الاقتصادية القاسية، فعندما أصبحت السيناتورة باربرا ميكولسكي (ديمقراطية من ماريلاند) عضوة مجلس الشيوخ الرابع والثلاثين الذي يصدق على هذا الاتفاق، حصل الرئيس الأميركي على كل الأصوات التي يحتاج إليها ليستعمل حق النقض في حال مرر الكونغرس قراراً يعارض الصفقة.
ولكن يوم الثلاثاء، تخطى عدد السيناتورات الذين يدعمون الصفقة الأربعين، مما يعني أن أوباما قد لا يُضطر إلى اللجوء إلى هذا الحق، وبدلاً من ذلك يستطيع حلفاؤه في مجلس الشيوخ اللجوء إلى المماطلة السياسية بغية منع التصويت على القرار، وقد لا يحدث أمر مماثل، فيقرر رغم ذلك بعض أعضاء مجلس الشيوخ، الذين يدعمون الاتفاق، أن على المجلس التصويت عليه مباشرة، لكن احتمال اللجوء إلى المماطلة السياسية بحد ذاته أثار غضب الجمهوريين، إذ أعلن زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن أعضاء المجلس "لهم الحق في التصويت بنعم أو لا، لا اللجوء إلى المماطلة السياسية وفرض حدود اصطناعية على تمرير الاتفاق".إلا أن اعتراض ماكونيل غير مقنع، شأنه في ذلك شأن اقتراح السيناتور توم كوتن (جمهوري من أركنساس) أن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد من نيفادا "يريد أن يحرم الشعب الأميركي من التعبير عن رأيه بإعاقته عن التصويت بنعم أو لا على هذه الصفقة المريعة".مهما كان رأيك بشأن الاتفاق مع إيران (أيدته هذه الصحيفة رغم شوائبه)، فمن الصعب رؤية الأسباب التي يجب أن تدفعنا إلى التعاطي معه بشكل مختلف عن أي تشريع آخر، سواء كان حيوياً أو تافهاً، فبموجب قواعد مجلس الشيوخ الحالية، من الضروري تأمين 60 صوتاً لإنهاء المماطلة السياسية والانتقال إلى تصويت نهائي على مشروع القانون موضوع الخلاف (كبديل لتصويت مماثل، يقترح ريد صفقة تحتاج إلى 60 صوتاً بغية تمرير قرار الرفض).لطالما انتقدنا اللجوء إلى المماطلة السياسية لعرقلة تعيينات الرئيس (علماً أن هذه الممارسة انتهت عموماً عام 2013) والتشريعات على حد سواء، ولكن ما دمنا بحاجة إلى 60 صوتاً لوقف المناظرة فلا نرى لمَ يجب أن تشكل هذه المسألة استثناء، وإن كان الجمهوريون، الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ، يعتقدون أن مطلب الستين صوتاً يكبت صوت الشعب الأميركي، فعليهم أن يتوجهوا إلى تغيير القواعد في المجلس.يخشى الجمهوريون أن يفقد الشعب ثقته باتفاق اعتمد على "باب المماطلة السياسية الخلفي"، قد يقول البعض الأمر عينه لو أن الرئيس أنقذ الصفقة باستخدامه حق نقض يعجز الكونغرس عن عرقلته، لكن كلتا النتيجتين لم يمنعهما القانون الذي منح الكونغرس دوراً في هذه العملية، إلا أنه خص الرئيس بالدور الأقوى في الشؤون الخارجية، ففي النهاية، ستعتمد شرعية هذا الاتفاق على ما إذا كان سينجح في تحقيق الأهداف منه، لا على العملية البرلمانية التي اعتمدتها الولايات المتحدة لتوافق عليه.
مقالات
تفاخر ومماطلة في الشأن الإيراني
15-09-2015